سورية

أبو عبدالله: لا انتقال إلى لقاء دبلوماسي قبل إنجاز ميداني.. مقلد: يحقق المصالح … في حوار «التحوّل الجديد تجاه سورية»: رغبة أنقرة أمر حقيقي وجدي

| منذر عيد

أكد الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة دمشق بسام أبو عبد الله، أن التحول في السياسة التركية إزاء سورية، ورغبة أنقرة بالتقارب من دمشق أمر جدي وحقيقي وعميق، وأن دمشق لا تجد مشكلة في التقارب شريطة انسحاب الاحتلال التركي من الأراضي السورية المحتلة، ووقف دعم الإرهاب، من دون أن يكون التقارب لمجرد التقارب، وتقديم هدايا بالمجان.

وقال أبو عبدالله في حوار طاولة مستديرة جرى في مقر الأكاديمية السورية الدولية أمس تحت عنوان «التحول الجديد في الموقف التركي تجاه الأزمة السورية»: «لا مشكلة لدى سورية في الحوار مع أنقرة، وتمت لقاءات أمنية منذ وقت في طهران وموسكو، لكنها لم تنتج شيئاً في السابق، ولكن هدف سورية ليس اللقاءات والترويج لها، وإنما هناك هدفان أساسيان تتحدث عنهما دمشق، تحرير الأرض، وانسحاب الاحتلال التركي من الأراضي السورية المحتلة، ووقف دعم الإرهاب».

وشدد على أنه لن يكون هناك انتقال إلى اتصالات سياسية أعلى بين الجانبين قبل إنجاز شيء ميداني، ويكون هناك شيء ملموس على الأرض، بمعنى تحقيق المرحلة الميدانية العسكرية، مشيراً إلى أنه لا يوجد لدى دمشق هدايا مجانية لتقديمها إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليكسب في الانتخابات.

وأكد أن أميركا تعرقل تقارب أنقرة من دمشق، حيث أعادت الانتشار في منطقة الجزيرة باتجاه محافظة الرقة، وتحاول إعادة إحياء مجموعات مسلحة مختلفة هناك تحت مسميات مختلفة، «ويقولون علنا إنهم ضد التقارب، ويعملون على منع ذلك بشراسة بأدواتهم داخل تركيا وخارجها»، موضحاً أن «قسد» تعارض التقارب السوري- التركي، وترى أنه مقتل بالنسبة لها، وسيضيق عليها المشروع الانفصالي، وكذلك تنظيمات القاعدة والنصرة، وما تسمى «المعارضة السورية» يعارضون التقارب.

وبيّن أبو عبدالله، أن المؤسسة الأمنية والعسكرية هي التي تقود تحول تركيا تجاه سورية، حيث أكدت من خلال تقييمها قبل سنتين أن الخيار الذي تنتهجه أنقرة في السياسة الخارجية لم يعد منتجاً، ولا يمكن الاستمرار مع سورية بهذا الأسلوب، بمعنى أن مشروع إسقاط الدولة السورية انتهى، وعدم التعاطي مع القيادة السورية أصبح كلاماً لا قيمة له.

واعتبر أن من أسباب التحول التركي هو إخفاق مشروع الإسلام السياسي، الذي بدأ يتراجع في المنطقة من تونس إلى مصر وغيرها، وكذلك ملف اللاجئين الذي بدأ يتحول إلى عامل ضاغط وانتخابي ومحل مزاودة بين الحكومة التركية والمعارضة، إضافة إلى حدود قدرات الدولة التركية، فهي ليست دولة عظمى، وهي متوسطة القدرة، مع تزايد حجم الإنفاق على جيش الاحتلال التركي في تركيا وهو 1.2 مليار دولار، كذلك من الأسباب سقوط نظرية وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو«مذهبة السياسة الخارجية»، بالإضافة إلى تزعزع الثقة بالولايات المتحدة، لأن أميركا كانت تعدهم بشيء واتضح أنها هي من تدعم مشروع ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالي، وهذا خطر على الأمن القومي التركي، لأنه في حال تم تثبيت موضوع الفدرلة في الدستور السوري، سوف ينتقل إلى تركيا وهذا خطر كبير على تركيا.

وأشار أبو عبدالله إلى أن هناك فوائد اقتصادية متبادلة، من خلال البوابات الحدودية وتجارة الترانزيت بين أوروبا ودول الخليج، وهناك غاز شرق المتوسط، فتركيا خارج نادي الغاز الذي أقيم بين مصر و«إسرائيل» واليونان، وهناك جدل بين تركيا والغرب فيما يتعلق باقتسام الغاز وحصة قبرص التركية غير المعترف بها دولياً، وهناك مصلحة سورية إزاء المحاصصة بالغاز.

وبالنسبة إلى موقف المعارضة التركية، التي تتكون من ستة أحزاب، أوضح أبو عبدالله أنها لا تتفق إيديولوجياً، ولكن هدفها واحد هو إسقاط أردوغان، مشيراً إلى أنهم عبّروا عن نيتهم فتح السفارات وإعادة العلاقات والتحاور مع الحكومة السورية، لكنهم لم يظهروا موقفاً تجاه أمرين أساسيين، أولهما عدم إدانة الاحتلال الأميركي للأراضي السورية، وثانيهما لم يتحدثوا عن مشروع «قسد»، إضافة إلى أن المعارضة التركية «أطلسية» بالمطلق، وضد روسيا والصين وإيران.

وعن مواقف شركاء سورية، أوضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدعم أردوغان، لأمور تتعلق بتركيا وبما يربط البلدين من مصالح مشتركة، ولموقع تركيا الحساس بالنسبة للأمن القومي الروسي، سواء في أوكرانيا والبوسفور والدردنيل، مركز الغاز، العقوبات الأميركية، والغرب يقف ضد أردوغان في الانتخابات بشكل علني وواضح جداً في ذلك، وكذلك إيران فهي تدعم أردوغان، ودول الخليج تدعمه أيضاً لأن الجميع يريد استقرار المنطقة، وهي ترى أن التعاطي مع شخص أردوغان أسهل من التعاطي مع ستة أحزاب لا يجمعها جامع لا إيديولوجي ولا سياسة خارجية، وتلك المواقف ليست محبة بأردوغان بل رغبة في استقرار المنطقة.

وقال:«أردوغان أتى على رأس مشروع حزب العدالة والتنمية كقاطرة لما يسمى مشروع الإسلام السياسي، و«الربيع العربي»، وهذا الأمر مثبت فهناك 33 تصريحاً لأردوغان يقول: أنا نائب رئيس مشروع الشرق الأوسط الكبير، ودخل هذا المشروع على أساس أنه سيعطي تركيا دوراً أكبر في المنطقة وسيجري تقسيم سورية والعراق وستتبع الكنتونات التي ستقسم إلى تركيا حيث تصبح هي الرئة لها، وتم اعتبار أردوغان في المشروع مرجع الإسلام السياسي العربي».

بدوره أكد عميد كلية العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة الشام الخاصة وأستاذ العلاقات الدولية حسين مقلد، أن تركيا دولة مهمة في المنطقة، ولاعب إقليمي من ضمن دول أخرى.

وأشار إلى أن التحول في السياسة التركية لم يستهدف تحسين العلاقة مع سورية، ولكن الانفتاح على كامل دول المنطقة، وأشار إلى أن من أسباب تلك التحولات هو المتغير الاقتصادي، ومعاناة تركيا من أزمات اقتصادية، إضافة إلى العامل الكردي.

وأكد أن التقارب سوف يحقق مصالح سورية، في ظل ما تعانيه من مشاكل اقتصادية، وأن دمشق مع تحسين العلاقات الدولية، ومع الانتقال من النظرية الواقعية إلى النظرية الليبرالية، والاعتماد المتبادل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن