هل الأبنية السورية مقاومة للزلازل؟ … رئيس فرع نقابة المهندسين في دمشق: منفذو البناء يكتفون بالمشرف الذي اختاره المتعهد
| طلال ماضي
في الوقت الذي بدأت فيه بعض أصوات السوريين تنادي بالمحاسبة، وخاصة للمتعهدين المسؤولين عن انهيار أبنية حديثة العهد، وبعد الكشف عن حجم التصدعات الكبيرة، هناك مخاوف من التكهنات الموجودة تحت الأرض في محيط دمشق، ومناطق المخالفات، ووجود رخص لأبنية شاهقة أربعة طوابق تحت الأرض وأكثر من 25 طابقاً فوق الأرض، وأبنية في مناطق المخالفات ارتفاعها يتجاوز 10 طوابق من دون قواعد متينة، ينادي المهندسون بضرورة عودة الإشراف الهندسي الحقيقي إلى مهنة الهندسة، ومنع المقاولين والمتعهدين من سحب الإشراف منهم لكون مرحلة ما بعد الزلزال يجب أن تكون غير ما قبلها.
رئيس فرع نقابة المهندسين في دمشق المهندس حسين التينة قال لـ«الوطن» إنه مع اليوم الأول للزلزال تم تشكيل غرفة عمليات ضمت العديد من الخبرات الهندسية، وطلبنا من المتضررين إرسال صور ومقاطع فيديو عبر تطبيق «الواتس آب» عن التشققات التي حصلت في منازلهم، وقمنا بتقييمها والرد عليهم، لافتاً إلى أن الدليل الاسترشادي للزلزال صدر عام 1995، وجميع المنازل بعد عام 2000 مطبق عليها الكود الزلزالي، ويتم تدقيق المخططات من لجنة مهنية ولجنة علمية، لكن المشكلة أنه لا يوجد التزام من قبل المنفذ بوضع مشرف على الأعمال في تنفيذ الأبنية وتم الاكتفاء بالمشرف الذي اختاره المتعهد، وهذا خطأ، إذ يفترض على مالك البناء أن يضع مهندس إشراف وألا يبحث عن التوفير في أجور المهندسين، لافتاً إلى أن بناء كلفته مليار ليرة يكون أتعاب المهندسين فيه بحدود 60 مليوناً إشراف لعدة سنوات حتى يتم إنجاز البناء ولو تمت مراعاة التنفيذ وفق الكود السوري لما شاهدنا هذا الدمار الكبير.
وأشار التينة إلى مراسلة النقابة المركزية من أجل ضرورة الإشراف على التنفيذ، وضرورة وجود المهندس المشرف من مالك البناء إلى جانب المهندس المقيم الذي يتم وضعه من المتعهد، وعدم ترك المتعهدين يشرفون على أعمالهم بنفسهم.
من جهته رئيس لجنة الهندسة المدنية بفرع دمشق لنقابة المهندسين عضو الكود السوري عماد درويش اعتبر أن الكود السوري من أفضل الكودات ومأخوذ من كودات عالمية لكن المشكلة الأساسية التي نعاني منها في مهنة الهندسة ليست في الكود بل في التطبيق العملي على أرض الواقع، ولو تم تطبيق الكود السوري على الأبنية المنهارة لما حدثت المشكلة، وما حدث سببه معروف وهو سوء التنفيذ، وغياب الإشراف، وجميع الأبنية المهدمة ليست لها أي معايير وفق الكود السوري، ولو كانت ضمن الكود لما حدث الانهيار بهذا الحجم الكبير ولأبنية حديثة.
وأكد درويش أن الكود السوري بدأ تطبيقه في عام 2004، والمباني المتصدعة والمنهارة المبنية بعد هذا التاريخ ليست مدروسة وفق الكود السوري، داعياً إلى إعادة تدريب وتأهيل المهندسين لتطبيق الكود في العمل الهندسي.
وحول واقع المخالفات والتصدعات التي لم يتم الإعلان عنها بين درويش ضرورة التعاون بين الأهالي والمحافظة، وإلزام الناس بمساعدة الجهات الأخرى لترميم وتدعيم الأبنية التي تحتاج لتدعيم، وهذا بحاجة إلى قرار إداري، لافتاً إلى أن الأدوات المتوافرة للعمل بالتدعيم قليلة، ونحاول العمل ضمن الإمكانات المتاحة.
واعتبر درويش أن تنفيذ العمل الهندسي من مسؤولية المهندسين المختصين، والمقاولون تجاوزوا هذا الموضوع، والأمر يحتاج إلى قرارات من رئاسة الحكومة لكون وزارة الأشغال العامة والإسكان ليست المسؤولة الوحيدة عن هذا الإلزام.
وفي تصريح لصحيفة «الوطن» قال طالب الدكتوراه في الهندسة المدنية حسان علي: إنه من اللحظة الأولى للزلزال اجتهد وبشكل شخصي وتلبية لدعوات من المواطنين بالكشف على نحو 280 بيتاً في عدة قرى، وكانت النتيجة أن نحو 5 بالمئة من الأبنية التي قام بالكشف عليها بحاجة إلى تدعيم، وبعد الكشف تبين لديه نوعية الأضرار الناجمة عن الزلزال.
ولفت علي إلى وجود تصدع في الأبنية القديمة القائمة على جدران حاملة من الحجارة الصخرية أو ما تعرف «بحجارة القطع»، حيث معظم هذه الأبنية فيها مشاكل كبيرة، وبحاجة إلى تدعيم لكون هذه البيوت لا تناسب وضع الزلازل.
وحول الأدوات المستخدمة في الكشف عن الأضرار بين علي أن الأدوات بسيطة لكون الكشف الأولي يعتمد على خبرة المهندس لكن العمل في مرحلة التدعيم بحاجة إلى معدات حديثة وهي غير متوافرة في سورية.
وأكد علي أن الأضرار الناتجة عن الزلزال بحاجة إلى دراسات معمقة وإعادة النظر بالكود السوري بشكل كامل لكوننا اليوم أصبحنا أمام واقع جديد، صحيح أن الزلزال مرَّ بهذه الخسائر المعلنة والبعض يعتبرها بسيطة لكننا أيضاً بعيدين عن المركز الأساسي لوقوع الزلزال، والارتدادات كانت خفيفة، وجميع المنازل التي تعرضت للتصدع أو تشققات بسيطة هي مؤشر خطر عند قدوم هزة جديدة بدرجة مرتفعة لا سمح الله.
ودعا علي إلى ضرورة اتخاذ قرار بمنع مزاولة مهنة المقاولة من أصحاب رؤوس الأموال من دون وجود مهندس مشرف على الأعمال، لافتاً إلى أن مهنة الهندسة من أكثر المهن التي تم التعدي عليها وتقام بعقود إشراف وهمية، ولو تم تعيين مهندس مشرف للبناء مسؤول عنه فلن يكون هناك إذونات صب من دون مطابقة للمواصفات المطلوبة، والمهندس المشرف سيصبح مسؤولاً عن عمله، وعند العمل ضمن الاختصاص يمكن تحميله المسؤولية في التقصير.