بهدف إحداث «اختراق» على الأرض وباعتباره أول مخرجات تقارب أنقرة من دمشق … مساعٍ لوضع طريق حلب- اللاذقية في الخدمة قبيل الانتخابات التركية
| حلب - خالد زنكلو
تسعى إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبالتنسيق مع الجانبين السوري والروسي لإعادة وضع طريق عام حلب- اللاذقية المعروف بـ«M4» في الخدمة، قبيل الانتخابات التركية المزمع إجراؤها في أيار القادم، على اعتباره أول مخرجات تقارب أنقرة من دمشق وأحد أهم «الاختراقات» في ملف المصالحة السورية- التركية، التي يمكن تنفيذها على الأرض لإذابة جليد القطيعة بين البلدين منذ أكثر من عقد.
وعلمت «الوطن» من مصادر معارضة مقربة من فصائل أنقرة في إدلب، أن إدارة أردوغان تعتزم خلال الفترة المقبلة إجراء «ترتيبات» على الأرض على طول مقطع الطريق الدولي الذي يصل بلدة ترنبة غرب سراقب بريف إدلب الشرقي بتل حور شمال اللاذقية، بغية تذليل عقبات افتتاح الطريق، الذي يسيطر على جانبيه تنظيم «جبهة النصرة» المدرج على قوائم الإرهاب الدولية، بما فيها التركية.
وضمن هذه الجهود، كشفت المصادر أن اجتماعاً عقدته أول من أمس في معبر باب الهوى، الحدودي مع تركيا شمال إدلب، الاستخبارات التركية مع متزعمين في «النصرة» وميليشيات «حركة أحرار الشام الإسلامية»، التي تشاركها في ما تسمى غرفة عمليات «الفتح المبين» التي يتركز نشاطها في إدلب والأرياف المجاورة، من أجل بحث «الترتيبات» التي يمكن فرضها على الأرض لتأمين فتح «M4».
وقالت: إن الاجتماع بحث إعادة الدوريات العسكرية المشتركة الروسية- التركية إلى الطريق السريع وضمان أمنها، بعد توقفها منذ آب ٢٠٢٠ بسبب استهدافها من المتطرفين الإسلاميين بعد تسيير ٢٤ دورية منها، وهو هدف أولي ومرحلي لإدارة أردوغان التي أوعزت مطلع الشهر الجاري لجيش احتلالها في المنطقة ببدء عمليات إزالة العبوات الناسفة على ضفتي الطريق، بشكل خجول.
وبينت أن الإجراءات اللوجستية التي يتطلب تنفيذها على ضفتي الطريق الدولية، بغض النظر على الخلاف الدائر حول أحقية تشغيله وعلى طول أكثر من ٧٠ كيلو متراً، تتطلب جهوداً كبيرة ووقتاً طويلاً، لا تعجز الاستخبارات وجيش الاحتلال التركي عن تلبيتها قبيل موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية.
مصادر مطلعة على أجواء المباحثات الأمنية والدفاعية السورية التركية ذكرت لـ«الوطن»، أن مناخ التقارب بين البلدين، وعلى الرغم من تراجع منسوب تصريحات مسؤولي إدارة أردوغان عن ملف التقارب منذ لقاء وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو في واشنطن بنظيره الأميركي أنطوني بلينكن في ١٨ الشهر الجاري، ملائم للدفع بتطوير «بوادر الثقة» بين البلدين، وفي مقدمتها إعادة الحياة لأهم شريان حيوي اقتصادي وسيادي يربط شمال وشرق سورية بغربها، وبدفع وضغط من موسكو العازمة على إحداث «اختراق» في ملف المصالحة، في ظل إبداء القيادة السورية موقفها الثابت والصريح في وقف دعم الإرهاب وإجلاء الاحتلال التركي عن أراضيها.
ورأت، أن فتح «M4» أمام حركة المرور والترانزيت بعد توقفه منذ مطلع ٢٠١٢، مهم وممكن لجهة تشميله في اتفاقات «خفض التصعيد» الروسية- التركية، ولاسيما «اتفاق موسكو» العائد لمطلع آذار ٢٠٢٠، وتأخر إدارة أردوغان في تطبيقه للحصول على امتيازات ورفع سقف مفاوضاتها مع القيادة السورية.
ولفتت إلى أن اللجان المشتركة السورية- التركية العسكرية والاستخباراتية المشكلة عقب اجتماع وزيري دفاع البلدين في موسكو بـ٢٨ كانون الأول الماضي، ناقشت مسألة فتح «M4» وأن إدارة أردوغان، وفي إطار «حسن النية»، مهتمة بإنجاز هذا الاستحقاق لتسريع عملية التطبيع، وما يستوجب ذلك من انسحاب الإرهابيين من ضفتي الطريق بعمق ٦ كيلو مترات، وفق «اتفاق موسكو» وقبله «اتفاق سوتشي» الروسي التركي في حزيران ٢٠١٧، الذي نص على طرد الإرهابيين من منطقة «خفض التصعيد» في إدلب برمتها.
وخلصت المصادر إلى القول: إن المضي بإجراءات تقارب أنقرة من دمشق ضرورة ملحة للأولى، في ظل انسداد أفق شن عملية غزو برية لاقتطاع جزء جديد من الأراضي السورية نتيجة ممانعة موسكو وواشنطن، ومع اقتراب موعد الانتخابات التركية التي تعول إدارة أردوغان على تحقيق مكسب في العلاقة التصالحية مع القيادة السورية لحل مشكلة اللاجئين السوريين داخل تركيا وانتزاع هذه الورقة الحيوية من المعارضة التركية.