تتواصل دعوات حركات المقاومة الفلسطينية لمقاومة الاحتلال، وكان آخرها الصادرة عن حركة «عرين الأسود»، داعية جموع أبناء الشعب الفلسطيني اليوم إلى إعلان العصيان المدني وإشعال الإطارات وإغلاق الشوارع وتحطيم كاميرات المراقبة وزعزعة أمن الاحتلال في مخافرهم وأماكن وجودهم.
وقالت الحركة في بيان صحفي، مساء الأربعاء الماضي: «ليكن يوم الجمعة هو أول أيام التصعيد والغضب وليكن يوماً من نارٍ ولهب»، وأضافت: إن هدم المنازل في القدس سيقابله هدم أمن الاحتلال ومستوطنيه في كل شارع من شوارع ضفتنا الأبية، فما الذي يجري؟
بات من الواضح أن جماعات المقاومة تواصل تحقيق كثير من المكاسب سواء على الصعيد السياسي أم العسكري، وهو ما يظهر على أرض الواقع وتعكسه تصريحات قيادات جيش الاحتلال المختلفة والمتعددة.
غير أن كثيراً من التقارير وتقديرات الموقف المختلفة الغربية التي تناولت هذا الأمر، أشارت إلى شعور بعض من أبناء الشعب الفلسطيني وأصحاب الأعمال من بينهم، بالقلق والخوف من أن تؤدي هذه الدعوة إلى تصعيد كبير ولافت مع الاحتلال، ما يضر بدخلهم ويعرض عائلاتهم للخطر.
قد يؤدي هذا إلى عقوبات كبيرة تعطل وظائف المواطنين وحياتهم اليومية في حين يقترب شهر رمضان بسرعة.
والمعروف أن أغلبية الشعب الفلسطيني يعمل بنظام اليوم بيوم أو اليومية، وهو ما يدفعهم لانتظار حلول يوم جديد لمحاولة كسب رزق جديد.
إن قضية حركة «عرين الأسود» تتزايد حساسية ودقة خاصة مع اهتمام كثير من الدوائر الإعلامية الغربية بهذه الحركة أو غيرها من الفصائل العسكرية المختلفة التي بدأت تظهر في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يتطلب متابعة التعاطي أو الرؤية العلمية والإنسانية والحياتية لتعاطي الدوائر الغربية مع هذا التنظيم.
بات من الواضح أن هناك تأثيراً اقتصادياً مباشراً على أبناء الشعب الفلسطيني في ظل نظام العمل اليومي الذي يتبعه ويقوم به الكثير من الفلسطينيين، ومع تتبع المسارات الإستراتيجية لتعاطي إسرائيل مع المقاومة، نجد أن هناك ترابطاً أو ما يمكن وصفه بالاتفاق الهيكلي الإستراتيجي، بين المنظومة المشرفة على عمل الفلسطينيين في دولة الاحتلال من جهة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية من جهة أخرى، حيث يتم السماح بدخول وخروج العمال بمقتضى منظومة الأمن على الأرض، وهو ما يولد سخطاً أو تعاطفاً شعبياً مع هذه العمليات.
من هنا ترى دوائر غربية أن أحد أبرز الأسلحة الإستراتيجية في مواجهة المجموعات الفلسطينية المسلحة، هو توليد طاقة سلبية تجاهها وضدها من طوائف المجتمع.
ومن أبرز القرارات الاقتصادية التي نجمت عن تواصل نشاط «عرين الأسود» على سبيل المثال:
1- منع إسرائيل دخول الكثير من العمال من الضفة الغربية لأراضيها عقب تكرار عمليات «عرين الأسود».
2- يوجد شعور عام بالدوائر السياسية والأمنية بالضفة الغربية أن هناك سعياً متواصلاً من حركات المقاومة للتصعيد بالضفة الغربية، فيما تتمتع غزة بالهدوء، ويؤكد ذلك ردود الفعل السريعة من حركات المقاومة في غزة عقب إطلاق أي صواريخ أو تنفيذ عمليات مقاومة من غزة، ووصل الأمر للتهديد باعتقال مطلقي الصواريخ.
3- بعض من تقديرات الموقف العسكرية والأمنية الغربية أشارت إلى وجود ارتباط وثيق بين الحاجة الاقتصادية من جهة ورد الفعل عقب أي تصعيد، وهناك تقارير أشارت إلى وجود ارتباط وثيق وجاد بين تدهور الوضع الاقتصادي من جهة والتصعيد العسكري، وهو ما يفرض بعضاً من النقاط منها:
أ- حتمية البحث والتفكير في تداعيات أي عملية عسكرية أو أمنية في حال تواصل التصعيد.
ب- إدراك أن أي تصعيد سيكون له ثمن على المواطن الساعي بالنهاية إلى التهدئة والعمل بدلاً من أي تصعيد.
4- باتت هناك حاجة لمساعدة الدول العربية للفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو أمر مصيري ويفرض على الدول العربية مساعدة الفلسطينيين في المشاريع متناهية الصغر ومتوسطة الصغر أو بأي شكل من أشكال المساعدة.
لقد باتت هناك حقيقة علمية رئيسية وهي تصاعد خطورة سياسات العقاب الاقتصادي التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وقامت قوات الاحتلال بفرض إغلاق شامل كامل على المناطق الفلسطينية التي ينشط عناصر «عرين الأسود» بها، الأمر الذي أدى إلى نمو غضب شعبي بصورة أو بأخرى ضد الوضع الأمني الحالي، ومهما كان حجم التعاطف والتأييد لعمليات وسياسات عرين الأسود، فإن حجم التأييد والدعم الشعبي يتأثر بصورة ما بالاحتياجات اليومية، وفرض سياسات الإغلاق وما يتبعها من أزمات اقتصادية تؤثر في سلوكيات الدعم الإنساني لذلك التنظيم أو غيره، الأمر الذي يفرض على الدول العربية ضرورة مساندة الفلسطينيين في أسرع وقت.