متخم بالأخطاء ويفوز بجائزة الرواية ما الحكاية؟ … مدير هيئة الكتاب لـ«الوطن»: بعض الآراء التي تم التعبير عنها آراء مطلقة وعامة ويمكن أن يفندها كثيرون
| إسماعيل مروة
«وزارة الثقافة تمنح المرتبة الثالثة لجائزة حنا مينة للرواية لنص متخم بالأخطاء اللغوية، وتصدره هيئة الكتاب بعجره وبجره».
عبارة يتم تناقلها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي حكم نقدي يبنى عليه، ولكنه حكم عائم، إذ لا يذكر كاتب هذا الحكم اسم الرواية، ولا اسم صاحبها، ولا الدورة التي فازت فيها بالجائزة، وذلك بقصد الإساءة والتشهير أكثر من أي شيء آخر.
الأغلاط ولغة الرواية
حين يريد أحدهم أن يدافع عن الأغلاط في أي عمل روائي، فإنه يحاول أن يبحث عن تعليلات بأن الرواية حياة، متناسياً أن الفرق كبير بين الأغلاط اللغوية- إن وجدت- وبين اللغة الفنية في الرواية والقصة، تلك اللغة التي تفر منها بيئة العمل، ومن هنا كان من الأفضل أن يتم وضع الأمثلة مع الحكم النقدي، فمن الممكن لأي شخص أو ناقد أو قارئ أن يتحدث عن الأخطاء والخلل دون تمثيل.. وإن كانت هذه الأغلاط في اللغة الحوارية والوصفية فهي مرفوضة بشكل تام، علاوة على أن يكون العمل مطبوعاً في وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب، والتي لديها قواعد جيدة وصارمة، وعندها تدقيق ومراجعة.. ومهما كانت الذرائع فإن الأغلاط اللغوية مرفوضة بأي شكل من الأشكال، ولا مجال لتسويغها، فالأغلاط أغلاط، والهيئة لديها أهم الكوادر التي تتابع العمل.
المسابقة والفوز
أما قضية فوز الرواية بالمرتبة الأولى أو الثالثة، فهذا أمر يعود في تبعاته على الوزارة والهيئة في اختيار أعضاء لجان التحكيم والعمل على السرية المطلقة، ويعود إلى أعضاء لجنة التحكيم وقدرتهم على أن يكونوا حياديين، وقد شاركت في لجان تحكيم عديدة في الداخل والخارج، وكنت أدهش عندما أشعر أن بعض الأعضاء على معرفة بأسماء أصحاب النصوص، وإن حلفوا عكس ذلك، وهؤلاء هم الذين يتحملون تبعات الفوز بكل تفاصيله، فقد يكون النص جيداً ومستحقاً، ولكنه بحاجة إلى مراجعة لغوية، والمشرف على مسابقة محلية في اجتماعه الأول مع اللجنة وضع مجموعة من الضوابط الفكرية والفنية، ولو اتبعت هذه الضوابط لكان النص الفائز مهما كان قابلاً للطبع في الهيئة فكرياً وفنياً.. وهنا أطرح على السادة المعنيين أن يتم اختيار أعضاء لجان التحكيم من الأكاديميين (خارج نطاق الاتحاد والوزارة) لأن العلاقات المتشابكة قد تشي، وقد تحرج اللجنة ومن يقف وراء الجائزة.
الناقد والنص
أما من تحدث عن هذا العمل أو سواه، فإنني أريد من خلال تجربتي أن أطلب منه أن يعدّ قائمة بما رآه من عجر وبجر، إن وجد، وأن يعرضه، حتى لا يكون كلامه عاماً، لأن كثيرين سيتناقلون هذا الكلام دون قراءة أو تمحيص، وقد حدث أن انتقدت مرة بعض أغلاط الكتاب المحترمين، فجبهني باعتراضه وسخريته حتى وضعت له قائمة ببعض الأخطاء وبالصفحات عندها شكر ووعد بالتصحيح.
وحتى لا يكون الكلام من طرف واحد، فقد تواصلت «الوطن» مع الدكتور نايف الياسين مدير عام الهيئة السورية للكتاب، والذي تفضّل بالحديث عن الموضوع مع أن الرواية وفوزها ونشرها كان في مرحلة سابقة لتسلمه مهامه، لكن روحه العلمية جعلته متجاوباً، فكان رده الموثق والمكتوب.
رواية «الهوتة» فازت بالمرتبة الثالثة في مسابقة حنا مينة للرواية في دورة عام 2021، ومن ثم أجيزت للنشر قبل وجودي في الهيئة. لكن ما أعلمه أن الرواية، كغيرها من الأعمال المقدمة للمسابقة، خضعت للتحكيم من لجنة مؤلفة من ثلاثة محكمين من خيرة الأكاديميين والنقاد، وطبقت عليها الإجراءات المعتمدة في المسابقة، ومن ثم إجراءات تحضيرها للنشر.
ومؤلفة الرواية عضو مجلس اتحاد الكتاب العرب وعضو هيئة تحرير الأسبوع الأدبي.
يلاحَظ أن بعض الآراء التي تم التعبير عنها بعد صدور الرواية، من قبيل أن «الرواية مملوءة بالأخطاء ونشرتها الهيئة بعجرها وبجرها»، آراء مطلقة وعامة، ويمكن أن يفندها كثيرون. وحتى لو كانت آراء نقدية، فالأمثلة أكثر من أن تحصى محلياً، وعربياً، بل حتى عالمياً على تباين آراء القراء والنقاد في الأعمال الأدبية، وبشكل صادم أحياناً. ففي هذا المجال يسهل القول إن هذا يجوز وهذا لا يجوز، وهذا جميل وهذا غير جميل.
في كل الأحوال، في حال وجود الخطأ، فهو خطأ، وأنا لست معنياً بالدفاع عنه أو عن صاحبه، وأشكر من ينبهنا عليه. وسياستنا الحالية في الهيئة هي أن الخطأ الأول سيكون الأخير، بمعنى أن القارئ أو المدقق الذي تتعامل معه الهيئة ولا يقوم بعمله بضمير واحترافية لن تتعامل معه الهيئة مرة أخرى.
كما قد يكون وراء بعض التعليقات على هذه الرواية ما وراءه من مسائل شخصية تربأ الهيئة بنفسها عن الانزلاق إليها. وفي هذا الصدد، ينبغي أن نعي جميعاً أن الهيئة العامة السورية للكتاب هيئة وطنية نسعى لأن تكون موئلاً ومنبراً لجميع الكتّاب والمترجمين والباحثين السوريين المتميزين. ولا ينبغي، بل لا يجوز، أن يستعملها أفراد للنيل من بعضهم بعضاً. فالهيئة تعمل في ظروف صعبة، والعاملون فيها يبذلون كل ما في وسعهم لإنتاج كتاب يليق بإرث الثقافة السورية. ولا ينبغي تجاهل آلاف الكتب ذات المستوى الرفيع التي تصدرها الهيئة، ويقر بجودتها القراء داخل سورية وخارجها».
الأخطاء بشرية وتحصل، ولكن الأخطاء ترافقت مع الفوز بجائزة، وبُعْد عن التمثيل، وعسى أن تكون هذه التجربة معياراً لقادم في مسابقة رسمية لوزارة الثقافة وتحمل اسم شيخ الروائيين السوريين حنا مينة.