بعد القرارات الاقتصادية هل من الممكن التنبؤ بالنتائج؟ … عزوز لـ«الوطن»: سبب صعوبة التنبؤ غياب المعطيات الحقيقية والإحصائيات اللازمة
| الوطن
بعد صدور القرارات الاقتصادية الأخيرة، بدأت التنبؤات بتأثيرها على الواقع المعيشي، وكان الكثير منها – وخاصة على وسائل التواصل – يحمل طابع الأمنيات أكثر مما يحمل التحليل الحقيقي، بينما اكتفى الخبراء ببعض الشروحات، فهل التنبؤ بالنتائج الاقتصادية غير ممكن بشكل عام؟ أم لأسباب ما؟
رئيس قسم الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عبد القادر عزوز ربط صعوبة التنبؤ بشكل كامل بغياب المعطيات الحقيقية والإحصائيات اللازمة لتكوين قاعدة الدراسة الخاصة برسم خطوط هذه التنبؤات.
نجاح القرارات الجديدة يحتاج إلى جهد كثيف من الحكومة وإعطاء الأولوية للقطاعات الإنتاجية
وأكد عزوز في تصريح خاص لـ«الوطن» أهمية وجود قاعدة البيانات والإحصائيات اللازمة للدراسة، لأن التنبؤ موضوع علمي مبني بأسس تراتبية وليس تنبؤاً غيبياً، ونحن اليوم عندما نوفر قاعدة بيانات جيدة نصل لسبل إحصائية قادرة على بناء سياسة تنبؤية ناجحة بأدوات منهج التحليل الوصفي والتحليل الاستقرائي، وعندها نصل لنتائج أقرب للواقع من خلال وضع معدلات استهداف معينة للتضخم والبطالة والنمو الاقتصادي وغيره.
وعن دور السياسات الاقتصادية الراهنة المتبعة للنهوض من الركود، أكد عزوز أنها تسعى دوما لاحتواء الارتدادات السلبية لظاهرة الركود، مبيناً أن الركود الحالي مستورد وهناك تضخم جامح كما أن هناك حالة من التضخم المستورد بسبب الركود الاقتصادي العالمي بشكل أساسي وهو المؤثر الأكبر على الاقتصاد المحلي.
وأشار عزوز إلى ترافق الركود مع التضخم لتعطي ما يسمى ظاهرة «الركود التضخمي»، واليوم القاعدة الأساسية هي تحفيز الإنتاج والنمو الاقتصادي مع العمل على توفير عدالة اجتماعية وتعادل بالثروات، لأن معدلات النمو الاقتصادي مرتفعة جداً إضافة لتنامي الفقر وتنامي البطالة وهو ما يؤدي لنتائج كارثية على المدى المتوسط والبعيد.
وعن سبل الخروج من الركود الحالي لفت عزوز إلى دور التنوع الاقتصادي الموجود تاريخياً في سورية، لكن السياسات الاقتصادية الحالية تولي بعض القطاعات اهتماماً أكثر من غيرها، خاصة القطاع الخدمي وهو ما أثر سلباً على القطاع الصناعي والتجاري والزراعي ونحن اليوم لا يمكننا الحديث عن النمو إلا من خلال العمل على النهوض بكامل القطاعات بمستوى واحد.
وعن تأثير هذه السياسات وانعكاسها على حال المواطن لفت عزوز إلى ضرورة الاهتمام بقدرة المواطن الشرائية المرتبطة بالتحفيز على الإنتاج، فكل ما كان هناك إمكانية للتصدير ووجود أسواق لتصريف المنتجات كلما استطعنا بناء قاعدة تصديرية فعالة، إضافة إلى موضوع إحلال الواردات لدوره بتوفير قطع أجنبي وتحسين مستوى القدرة الشرائية.
وأكد ضرورة بذل الجهود قدر الإمكان لتقليص الفجوة بين الدخل وبين المستوى العام للأسعار، مع اتباع سياسة نقدية توسعية تتوجه نحو الإنتاج وليس الاستهلاك من خلال منح القروض وعمليات ائتمان ميسرة موجهة طبعاً للعملية الإنتاجية والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة لتنشيط الإنتاج والطلب الفعال للمستهلك.
وحول القرارات الاقتصادية الأخيرة أكد عزوز أن نجاح هذه القرارات يحتاج إلى جهد كثيف تقوم به الحكومة من خلال إيلاء القطاعات الإنتاجية الأولوية وخاصة الزراعية والصناعية، مشدداّ على ضرورة العمل على ضبط جميع المتلاعبين بالسوق سواء من جهة الاحتكار أم الغش أم غير ذلك، كما يجب تتبع هذه القرارات بخطوات تنفيذية وقرارات موازية لضمان نجاحها واستمرارها كي يلمس المواطن هذا التحسن بشكل فعلي على أرض الواقع.