يتساءل عضو الكونغرس الأميركي السابق عن الحزب الجمهوري رون بول في مقال نشره في المجلة الإلكترونية «أنتي وور» في 31 كانون الثاني الماضي عن الهدف الأميركي من الإعلان عما ترسله إدارة الرئيس الأميركي جو بايدين من «عربات مسلحة ودبابات أبرامز المتطورة التي تعد من أحدث الدبابات الأميركية لأوكرانيا وهل ستنتقل من نقل الدبابات إلى نقل الطائرات ثم الوصول إلى حافة حرب نووية»؟
ومع ذلك يرى البعض أن وزارة الدفاع الأميركية لها مصلحة في اختبار كل ما يمكن من الأسلحة الأميركية في ساحة حرب حقيقية لمعرفة ما يمكن استنتاجه لأغراض سد ثغرات قد تظهر في أثناء استخدام القوات الأميركية لها في لحظة حرب مباشرة، ويرى آخرون أن الغاية من نقل كل هذه الدبابات والمعدات الحربية الأميركية والأوروبية قد يكون بهدف تخزينها في أوكرانيا في الوضع الراهن الذي لا يعد حرباً مباشرة مع موسكو بانتظار استخدامها من قبل الجنود الأميركيين إن تطورت الحرب إلى حرب عالمية بين حلف الأطلسي وموسكو، لأن تدريب الجنود الأوكرانيين عليها سيستغرق بموجب رأي الخبراء بالأسلحة شهوراً قبل قيادتها في أرض المعركة، إضافة إلى احتمال أن يؤدي إطالة زمن الحرب على موسكو إلى دفع الأطراف المتحاربة نحو الصدام المباشر، لأن معظم الخبراء العسكريين لا يصدقون قول الرئيس بايدين إن هذه الدبابات لأغراض دفاعية وليس هجومية، علماً أن دبابات أبرامز استخدمها الجيش الأميركي في الهجوم على القوات العراقية التي احتلت الكويت عام 1991، وهناك هدف ثالث من الإعلان عن كل هذا الدعم العسكري الأميركي المباشر وهو محاولة زيادة قدرة الردع المتآكلة للغرب بعد المكاسب العسكرية التي حققتها موسكو على الولايات المتحدة والغرب في ساحة الحرب على أراضي أوكرانيا خلال السنة الماضية.
فالغرض الأميركي والغربي بشكل عام واضح من إرسال كل هذه الدبابات من واشنطن وأوروبا، وهو محاولة استعادة الغرب لما احتلته روسيا من أراض داخل أوكرانيا وخاصة إذا كانت النية تتجه نحو استعادة شبه جزيرة القرم التي أصبحت جزءاً من السيادة الروسية، فهذا الإجراء الغربي الهجومي قد يؤدي إلى حرب عالمية لأن موسكو هددت بأنها سترد بكل ما لديها من قوة على أي محاولة من هذا القبيل، ولذلك يعول معظم المحللين في أوروبا على أن مسألة الوصول إلى تحول في المسار السياسي للحرب الغربية على موسكو رهن بموقف أوروبي قادر على إيقاف هيمنة القرار الأميركي في استمرار الحرب على روسيا، فقد ظهرت مؤشرات في هذا الاتجاه بسبب تذمر دول أوروبية من سيطرة القرار الأميركي الهادف إلى الاستمرار في الحرب ومنع المفاوضات بين موسكو وكييف، وثمة دول أوروبية ترى أن الولايات المتحدة هي التي تحقق الأرباح من هذه الحرب في حالة إذا هزمت أوكرانيا لأن واشنطن هي التي ستستأثر بفرصة إعادة الأعمار، وكذلك في حالة إذا هزمت موسكو، لأن الوضع نفسه سيحقق الربح لواشنطن، ويبدو أن انتقاد السياسة الأحادية التي تفرضها أميركا في الموضوع الأوكراني بموجب ما ذكرته مجلة «بوليتكو» الأميركية قبل أسابيع، بدأ يزداد وقد يبلغ في المستقبل القريب درجة تفتت الدور الأوروبي الموحد مع الولايات المتحدة وعندما تقترب هذه النتيجة من الواقع على الأرض سيضطر المعسكر الغربي إلى التفاوض هو وأوكرانيا مع موسكو لمنع تفتت المعسكر الغربي وبهدف كسب المزيد من الوقت، ويكشف برادلي ديفلين في تحليل في مجلة «أنتي وور» في 26 كانون الثاني الماضي أن أكبر المستفيدين من استمرار الحرب هو الولايات المتحدة الأميركية التي أعدت مصانع الأسلحة فيها نفسها لتحقيق أرباح خيالية حتى من بيع الأسلحة للدول الأوروبية وخاصة أن نسبة كبيرة من الأسلحة التي تستخدمها دول حلف الأطلسي من مصادر أميركية.