الرئيس الأسد والسيدة أسماء اطمأنا على مصابي الزلزال في حلب واللاذقية واطلعا على عمليات إزالة الأنقاض
| الوطن
في اليوم السادس للكارثة، لا حصيلة نهائية لأعداد الضحايا، الآلاف تحت الأنقاض ومضي الساعات يخطف ما تبقى من أنفاس العالقين تحت الركام، فيما عمليات البحث مستمرة وفرص العثور على ناجين باتت تحت الألطاف الإلهية.
ولمعاينة الواقع والاطلاع على عمليات الإنقاذ ومواساة الأهالي والإشراف على عملية الانتقال من الاستجابة الأولية الطارئة للدولة إلى الاستجابة المنظمة لمعالجة تداعيات وآثار الزلزال، حضر الرئيس بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء إلى حلب واللاذقية، ومن هناك ذكّر الرئيس الأسد برسالة الصمود التي أثبتها السوريون منذ اثني عشر عاماً وقدرتهم على تجاوز الكارثة بالعمل المستمر رغم هولها.
الرئيس الأسد وخلال زيارته لحلب واللاذقية استمع للأهالي واطمأن على أحوالهم، عاين المصابين وواسى أهالي الضحايا، كما اجتمع مع المسؤولين المعنيين وأعطى توجيهاته للمحافظين والمعنيين بأعمال الإغاثة بالاستجابة الفورية لمتطلبات الأهالي، وتوفير كل ما يلزم لهم والعناية بمن تواجد بمراكز الإيواء، وأكد أن الدولة ستوجه كامل إمكاناتها لمساعدة المحافظات المنكوبة.
وبعد معاينته والسيدة أسماء للمصابين في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية، وزيارته العائلات المتضررة التي تقيم في مركز الشهيد باسل الأسد للتدريب التربوي في مدينة اللاذقية، ذكّر الرئيس الأسد بأن الغرب لم يغيّر موقعه، فكل شيء ثابت بالنسبة له، والفجوة التي ظهرت في تعاطيه مع كارثة الزلزال في سورية، لم تُخلق، لكنها ظهرت ربما لبعض من كان يعتقد بأن الغرب لديه جانب إنساني، وقال: «لم تظهر فجوة، وإنما هذه الفجوة بين القيم، بين الشعوب موجودة، وأنا عندما أتحدث عن الغرب لا نقصد الغرب بالمعنى الشعبي، ولكن بالمعنى السياسي بالدرجة الأولى، وبالمعنى الأخلاقي الذي يحمله سياسيو الغرب».
وبالنسبة للتعاطي العربي اعتبر الرئيس الأسد أن «الحالة التي نراها من تعاطف شعبي قبل الرسمي هي حالة طبيعية، ويجب أن نبني على هذه الحالات، ويجب أن نفهم ونتعمق بالتفكير لكي نتجاوز كل ما يطرح في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي والبروباغندات العالمية بأن الإنسان يتحول إلى روبوت أو رجل آلي بعيداً عن العواطف، بعيداً عن الانتماءات وعن المبادئ والأخلاقيات، هذا غير صحيح».
وفي رده على سؤال مراسلة «الوطن» في اللاذقية عن رسالته للمجتمع المحلي الذي أظهر تكاتفاً غير مسبوق، قال الرئيس الأسد: «دائماً أقول يجب أن نأخذ الرسائل من المجتمع المحلي لا أن نعطي رسائل، نحن جزء من هذا المجتمع المحلي، أنا أنتمي له ولا أستطيع أن أرسل له أو يرسل لي رسائل هذا أولاً، ثانياً لو كنا نتعامل مع الناس بالرسائل لما نزلنا بين الناس، نحن نريد أن نكون مع الناس لأن هناك شيئاً تلمسينه، فالعلاقة المباشرة.. شعور، معنويات، حاجات، تفاصيل كثيرة، لا يمكن أن تلمسيها بالطرق الرسمية، وهذا شيء طبيعي، لذلك أنا لا أتعاطى مع الناس بالرسائل وإنما بالعلاقة المباشرة، هذه طبيعة علاقتي مع الشعب السوري، أنا جزء منه».
وبرفقة السيدة أسماء التقى الرئيس الأسد بفرق الإنقاذ السورية والروسية في حي الغزالات بمدينة جبلة، واطلعا على سير عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض.
وقال الرئيس الأسد في تصريح للإعلاميين من الموقع: «ضمن خطط الحكومة أن تتم دراسة كل الوضع، الأولوية كانت بالدرجة الأولى لإنقاذ الأحياء، الأولوية الثانية هي لدراسة وضع الأبنية المتصدعة وغيرها، لاحقاً تأتي تداعيات أخرى، لكن الأولوية خلال الأيام الماضية كانت هي الأحياء، لم تبدأ الآن، ستبدأ المؤسسات المعنية طبعاً بدراسة كل هذه التفاصيل، لا يمكن أن نعطي جواباً قبل الدراسة، إن شاء الله قريباً ستكون هناك أجوبة عن كل شيء».
ورداً على سؤال حول قراءة الهبة الشعبية الغيورة والبناء عليها في المستقبل قال الرئيس الأسد: «دخلنا في حرب 12 عاماً، وقرأنا أنفسنا بشكل جيد، كيف نغار على الوطن، كيف لا نتنازل عن المبادئ، إلى آخره من التفاصيل، فلا يجوز أن تكون هذه الحالة هي حالة قراءة لشعب، وكأننا لا نعرف أنفسنا كسوريين، إن لم نكن نحن من ندافع عن أنفسنا وعن بلدنا في الظروف المختلفة، سواء كانت الحرب أم الزلزال أو أي ظروف أخرى من يدافع؟ هل ننتظر من الآخرين؟ إذاً لا يجوز أن نتحدث عن قراءة ما قام به الشعب، نحن نعرف أنفسنا جيداً، وفي أي أزمة ستمر يجب أن نتوقع مثل ما رأينا وأفضل بكثير».
وقبل وصوله إلى اللاذقية اجتمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء بأعضاء غرفة العمليات في مدينة حلب، والتي تضم الجهات الحكومية والمنظمات والجمعيات الأهلية والفعاليات التجارية والصناعية القائمة على إدارة ملف الإغاثة في مناطق حلب المتضررة من الزلزال.
وبعد انقضاء خمسة أيام على الزلزال المدمر، كان لا بد من الانتقال من الاستجابة الأولية الطارئة التي انطلقت بها الدولة والمجتمع إلى الاستجابة المنظمة لمعالجة تداعيات وآثار الزلزال، حيث استمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء من أعضاء الغرفة إلى توصيف للواقع الراهن إثر الزلزال والأبنية التي تهدمت بشكل مباشر، وعدد الضحايا الذي نتج عن هذا الدمار، والآلية التي تم وضعها سواء لجهة إزالة الأنقاض وانتشال الضحايا والمصابين، أم لجهة الاستجابة الطارئة من أجل توفير مواد إغاثية للأهالي الموجودين في مراكز الإيواء.
وقال الرئيس الأسد خلال نقاشه مع أعضاء الغرفة: «نحن نعلم محبة أهل حلب لمدينتهم، وهذه نقطة قوة تستند إليها مؤسسات الدولة في عملها خلال الأزمات»، واعتبر أن الدعم الحكومي في هذه الأوقات يصبح من دون قيمة إن لم يكن مستنداً إلى رؤية أهلية ومحلية تقوم بشكل أساسي على تحديد الأولويات للاحتياجات.
تحرك الدولة باتجاه المحافظات المنكوبة، وتأكيد الرئيس الأسد على توجيه كل الإمكانات باتجاهها، تزامن مع مواصلة وصول طائرات المساعدات إلى سورية، حيث حط حتى الآن في المطارات السورية 60 طائرة، 30 منها في مطار دمشق الدولي و20 في حلب و10 باللاذقية، وسجل أمس وصول طائرة كازاخستانية وليبية وطائرتي مساعدات إماراتية وطائرة من بنغلادش وطائرة روسية ثانية وصلت إلى اللاذقية، كما وصلت إلى مطار بيروت الدولي طائرتان عسكريتان إيطاليتان، تحملان مساعدات طبية لضحايا الزلزال، حيث كان في استقبال الطائرتين رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري خالد حبوباتي، والقائم بأعمال السفارة الإيطالية، وممثلو الصليب الأحمر اللبناني.
وفي وقت لاحق من مساء أمس كشف مدير الطيران المدني باسم منصور في تصريح لـ«الوطن»: أن السعودية إلى جانب قبرص والسودان وبيلاروسيا تقدمت بإذن هبوط في المطارات السورية لتقديم المساعدات لمتضرري الزلزال
وصول الطائرات تزامن مع دخول قوافل المساعدات المستمر من العراق إلى سورية، ودخلت أمس 22 شاحنة محملة بما يلزم السوريين من مساعدات إنسانية، وعبرت قبلها بساعات قافلة مساعدات عراقية من معبر البوكمال تحمل مواد إغاثية وآليات ومحروقات، كما دخل عبر معبر جديدة يابوس قافلة مساعدات مقدمة من أبناء مدينة صيدا، اللبنانية.
ولم تهدأ أيضاً قوافل المساعدات المرسلة من كل المحافظات السورية للمحافظات المنكوبة حيث اصطف السوريون للتبرع لإخوتهم المتضررين بما أمكنهم من مساعدات نقدية وعينية.
على الضفة الأممية، لم تتمكن منظمات الأمم المتحدة من إقناع التنظيمات الإرهابية المسيطرة على مناطق في شمال غرب البلاد، من فتح المعابر مع الدولة السورية، والتي جهزت عبر الهلال الأحمر قوافل مساعدات إنسانية لإغاثة السوريين في إدلب، في وقت حضرت شخصيات أممية رفيعة إلى حلب واللاذقية للاطلاع على حجم الأضرار التي خلفها الزلزال، وتفقد مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس برفقة وزير الصحة حسن الغباش ومحافظ حلب حسين دياب عدداً من الأحياء المتضررة في حلب، وعلى أعمال إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين في كل من أحياء الشعار والحلوانية وسد اللوز وجورة عواد والمواصلات القديمة وبستان الباشا والمشارقة.
كما اطلع مدير المنظمة على أوضاع المتضررين في مركزي الإيواء في جامع سعد الإدلبي بحي الهلك ودير الأرض المقدسة لطائفة اللاتين بحي الفرقان، وأكد في تصريح للإعلاميين أن مساعدة منظمة الصحة العالمية تتم أولاً من خلال مساعدة المصابين وتقديم المواد الأولية المهمة مثل الأدوية، حيث وصلت طائرة تحتوي على مواد إغاثة تزيد على 35 طناً من المستلزمات الطبية والصحية تشمل المضادات الحيوية ومعدات وأجهزة العمليات الصغيرة التي يتم إجراؤها في المستشفيات.
وأضاف غيبريسوس: إن المنظمة مستمرة في العمل وفق خطة لتلبية الاحتياجات الأولية، وخطة طويلة تتضمن مساعدة أسر الضحايا والمصابين للخروج من هذه الأزمة، معرباً عن أمله بأن يسهم «إعلان رفع العقوبات عن سورية جزئياً لمدة 180 يوماً في تسهيل ودعم عمليات الإغاثة الدولية ووصول المواد الضرورية».
وأوضح غيبريسوس أن هذه الدفعة من المستلزمات الطبية ستمكن العاملين الصحيين من تقديم الخدمات الطبية، وستكون هناك دفعة قادمة خلال يومين تحتوي على 30 طناً، تشمل الأدوات الطبية ومستلزمات العمليات الجراحية البسيطة، ويتم السعي للحصول على دعم أكثر، من خلال مختلف المنصات لتقديم ما يمكن للقطاع الصحي في سورية.
كما وصل إلى حلب أمس وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث بهدف الاطلاع على الأوضاع هناك، ودعا دول العالم إلى المساعدة في إغاثة آلاف المشردين، الذين يحتاجون إلى المأوى والغذاء من جراء الزلزال المدمر الذي هز سورية وتركيا فجر الإثنين الماضي.
ونقلت «رويترز» عن غريفيث قوله في إفادة صحفية: «إن كارثة الزلزال التي وقعت الإثنين الماضي هي الأكثر تدميراً في المنطقة منذ نحو 100 عام»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ستطلق عملية تستمر ثلاثة أشهر لمساعدة المنكوبين، معرباً عن أمله في أن تعمل الدول على دعم هذه العملية وتقديم المساعدات اللازمة.
ولم ينتظر السوريون منذ اللحظة الأولى لوقوع الزلزال ما ستقدمه المنظمات الأممية لهم، وتحولت السفارات السورية في الخارج إلى مستودعات للمساعدات العينية التي قدمها السوريون في المغترب ومعهم الأشقاء والأصدقاء، ولم تتمكن السفارات السورية من استيعاب الكميات الكبيرة من المساعدات وعمل بعضها إلى الاستعانة بمستودعات خارجية فيما انطلقت الرحلات التي ستحمل هذه المساعدات من عدد من الدول عبر الجو وعبر البحر.
في الإمارات العربية المتحدة التي أنشأت جسراً جوياً لنقل المساعدات، أطلقت حملة تبرعات للمتضررين، حملت عنوان «جسور الخير»، بتوجيه من رئيس الدولة محمد بن زايد آل نهيان. وأعلن رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي حمدان مسلم المزروعي، بحضور سفير سورية لدى الإمارات غسان عباس، إطلاق الحملة رسمياً أمس وبحضور السفير التركي في أبو ظبي.