على الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها رائدة في مجال الحريات وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، إلا أنها حتى الآن لم تستطع أن توصل امرأة للبيت الأبيض، في حين استطاعت المرأة في دول تعتبرها أميركا مقصرة في مجال الحريات المدنية، أن تحكم كالسيدة بينظير بوتو رئيسة وزراء الباكستان ١٩٨٨ـ١٩٩٠ و١٩٩٣ـ١٩٩٦ والسيدة تانسو تشيلر رئيسة وزراء تركيا ١٩٩٣-١٩٩٦ والسيدة شيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنغلاديش ١٩٩١ـ١٩٩٦، وكل هذه دول إسلامية.
ربما يكون ترشح هيلاري كلينتون للانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٦ وانتخاب باميلا هاريس لتكون أول امرأة في منصب نائب الرئيس، أكثر ما وصلت إليه الولايات المتحدة في دفع النساء نحو البيت الأبيض.
ولعل السؤال الذي يطرح هنا لماذا بقي البيت الأبيض حكراً على الرجال؟
تبدل عدم التوازن بين الجنسين في السياسة الأميركية في العقود الماضية، ففي عام ١٩٩٢ كانت نسبة النساء في الكونغرس ٢ بالمئة اما الآن فتشغل المرأة ٢٥ بالمئة من مجلس الشيوخ و٢٧ بالمئة من مجلس النواب، وهناك ١٢ امرأة تشغل منصب محافظ إضافة إلى وجود نائبة للرئيس قد تصبح رئيسة للبلد، ومع هذا كله يبدو أن صعود امرأة إلى رأس الهرم السياسي في أميركا، مازال بعيد المنال وخاصة أن الديمقراطيين لم يعملوا حتى الآن على تعديل قانون الحريات المدنية والمساواة بين الجنسين.
قد يناقش البعض أن هناك احتمالاً كبيراً أن تصبح السيدة هاريس رئيسة للولايات المتحدة في حال تنحي الرئيس بايدن عن الرئاسة، إلا أن النقاشات الدائرة داخل البيت الديمقراطي تقول عكس ذلك، إذ يعتبر الكثير من الديمقراطيين أن كاميلا هاريس هي مصدر قلق للحزب بسبب ضعفها كمرشحة محتملة، وكتب في صحيفة «بوليتيكو الأميركية» جوناثان مارتن: «إن تياراً قوياً في الحزب الديمقراطي لا يريد أن يترشح بايدن مرة أخرى، لكنهم يخشون قول ذلك لأن خوفهم الأكبر هو أن تصبح هاريس مرشحة الحزب لانتخابات عام ٢٠٢٤، وبالتالي تكون غير قادرة على الفوز بالانتخابات»، أما صحيفة «التايمز» فقد نقلت عن عشرات الديمقراطيين قولهم إن «هاريس لم ترتق إلى مستوى التحدي المتمثل في إثبات نفسها كقائدة للحزب في المستقبل ناهيك عن البلد».
احتمال تحقيق اختراق نسائي لموقع الرئاسة في أميركا ليس أفضل حالاً في صفوف الجمهوريين، وقبل أيام أعلنت نيكي هيلي ترشحها رسمياً لخوض الانتخابات التمهيدية للفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤، وهي أول امرأة تشغل منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، وكانت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، ويقول معظم النقاد إن فوز نيكي هيلي بالانتخابات غير ممكن، فقد كتبت «وول ستريت جورنال» في افتتاحيتها «لا يوجد سبب منطقي واضح لترشحها»، أما صحيفة «التايمز» فقالت إن «نيكي هيلي لن تكون الرئيسة المقبلة».
احتاجت المرأة في الولايات المتحدة لثلاثة عقود لتسيطر على ربع الكونغرس فهل ستكون قادرة في القريب العاجل على تحطيم القيود والوصول إلى البيت الأبيض؟