رياضة

مشاكل كرة القدم المحلية على صفيح ساخن … إدارات هاوية وأزمات متلاحقة والحلول غائبة

| ناصر النجار

أحداث كثيرة شهدتها مباريات هذا الأسبوع من المسابقات الرسمية في كل الدوريات التي تقام على كل الملاعب السورية، وربما الحدث الأبرز كان في لقاء الكرامة مع جبلة حيث توقفت المباراة في الدقيقة 94 بعد الإعلان عن ركلة جزاء لم يهضمها لاعبو الكرامة.

فساد الهرج والمرج على أرض الملعب وعلى المدرجات ولم يكن من بد لحكم المباراة بعد أن رفض لاعبو الكرامة تنفيذ ركلة الجزاء لغياب الحارس من الإعلان عن نهاية المباراة لعدم القدرة على استكمالها وسط توتر الأجواء.

وتباينت الآراء في الحكم على المباراة بين المراقبين والفنيين، فبعضهم يقول إن الكرامة انسحب، والبعض الآخر يشير إلى أن الأجواء لم تكن تساعد على استكمال المباراة، حتى جاء القرار الحاسم من لجنة الانضباط والأخلاق بأن الكرامة لم ينسحب.

واللجنة اعتمدت في قرارها على تقريري الحكم والمراقب اللذين أكدا أن فريق الكرامة لم ينسحب بدليل بقاء الفريق على المضمار ولو انسحب لخرج كلياً من الملعب إلى المشالح، ولكن كان يعترض على القرار ويحتج على ركلة الجزاء بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وفي خضم هذه السجالات على أرض الملعب دخل الجمهور كشريك في الضغط على الحكم فقام بشتم الحكم ورمى الحجارة وزجاجات المياه الفارغة على أرض الملعب فأصابت إحداها الحكم المساعد الثاني وكانت هذه الحالة هي التي قصمت ظهر البعير فتوقفت المباراة إلى غير رجعة.

الحالة باتت واضحة وفصول الأحداث كلها مدونة في تقريري الحكم والمراقب فكانت العقوبة الصارمة التي يستحقها الكرامة من مبدأ الخروج عن أدب الملاعب وقد نسف بعض اللاعبين بالقوانين عرض الحائط.

من الطبيعي أن يكون القرار الأول خسارة الكرامة أمام جبلة صفر/3 لأنه المسؤول عن كل أحداث المباراة.

والغرامات المالية بلغت ستة ملايين ليرة بسبب الشتم ورمي الحجارة والزجاجات الفارغة، إضافة لإقامة المباراة القادمة على أرضه بلا جمهور وستكون المباراة الثانية في مرحلة الإياب مع المجد.

الخسارة قد تكون أمراً طبيعياً، والغرامات المالية قد تكون مقدوراً على دفعها، لكن عقوبة أربعة لاعبين سيكون لها تأثير فني على الفريق، فالعقوبات طالت اللاعبين عبد الملك عنيزان وتامر حج محمد وهمام أبو سمرة ومصعب بلحوس، وإذا علمنا أن الفريق يفتقد لاعبيه الشباب الثلاثة عن المنتخب فإننا نقول: جنت على نفسها براقش!

جمهور الكرامة بقي الجمهور المثالي الذي لم يتعرض لأي عقوبة حتى الأسبوع التاسع، وبقي الفريق مثالياً بكل شيء وبجميع الحالات سواء فاز أو خسر أم تعادل، لكن استفزاز لاعب الوثبة أنس بوطة بلقاء الوثبة أخرج الجمهور عن طوره، وزاد الحنق في ركلة الجزاء الجبلاوية.

وفي تلك الحالتين على الجمهور أن يكون أكثر هدوءاً ووعياً لأنه بخروجه عن أدب الملاعب أحرج فريقه وتسبب له بعقوبات.

ولو استمهل الجمهور قليلاً فربما انقلب السحر على الساحر، فهل كل ركلة جزاء سددت دخلت المرمى؟ لذلك كان من الأجدى أن ينتظر الجميع تنفيذ ركلة الجزاء بغض النظر عن صحتها من عدمه، ولو سجلت فخسارة بهدف أهون من خسارة قانونية مثقلة بالعقوبات والغرامات المالية.

والمراقبون في الفترة الأخيرة أشادوا بالتقلبات الواضحة بالفريق، فقد ارتقى أداؤه مباراة بعد أخرى، وبدأ يقدم مستويات جيدة، لكن علّته كانت بالعقم واللمسة الأخيرة، وهذا ما شاهدناه بلقاء الوثبة، فقد كان الكرامة أفضل على كل المستويات، وأمام جبلة لو أنصفت كرة القدم لسجل لاعبو الكرامة أربعة أهداف في الشوط الأول وحده، لكن رعونة المهاجمين وتسرعهم من جهة، وتألق حارس جبلة يزن اعرابي من جهة أخرى أوصلت المباراة إلى ما وصلت إليه.

الكرامة أنهى مشوار الذهاب بعشر نقاط من انتصارين على المجد والوحدة وأربعة تعادلات مع تشرين والوثبة والطليعة وحطين وأربع خسارات مع أهلي حلب والفتوة والجيش، وجبلة سجل ثلاثة أهداف فقط ودخل مرماه سبعة أهداف ومع الأهداف القانونية صارت عشرة، والفريق أسوأ مسجل في الدوري.

ليس هناك حل لفريق الكرامة إلا بتضميد الجراح والبحث عن البدائل من اللاعبين والعمل على بداية الإياب بكل ثقة ليعود الكرامة إلى ملاعبنا نسراً محلقاً كما عهدناه سابقاً.

عذر غير مقنع

انسحاب فريق شباب المجد من لقاء شباب أهلي حلب في الأسبوع الثاني من إياب دوري شباب الممتاز رسم الصورة الواضحة لنادي المجد الذي يعاني أزمات عديدة مالية وإدارية وتنظيمية.

والانسحاب هو عبارة عن هروب من الهزيمة أو من المصروف أو من كليهما، وربما فكر من يقود النادي أن الخسارة واقعة سواء لعبنا أم لم نلعب، لذلك فلنكسب المال الذي سيتم إنفاقه في السفر إلى حلب!

ربما هذا هو السبب الذي تحدث به البعض وراء الكواليس، بل إن أحدهم قال: إن النادي لا يملك أجرة الباص ونفقات السفر إلى حلب لذلك تم الاعتذار!

شباب المجد منذ البداية كان ضيفاً على الدوري فخسر كل مبارياته من دون أن يترك بصمة في مباراة من المباريات، وما زاد الطين بلة أن مدرب الفريق محمد أيوب ومدرب حراس المرمى وليد موعد حاولا الاعتداء على حكم اللقاء مع حطين قبل أسبوع في الدوري على ملعب النادي.

وإذا اطلعنا على وضع كرة القدم في النادي رأينا أن الرجال ليسوا بأفضل حال من شبابهم، فلم يقدموا حتى الآن العرض المطلوب ولم يحققوا النتائج التي تسر عشاق الفريق، فمن أصل تسع مباريات لعبها حتى الآن خسر سبع مباريات وتعادل مع الطليعة 1/1 ومع حطين 3/3 والغريب أن التعادلين حصلا خارج أرض المجد، بينما الخسائر حصلت على أرض المجد مع الجيش والكرامة وجبلة وتشرين والوحدة ومع الوثبة وأهلي حلب خارج أرضه.

المباراة الأخيرة للفريق في الذهاب سيلعبها مع الفتوة بدمشق يوم السبت القادم.

نادي المجد مر بتخبطات عديدة ومواقف صعبة على صعيد الإدارة والتغيير الذي طرأ عليها عدة مرات، رافقه اضطراب فني مع توالي استقالة المدربين، فبدأ بهشام شربيني ثم محمد خلف وعماد دحبور وعبد الهادي الحريري وأخيراً مصعب محمد، موضوع نجاة فريق المجد من الهبوط أمر ممكن رغم غلته القليلة شريطة أن ينتفض في الإياب ويحقق النتائج التي تشفع له بالبقاء.

لن نخوض بأوضاع النادي، لكن من حقنا أن نسأل: إذا كان نادي المجد بما يملك من منشآت واستثمارات عديدة عاجزاً على الصمود بالدوري الممتاز رجالاً وشباباً فلا عتب على أندية لا تملك مقرات لها.

وفي قراءة سريعة فإن الناديين اللذين صعدا إلى الدرجة الممتازة لم يحققا أكثر من نقطتين في الدوري، ونحن نذكر أن نادي الجزيرة عندما استبعد من الدوري لم يحقق أي نتيجة إيجابية وخسر كل مبارياته.

وهذا يلقي الضوء على واقع دوري الدرجة الأولى، وحسب المواسم السابقة فإن الأندية التي تصعد إلى الدرجة الممتازة لا تلبث أن تهبط إما بالموسم ذاته أو بعد موسمين كفرق حرجلة والساحل وعفرين والنواعير والحرية والجزيرة، وهذا حدث في السنوات الثلاث الماضية، أما قبلها فإن الأندية التي هبطت من الدرجة الممتازة إما تلاشت كفرق مصفاة بانياس وحرفيي حلب وإما أنها لا تفكر بالصعود كالمحافظة.

لذلك نجد أن هناك سببين رئيسيين في ذلك، السبب الأول والأهم: أن دوري الدرجة الأولى بشكله الحالي لا يؤهل أي فريق ويصقله ليكون بكامل الجاهزية لخوض منافسات دوري الدرجة الممتازة، فأسلوب دوري الدرجة الأولى يقتضي توزيع الفرق على مجموعات أربع، فالفريق المؤهل للصعود لا يلعب مباريات كثيرة، وأغلب مبارياته مع فرق متواضعة المستوى، لذلك عندما يتأهل الفريق إلى الدرجة الممتازة يجد نفسه غريباً على الدوري، والخلاصة أن الدوري في قسمه الثاني لا يؤهل الفرق ولا يصقلها ولا يضعها في الجاهزية الفنية والبدنية، والسبب الثاني: إن نوعية اللاعبين في الدرجة الأولى أقل مما عليها في الدرجة الممتازة، وعندما يتأهل الفريق إلى الممتازة يجد الفوارق الكبيرة وخصوصاً الفرق التي لا تملك الإمكانيات المالية الكبيرة، ولو تيسر لها بعض المال وتعاقدت مع بعض اللاعبين فإنها ستجد صعوبة في تحقيق الانسجام والتناغم في الفريق.

لذلك فإن الحلول الناجعة تقتضي رفع مستوى الدرجة الأولى من خلال اختصار فرقها إلى 12 أو عشرة فرق في مجموعة واحدة كالدوري الممتاز، والمفترض من اتحاد الكرة أمام هذه الأزمات الكثيرة المالية وغيرها ألا يسمح بدخول الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى إلا للفرق التي تملك شروط المشاركة وأهمها الإمكانيات المالية.

سيدات الجهاد

نادي الجهاد خاطب اتحاد كرة القدم بعدم قدرته على الاستمرار بدوري السيدات لكرة القدم وانسحابه من بطولة كأس الجمهورية للسيدات أيضاً.

المشكلة أن حسابات نادي الجهاد لم تكن صحيحة لذلك جاء الانسحاب لأسباب مالية وهو ليس عذراً في عالم كرة القدم، لأن الأندية قبل المشاركة يجب أن تدرس واقعها وأن تحصي إمكانياتها، واتحاد الكرة أخذ تعهداً من الأندية بهذا الدوري بعدم الانسحاب لأي سبب وفي حال المخالفة سيتم توقيف النادي لمدة عامين وتحرير كشوف لاعباته.

المشكلة الأصعب أن إدارة النادي وقعت عقوداً مع عدد من اللاعبات من أندية أخرى ومن محافظات حمص ودمشق وحماة والسويداء، فهل هي قادرة على تسديد التزاماتها المالية تجاه اللاعبات أم إن الجميع سيدخل غرفة فض النزاعات؟

من الخطأ دوماً أن نستند في تقصيرنا إلى الظروف وأن نبحث دوماً عن الأسباب والمبررات، وهذه لا تصنع كرة القدم، فالإدارات مسؤولة عن بناء كرتها وعن تأمين كل مقومات النجاح، ولكن العلة أن الإدارات باتت خليطاً من رياضيين وغيرهم فضلاً عن المنتفعين والمتنفذين الذين دخلوا الرياضة من أجل الشهرة أو من أجل المنفعة الشخصية، وهذا كله أضر بكرتنا ووضعها بالحضيض، فالكثير من أنديتنا لا يقودها خبراء اختصاصيون، أو إن هؤلاء فشلت خياراتهم وجاء رهانهم بغير مكانه الصحيح.

كرة القدم بحاجة إلى نفضة شاملة لتصحو من غفلتها ولتبدأ مسيرة العمل الصحيح والنهوض من ركام الجهل والتخلف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن