شؤون محلية

الوجه الآخر للزلزال

| ميشيل خياط

عصف بسورية مصاب موجع أليم، إنه زلزال الخامس من شباط الجاري، دمر وقتل الكثير من أحبتنا في حلب واللاذقية وجبلة وحماة، وفي آخر إحصاء لوزير الصحة يوم 10 شباط الجاري فإن عدد من فارقوا الحياة 1262 مواطناً ويتلقى العلاج في المشافي 2282 مصاباً، ولا تزال آثار هذا الزلزال شديدة الأسى، لوجود عدد غير قليل من المواطنين تحت الأنقاض، وآمل ألا تطول المعاناة بمساعدة الأصدقاء، إذ وصل إلى المطارات السورية 52 طائرة مساعدات عربية وأجنبية حتى يوم 10/2 /2023.

وبسرعة مذهلة تكاتف السوريون داخل سورية وخارجها للمؤازرة، ورأت النور تبرعات سخية، ففي المغتربات ما يقرب من 30 مليون سوري وجلهم من كبار القوم في أماكن إقامتهم، وداخل سورية قدمت تبرعات مالية وعينية على يد أشخاص من فاعلي الخير وبسخاء.

وهرعت الجوامع والكنائس إلى توزيع وجبات الطعام والثياب وهذا ما اضطلعت به الجمعيات الخيرية الكثيرة في سورية وعلى رأسها السورية للتنمية.

القائمة طويلة جداً، شكراً لمن آزر وتبرع. وكان الحليف الروسي سباقاً في زج 300 جندي من النخبة المتخصصة و60 آلية نوعية، وهبطت في المطارات السورية طائرات إيرانية تميزت بحمولات وصلت إلى 45 طناً، وطائرات إماراتية كثيرة وطائرات من العراق والجزائر ومصر وليبيا وتونس والهند وباكستان وأرمينيا، وطائرة من المشفى السعودي الألماني في دبي.

الجيش اللبناني أرسل فريقاً هندسياً مهماً، وجاء وفد لبناني يسأل عما نريد، وأرسل لبنان فريقاً من سبعين متطوعاً من متطوعي الصليب الأحمر اللبناني إضافة إلى فوج إطفاء ودفاع مدني.

فزعة رائعة

لكن رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري يطلب المزيد، وبحكم عمله واطلاعه فإن سورية تحتاج الآن إلى آليات نوعية وسيارات إسعاف وإطفاء، حرمنا منها بسبب الحصار الجائر علينا.

ووزير الإدارة المحلية قال في مؤتمر صحفي إن سورية قد فقدت على يد الإرهابيين خمسين ألف آلية، وما من شك فإن الآليات التي يعنيها السيد الوزير (جرافات كبيرة، بلدوزرات وجرافات صغيرة وآليات حفر عامودي وأجهزة دقيقة)..إلخ.

هذا هو وجه من وجوه الزلزال المدمر غير المسبوق 7,7، على مقياس ريختر، وعلى مقربة من الساحل السوري وفي إحدى أقرب مدن اللواء السليب إلى أمه سورية.

تهافتٌ على الإغاثة والإنقاذ، وما من شك فإن الحدث جلل وإنه يحرك مشاعر وعواطف الجميع.

ولكن من ينكر أن سورية مرت وتمر بزلازل أشد، ودفعت دماً سخياً وتحالفت مع شرفاء وصمدت، ثم هوجمت مرة ثانية اقتصادياً وبشراسة حتى باتت رواتب 1,5 مليون عامل ومتقاعد لا تشتري لكل منهم دواء لمرض مزمن شهرياً!

ولطالما رددت أن من يتعاونون لا يغلبون، وأن الحمل على الجماعة خفيف، وأن التعاون فيما بيننا هو سبيلنا إلى الخلاص مما نحن فيه من أزمات معيشية طاحنة.

كم أرعبني أن اقرأ أن مصنع برادات بردى في دمشق، الذي عشنا على براده الرائع ربع قرن، يعمل الآن بمهندس واحد وعمال اقترب جلهم من التقاعد..!

منذ عامين ولدى مجلس الوزراء قائمة بـ9000 مهندس جاهزة للفرز، ولعل الرقم الآن تضاعف.

لدينا عدد هائل من المهندسين أنفقنا على تأهيلهم مليارات الليرات، فما بالنا نهملهم؟ ولمن نتركهم.

كيف يسكت أي مسؤول في وزارة الصناعة على نكبة كهذه، مصنع ذو سمعة عطرة نتركه يموت والماء على ظهره محمول، وثمة في حماة معامل مماثلة.

ولكن ما يحرق القلب، أننا فقدنا 50 ألف آلية بالحرب المجنونة التي شنت علينا، ونملك في حلب مصنعاً للجرارات هو نواة لصناعة ثقيلة، حرر منذ 7 سنوات ولا يزال متروكاً للقوارض والحشرات، لو غرزت به كل يوم حديدة لرجع معطاء، فمن يقف وراء خسارتنا لكبرى مصانعنا ..؟

فانظروا إلى سخاء السوريين، ليس صعباً أن تصوغ حملة إعلانية لإعادة معمل الفرات للجرارات إلى الحياة وليكن لكل متبرع سهم فيه يستفيد من أرباحه.

الزلزال كان مدوياً موجعاً لكنه قدم درساً بليغاً.

كفى سباتاً تحركوا اركضوا أصلحوا رمموا شغلوا المعامل إنها ثراء سورية ومخلصها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن