يتساءل السوريون بعضهم بعضاً قبل أن يسألهم الآخرون بكثير من الدهشة كيف يتمكنون من التعايش في غابة الأزمات التي تحيط بهم من كل جانب؟ ويصبح السؤال أكثر صعوبة في المرحلة الأخيرة حيث تزداد هذه الأزمات خطورة.
الذي يعرف السوريين يدرك أن أول ما يساعدهم على ذلك هو إرادة الحياة التي تعتبر ثقافة مجتمعية ورغم كل الظروف المحيطة تجد الناس مصرة على استعادة نمط حياتهم في كل فرصة وكان ذلك ملحوظاً في سنوات الحرب ويتأكد الآن بصور مختلفة.
من قدرة السوريين على التعايش مع كل هذه الأزمات هو التكافل الاجتماعي الذي شكل نظام حماية اجتماعية فريداً من نوعه، فكثير من الأسر السورية تعتمد في إنفاقها على الأبناء المغتربين، وجزء كبير منهم من أولئك الذين هاجروا فترة الحرب وبدؤوا في مساعدة أهاليهم ورغم عدم وجود أرقام رسمية عن حجم التحويلات من المغتربين إلا أن أعداد الأسر التي تعتمد على ما يأتيها من الخارج تعتبر كبيرة. ولعل أحد أهم مظاهر التكافل الاجتماعي ما حدث من معونات وتبرعات من السوريين للأسر المنكوبة من الزلازل.
ثمة جانب أيضاً من وسائل التأقلم مع الحياة الصعبة في حياة السوريين هو الجانب الروحي والشعور الإيماني الذي يعتبر جزءاً من فطرة السوريين وهو جانب مهم جداً في الحفاظ على الحالة النفسية والقدرة على التماسك النفسي مع كل هذه الضغوط الصعبة التي نعاني منها.
مع كل ذلك توجد ملاحظتان: الأولى أن بعض هذا التأقلم والتعايش يقع تحت عنوان ليس بالإمكان أكثر مما كان وأن المواطن يرزخ تحت هذه الظروف ويتعايش معها لأنه لا يملك بديلاً آخر وأنه مضطر للقبول السلبي.
لكن الملاحظة الأهم أن من واجب الحكومات أن تجد حلولاً لمواطنيها وأن الضغط المعيشي لا يمكن قبول الاستسلام له وأنه لا يمكن أن يأتي الحل وحده دون عمل ودون خطة.
ومن المؤسف أن نرى أن المسائل الاقتصادية تزداد تعقيداً دون أن يتم العمل على حلها وفي أغلب الأحيان تأتي القرارات متأخرة بحيث تفقد أثرها المفيد.
من المفترض أن يبدأ المواطن بلمس نتائج على أرض الواقع وحتى الآن لا يوجد ما يشير إلى تحسن في الأداء الاقتصادي وما يتعلق بمعايش الناس.
وأرجو ألا يصبح الزلزال حجة جديدة يمكن أن نلقي عليها تبعات التدهور الذي تشهده الأسواق..
وهنا فإن التسارع في إغاثة الذين تضرروا بالزلزال لا ينبغي أن يبقى بطيئاً وحان الوقت للانتقال إلى مرحلة تأمين إقامات لائقة للأسر التي أصبحت بلا مأوى وتقديم مساعدات مالية عاجلة لأن هذه الأسر خسرت معظم ما تملك، إن لم يكن كل ما تملك.
حان الوقت لتعلن الحكومة برنامجاً واضحاً لتحسن الواقع المعيش وبرنامجاً موازياً للتعامل مع متضرري الزلزال.
برنامج وطني للحلول مع جدول زمني وليس بمحاولات أشباه حلول غير مجدية.
لا توجد مشكلة تحل نفسها بنفسها… إلى كل مسؤول لا تجلب لنا المشاكل. أحضر لنا الحلول.
أقوال:
– فكر أولاً بأبسط الحلول فقد تكون أنجحها.
– المشاكل الوطنية تحتاج حلولاً وطنية.
– لا يطرح التاريخ مشاكل دون أن ينتج الحلول في النهاية.