مدير عام السورية للتأمين لـ«الوطن»: ظلمنا كثيراً خدمةً للقطاع الخاص.. ومن نقل الإدارة من دمشق إلى حمص
علاء أوسي
بين مدير المؤسسة العامة السورية للتأمين الدكتور ياسر مشعل أن إيرادات المؤسسة بلغت في 2014 نحو 8 مليارات ليرة سورية بزيادة مقدارها 6% عن 2013، منوهاً بأن إيرادات المؤسسة تراوحت قبل دخول الشركات الخاصة إلى سوق التأمين عام 2008 بين (5- 7) مليارات سنوياً، وانخفضت بعد دخول الشركات لتعاود الارتفاع في 2009 وتقارب 10 مليارات ليرة سورية في 2011، وانخفضت تدريجياً مع بداية الحرب على سورية، لتصل قرابة 7.5 مليارات ليرة سورية في 2013.
وأكد مشعل في حديثة لـ«الوطن» أن المؤسسة خلال أعوام الأزمة تأثرت في العديد من المناطق التي خرجت من الخدمة وأضحى التواصل مع المؤمنين صعباً، وضياع وتلف الجزء الأعظم من ملفات وأضابير في حمص، إضافة إلى أثر العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وعلى المؤسسة والتي ازدادت بشكل ملحوظ في 2013 بالتزامن مع حرمان المؤسسة من القدرة على إعادة التأمين، إضافة إلى توقف العديد من المشاريع الصناعية، وعدم استكمال المستثمرين لمشاريعهم، وصعوبة إيجاد معيدي تأمين بعد خروج معيدي التأمين المهتمين بالسوق التأميني السوري، واتباع المؤسسة وباقي الشركات الخاصة سياسة الاكتتاب المنخفضة في المناطق التي تشهد أعمالاً تخريبية، أيضاً الشروط الصعبة المفروضة من معيدي التأمين في اتفاقيات الإعادة، وضعف حركة نشاط تجارة السيارات الجديدة، وضعف حركة الاستمارات بشكل عام.ولكنه أكد: «إنه على الرغم من هذه المعوقات والصعوبات فقد حافظت المؤسسة على حصتها في السوق التأميني لعامي 2012 و2013 حيث بلغت 57% من السوق».
منافسة أم سحب للمحفظة التأمينية
وأوضح مشعل أن نظرة المؤسسة كانت دائماً إيجابية إلى المنافسة مع الشركات الخاصة بهدف تطوير السوق التأميني، حيث كانت المؤسسة مترئسة للاتحاد السوري لشركات التأمين منذ إنشائه وعملت على تطويره وتشجيع الشركات الخاصة لإنتاج قيمة مضافة للسوق التأميني من خلال منتجات جديدة وآليات عمل أكثر مرونة وانسجاماً مع سوق التأمين، وأضاف: «المنافسة لا تعني البحث عن سحب محفظة المؤسسة لمصلحة الشركات الخاصة، وخاصة التأمين على ممتلكات وعناصر القطاع العام وهذا ما نحن ضده، ولا تعني أيضاً البحث عن مطارح التأمين الجيدة لدى المؤسسة ومحاولة استمالتها وإبقاء مطارح التأمين الخطرة للمؤسسة»، مؤكداً «نشجع وننادي دائماً بإنشاء تجمع تأميني لمقاسمة المخاطر بطريقة تضمن حقوق الجميع وليس فقط إزاحة المؤسسة عن سوق التأمين وابعادها كما حدث عام 2011 لأنها الأكبر في سوق التأمين»، لافتاً إلى السعي حالياً لتوحيد الآليات والإجراءات من خلال الاتحاد السوري لشركات التأمين وتنظيم السوق التأميني.
تهميش للمؤسسة
ولدى سؤاله عن وجود اتفاق سري بين أصحاب المصالح للتضييق على عمل المؤسسة وتحجيمها في السوق لمصلحة القطاع الخاص، لم يرد مشعل إلقاء اللوم على أحد ولا الذهاب إلى هذا الحد من التشكيك، مؤكداً أن المؤسسة ظلمت كثيراً خدمة للقطاع الخاص، حيث عانت من فترات طويلة من التجميد وعدم تجديد كوادرها، ونقل إدارتها إلى حمص وإبعادها عن مركز سوق التأمين، ورفدها بكوادر غير متخصصة من الدوائر الإدارية الأخرى، واستمالة عناصرها الجيدة للعمل في القطاع الخاص، وتعدد الجهات الرقابية عليها في حين ترك القطاع الخاص دون رقيب، ما ساهم في تهميش دورها في سوق التأمين السوري، وتراجع أعمالها وحصتها من السوق التأمينية السورية.
إضافة إلى ذلك قرار إعادة توزيع حصص التأمين الإلزامي بين الشركات العاملة في سوق التأمين، مؤكداً تمكن المؤسسة الاستجابة لمتطلبات المنافسة والوقوف في وجه أي جهة حاولت المساس بمحفظتها وبدورها في سوق التأمين.
الإدارة بين دمشق وحمص
فيما يتعلق بنقل مقر الإدارة العامة للمؤسسة من دمشق إلى حمص بموجب المرسوم رقم 46 لعام 2005، بين مشعل أن الانتقال أدى إلى الإضرار بمصالح المؤسسة وبأعمالها لأنه جاء في ظلِّ انفتاح وتطوير سوق التأمين السوري في دمشق ودخول الشركات المنافسة، فتراجعت حصة المؤسسة من السوق واقتصرت على تأمين منشآت القطاع العام، فخسرت حصة كبيرة من سوق القطاع الخاص لتركز النشاط الاقتصادي في دمشق. وكان للانتقال أثر سلبي في إنجاز معاملات المؤمن لهم، ومستحقات شركات إدارة النفقات الطبية، وبالتالي مقدمو الخدمة الطبية، وحتى عدم إنجاز الميزانيات في وقتها بسبب تشتت العمل بين المحافظتين والنقص الكبير في الملفات الجاري ترميمها.
ومن ناحية أخرى أدى الانتقال -بحسب مشعل- إلى تشتت إدارات المؤسسة بين دمشق وحمص، فأدى لتعقد أعمالها وزيادة في الكلف التشغيلية والإدارية وضياع فرص التأمين، مشيراً إلى استدراك المؤسسة هذا الخلل فعملت على تطوير بنيتها الإدارية مؤخراً لتستجيب لهذا التشتت الإداري وإعادة هيكلة مفاصل العمل الإداري.
لا تهاون مع الفاسدين
وعن آليات تعامل إدارة المؤسسة مع حالات التلاعب والفساد في التأمين كتزوير الضبوط للحصول على مبالغ التأمين بغير وجه حق والصفقات المشبوهة وغيرها، أكد مشعل أن هذه الحالات موجودة مع وجود التأمين نفسه، وتقوم المؤسسة بتمييز حالات التلاعب والغش حسب نوع التأمين فمنها ما ينتهي إلى القضاء المختص وتسترد الأموال أصولاً، وهناك حالات تحال إلى الجهات المختصة ليصار إلى التحقيق فيها، ومنها يحال إلى الجهات الرقابية للتدقيق فيه، ولفت إلى متابعة الشبهات التي تدور حول البعض الموظفين ويتم إقصاء المسيء ومعاقبته أصولاً.
ولفت إلى عمل المؤسسة حالياً على وضع دليل لسوء الاستخدام ليصار إلى إقراره والعمل به قريباً.
وبالنسبة لملاحقة ملفات الفساد القديمة أكد عدم التهاون بأموال المؤسسة وحقوقها مهما بلغ قدم الموضوع، مبيناً أنه يعمل لتدارك أخطاء الماضي وتجاوز معوقاته بخطط واثقة ومدروسة وليس بآمال زائفة.
التأمين الإلزامي..أسرار غائبة
وفيما يتعلق بملف التأمين الإلزامي، بين مشعل أن المؤسسة تفردت بإصدار عقود التأمين الإلزامي لجميع صنوف المركبات العاملة في القطر حتى 20 نيسان 2009، وهو تاريخ الاتفاقية الخاصة بتجمعات التأمين الإلزامي لدى مديريات النقل للمركبات والآليات السورية الحاملة لوحات محلية، والتي نظمت عملية إصدار العقود بين جميع شركات التأمين حيث تولى الاتحاد السوري عملية الإصدار وتوزيع حصص الإصدار للعقود على الشركات العاملة بالقطر وفق نسب اعتمدت من قبله.
وعزا اتباع هذه الطريقة للخلافات التي نشبت بين الشركات سابقاً لسوء آلية الإصدار لدى البعض منها والمنافسة غير النزيهة لديهم بإعطاء عمولات على الإصدار واستخدام مروجين غير قانونيين بعملية تسويق إصدار العقود مما انعكس سلباً على باقي الشركات ومنها المؤسسة العامة السورية للتأمين، إضافة لإصرار الشركات الخاصة على ممارسة حقها بإصدار هذا النوع من العقود كحصة لها في سوق التأمين والتي لا يمكنها المجاراة بهذا الأسلوب.
وبيّن أن إيرادات المؤسسة كانت تصل لقرابة 5 مليارات ليرة سنوياً قبل إحداث الاتفاقية في 2008، ولكنها انخفضت لقرابة 1.4مليار في 2010، وحالياً تتراوح بين 1.2-1.5 مليار ليرة سنوياً، حيث تتراوح حصة المؤسسة من التأمين الإلزامي ما بين 25-30% من العقود المصدرة، وتوزع باقي النسبة على كافة الشركات الخاصة، كما يحصل الاتحاد السوري لشركات التأمين على نسبة 5% من البدلات الصافية التي يحصلها في مجمل التجمعات المصدرة للعقود مقابل إدارته لهذه التجمعات متضمناً قيمة المطبوعات والمصاريف الإدارية المختلفة والأجور، ويقوم الاتحاد أثناء إصداره للعقود بتوزيع الأخطار الكبيرة للمركبات (كالصهاريج والشاحنات والباصات…الخ) على كافة الشركات وفق نسب التوزيع المعمول بها للشركات وحسب الحصص.