لا تزال تداعيات قضية عدم تصويت الاتحاد الفلسطيني لاستضافة السعودية كأس آسيا 2027 تتواصل، ليس فقط على الساحة العربية، بل على الساحة الغربية التي اهتمت بهذه القضية في ظل الأهمية الكبيرة التي تحظى بها الرياضة عموماً، فضلاً عما تمثله الرياضة في دول الخليج.
وحصلت السعودية على 43 صوتاً من أصل 45، فيما امتنعت فلسطين وتركمانستان عن التصويت.
والسعودية فازت بحق استضافة كأس آسيا 2027 للمرة الأولى في تاريخها بعد انسحاب جميع منافسيها الذين كان آخرهم الهند، فما الذي يجري؟
عقد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم اجتماعاً للتصويت لاختيار الدولة التي ستستضيف كأس آسيا عام 2027، وأظهرت المعطيات التقنية أن دولة فلسطين امتنعت عن التصويت في هذه الخطوة، الأمر الذي أثار جدالًا واسعًا لأسباب عدة أبرزها:
1- إن فلسطين وعدت السعودية بالتصويت لمصلحتها قبل إجراء مراسم التصويت بأيام، وهو ما قالته مصادر سعودية مسؤولة لبعض من الصحف الرياضية.
2- تدعم السعودية الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مالياً، وهو الدعم الذي اتفق عليه اللواء جبريل الرجوب عقب توليه منصب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
3- اهتمت التقارير الصحفية الغربية بهذه القضية وأشار التلفزيون البريطاني في تقرير له إلى أن الكثير من السعوديين أعربوا عن غضبهم اللافت من فلسطين بسبب هذه الخطوة غير المتوقعة.
4- التصريحات تزامنت مع تصريحات أطلقها مؤخراً وزير المالية السعودي محمد جدعان، الذي قال: إن «المملكة تغير طريقة تقديم المساعدات لحلفائها من منح مباشرة وودائع دون شروط. اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط، نحن نغير ذلك، كما نحث دول المنطقة على القيام بإصلاحات».
5- أشارت تقديرات غربية إلى أن السعودية وبهذه اللغة التي استخدمها جدعان ترغب في إرسال رسالة لبعض حكومات الدول التي تتلقى مساعدتها، تقول إنه لا شيكات على بياض في منح تلك المساعدات في الفترة المقبلة، وإنّ أيام المساعدات الخارجية غير المشروطة ولّت وانتهت، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد الذي صاحب الامتناع الفلسطيني عن التصويت.
تداعيات القضية دفعت برئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى تبرير ما حصل، وفي حوار له مع صحيفة «الرياضية» السعودية الواسعة الانتشار، تحدث الرجوب عن بعض من النقاط المهمة والدقيقة، ومنها:
1- إن هناك خللاً فنياً حصل من مندوب فلسطين أثناء عملية التصويت خاصة وأنها المرة الأولى التي يشارك فيها هذا المندوب في تلك الفعالية.
2- إنه شخصياً لم يحضر فعاليات التصويت لأسباب صحية طارئة.
3- إنه توجه إلى أمين عام الاتحاد الذي أبلغه رسمياً بأنه لن تكون هناك أي فعاليات للتصويت، وعلى هذا الأساس غادر الرجوب الجلسة.
غير أن ما جرى في التصويت على استضافة السعودية للمونديال الآسيوي يدفعنا للتساؤل عن سبب غياب التنسيق العربي المشترك، ولماذا هذه الرغبة في التنافس دوماً بصورة تصل إلى حد الاعتداء العربي على الحقوق المشتركة؟
بات من الواضح أن هناك ما يمكن وصفه بغياب التقدير والتكامل العربي المشترك في الفعاليات الكبيرة، خاصة إن وضعنا في الاعتبار أن الكثير من الدول سواء الآسيوية أم الأوروبية تعمل جدياً دوماً من أجل تحقيق التكامل مع بعضها البعض في الفعاليات الدولية.
كانت سورية من أبرز وأهم الدول العربية التي تدعو دوما للتنسيق والتكامل العربي، وهو تنسيق بات ضرورياً في ظل الكثير من التحديات التي يواجهها العرب والمنطقة، وقد أعلن المندوب السوري في الأمم المتحدة السفير بسام صباغ مراراً من قبل عن أهمية تحقيق التكامل العربي والإقليمي لمواجهة الكثير من التحديات السياسية والإستراتيجية المختلفة التي تواجه المنطقة، خاصة عقب ما يعرف بـ«ثورات الربيع العربي» المدمرة التي خلفت الكثير من المآسي للشعوب العربية.
عموماً أعتقد أن ما حصل في الاتحاد الآسيوي، وإن تم تداركه باعتبار أنه «خطأ فني»، يمثل جرس إنذار، وهو الجرس الذي كانت سورية أبرز من قرعه للتحذير من تداعيات الانقسام العربي والابتعاد عن التكامل المشترك.