في الوقت الذي يكون فيه ثمة إجماع على توافر كل المبررات والعوامل التي تجعل من إحداث جامعة في الحسكة مطلباً ملحاً وتتوافر كل العوامل لتنفيذ هذا المطلب، وفي الوقت الذي يزيد من هذه العوامل أهمية وقيمة إضافية واقع الحال الذي يؤكد اليوم أن الجامعة موجودة على أرض الواقع في الحسكة من حيث عدد الكليات والطلاب والكوادر والدوام، وأمام هذا الواقع الذي يتفق الجميع على أنه أكبر من الإمكانات ولا بد من توسيع دائرة الاهتمام والدعم والصلاحيات للوضع القائم الذي هو بحجم الجامعة، يبقى التسجيل في كلية طب الأسنان معلقاً بعد أن تم إحداث الكلية والدوام فيها.
لقد نجحت الجهات المعنية بالحسكة في توفير كل ما هو مطلوب وممكن سواء لجهة المقرات أم البنية التحتية وكل ما يوفر الخدمات الأساسية الضرورية ليبقى قرار تعليق القبول بهذه الكلية مستمراً، وهنا يبدأ أول الأسئلة المشروعة: لماذا هذا القرار وما مبرراته؟.
المعطيات التي تنفي وجود مبررات موضوعية لقرار لجنة القبول هي أن كلية طب الأسنان بالحسكة وصلت إلى مرحلة تجاوزت فيها حالة الولادة المتعثرة بعد أن بلغ عدد العيادات السنية فيها تسع عيادات كلفت ملايين الليرات وبعد أن عالجت آلاف المرضى مجاناً وقدمت لهم العلاج. وكانت إدارة فرع الجامعة كما علمنا بصدد شراء جهاز تصوير أشعة لتقديم المزيد من الخدمات المجانية. فإذا ذهبنا مع أصحاب الشأن الذين أصدروا القرار وناقشنا معهم الأسباب الافتراضية بأن الأمر يتعلق بالكوادر التدريسية فإن معظم كوادر جامعة الفرات اليوم هم في الحسكة ومعظم الكليات تفتقر للكوادر التدريسية، وبالتالي فإن ذلك ينسحب على كل الكليات فهل يتم إغلاقها أيضاً؟ والأمر الآخر هو لماذا لا يتم تسريع الإجراءات المتعلقة بتهيئة الكوادر وإيفاد الكوادر للتخصص من الكفاءات الموجودة بالمحافظة؟ وماذا ننتظر حتى نبدأ بالتأسيس لتوفير الكوادر الدائمة والمستقرة؟
المسألة تتطلب من أصحاب القرار الوقوف عند تداعيات وآثار إيقاف القبول بهذه الكلية وتذكيرهم بأن قانون إحداث جامعة الفرات والكليات التابعة لها في الحسكة جاء ليحدث نقله نوعية في مسيرة التعليم العالي ليس في المنطقة الشرقية فحسب، بل في القطر بأكمله فاستقطبت جامعة الفرات أبناء محافظات الرقة ودير الزور والحسكة بشكل خاص وأبناء المحافظات الأخرى بشكل عام ما خفف العبء الثقيل الذي كانت تنوء تحت وطأته الجامعات الأربع نتيجة تزايد عدد الطلاب الذين يتابعون تعليمهم الجامعي، وانطلقت جامعة الفرات بقوة وتحد للواقع والزمن واستطاعت في فترة زمنية قصيرة جداً أن تكون في مصاف الجامعات الأخرى من حيث المستوى التعليمي والبنية التحتية والمستلزمات والنشاطات الثقافية والتنويرية، واليوم أبناء الحسكة يترقبون إحداث جامعة في محافظتهم وليس إغلاق الكليات فهل يعاد النظر بذلك وتسير الجهود باتجاه توفير ما يلزم لإحداث جامعة في الحسكة وإعادة النظر بقرار تعليق القبول بكلية طب الأسنان والسير بخطوات متقدمة وليس التفكير بالتراجع؟