قضايا وآراء

سورية نبض وقبلة المقاومة

| معتز خليل

تابعت خلال الساعات الماضية تفاصيل اهتمام بعض الدوائر الغربية بالزيارة التي قام بها وفد من حركة حماس إلى العاصمة السورية دمشق للتباحث مع القيادة السورية والتنسيق في مواجهة سياسات حكومة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو.

وبات من الواضح أن هذه الزيارة تحمل الكثير من الدلالات والإشارات وخاصة مع حساسية توقيتها إلى دمشق، فما الذي يجري؟

مؤخراً أعلنت حركة حماس عن قيامها بزيارة إلى العاصمة السورية دمشق، وهي الزيارة التي قام بها وفد من الحركة على رأسه خليل الحية القيادي في الحركة، وتحمل هذه الزيارة الكثير من الدلالات لعل أبرزها التوقيت، وهو ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

1- عودة سورية من جديد في ظل توقيت صعب ودقيق تتعاظم فيه التطورات السياسية على الساحة.

2- عودة سورية تتزامن مع الكثير من الهجمات السياسية والعسكرية عليها، وهي تعلم تماماً حجم هذا التحدي، والأهم تعرف تفسير هذا القلق الغربي جراء تواصل المقاومة وجماعاتها مع سورية، التي مثلت دائماً رقماً صعباً لدعم المقاومة.

3- ظهور جديد لعدد من جماعات المقاومة الفلسطينية، تنوعت بين «عرين الأسود» و«كتيبة جنين»، وتحقق انتصارات مدوية.

4- انتقدت الكثير من الدول العربية صراحة هذه الجماعات، ووصل الأمر إلى حد إصدار سفارات عربية موجودة في إسرائيل بيانات تندد بالعمليات التي تقوم بها هذه الجماعات.

5- مع كل هذا كان لسورية موقف واضح وأصيل داعم للمقاومة ويرى أن أي تصعيد إسرائيلي سيقابل بتصعيد فلسطيني، وإسرائيل هي من تقف وراء هذا التصعيد بالنهاية.

غير أن هناك كثيراً من التحديات السياسية التي تواجه منظومة عودة العلاقات بين الجمهورية العربية السورية وحركة حماس تحديداً، حيث كان لحركة حماس دور معلن وواضح وصريح في دعم العصابات والجماعات غير القانونية في المخيمات والتي حاربت الجيش العربي السوري.

وكان لهذه العلاقات بين حركة حماس وهذه الجماعات أثر وذكرى سلبية للغاية في الشارع السوري، خاصة وأن سورية عانت ولا تزال من الصراعات والحروب التي خاضتها ضد هذه المنظمات غير القانونية، وهي المعاناة التي لن ينساها الشارع السوري بسهولة ولن ينسى أيضاً الجماعات والجهات التي دعمت الإرهاب والعنف.

والجميع يعلم أن الدولة السورية كانت أول من حذّر من هذه الجماعات الإرهابية، في الوقت الذي كانت فيه هذه الجماعات تحصل على المساعدات والدعم والتأييد الإعلامي والمالي والفكري من دول بالمنطقة، وهو دعم للأسف كان معلناً بل مصدر فخر لهذه الدول التي لم ترتدع إلا بعد أن حرق الإرهاب أصابعها وعرفت مصداقية الرواية السورية عن قرب.

الحديث الآن بات متغيراً ومتنوعاً ولا يقف فقط عند عودة العلاقات، لكن أيضاً بناء علاقات جديدة ثم تعاون إستراتيجي، ثم دعم من أجل التصدي للاحتلال، ومهما كان الدعم فإن ذكرى ما قامت به حركة حماس وتصريحات قياداتها السياسية، سيظلان ماثلين وموجودين في الكثير من الدوائر السورية التي ستتذكرهما، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية.

مع موقف سورية النبيل، فإن هناك الكثير من الضغوط النابعة من تقديرات إستراتيجية واضحة، فسورية تعلم أن هناك ضغوطاً سياسية وإستراتيجية تتبلور بالمنطقة، وهي الضغوط التي تنجم مثلاً عن اتفاقيات السلام الإبراهيمي واعتبار إسرائيل حليفاً وصديقاً بل شريكة في المصير، الأمر الذي يزيد من ضغط سورية التي تعلم تماماً خطورة السياسات الإسرائيلية، بل تعلم أيضاً تداعيات التعاون المشترك بين إسرائيل والدول العربية.

وفي الوقت ذاته ترى سورية أن الدول العربية حرة في سياساتها، وهي تنقل لها رؤيتها وتحذيراتها من أي مخاطر إستراتيجية ممكنة، غير أن القرار الداخلي في كل دولة يتعلق بها وهي حرة في انتهاج أي سياسة ترغبها.

ومع هذا الاقتناع السوري فإنها في الوقت نفسه تعرف أن هناك الكثير من التحديات التي يمكن أن تتبلور وبشدة جراء ذلك، خاصة في ظل التعاون الإستراتيجي بين هذه الدول العربية وإسرائيل.

هناك نقطة التفتت إليها بعض من الدوائر الغربية التي تابعت زيارة وفد حركة حماس إلى دمشق، تتجلى هذه النقطة في عدم اجتماع الرئيس بشار الأسد مع وفد حركة حماس حتى الآن، وهي نقطة علّق عليها القيادي في الحركة خليل الحية بالقول بأن وقت الرئيس كان بالفعل مضغوطاً وعصيبا.

من هذا التصريح يتضح أنه، وبعيداً عن أي استنتاجات أو تصورات، فإن الزيارة تثبت حقيقة معينة، وهي أن سورية تظل دائماً رقماً صعباً في المعادلة السياسية في الشرق الأوسط رغم ما تعانيه وتتعرض إليه من ضغوط ومصاعب سياسية وخارجية وإستراتيجية، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد بصورة عامة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن