يجول كتاب «قراءات في التاريخ والهوية والثقافة» للدكتور فاروق اسليم في تراث اللغة العربية وتاريخ العروبة، وما يحدث في العصر الراهن من تحديات ومحاولات للغزو الثقافي، وضرورة حماية الانتماء والتصدي لكل ما يهدد حضورنا الأصيل.
والكتاب من منشورات اتحاد الكتاب العرب، ويقع في مئتي صفحة من القطع الكبير، ومؤلفه عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب ورئيس مجلة «التراث العربي»، ولديه العديد من المؤلفات، منها «الانتماء في الشعر الجاهلي» و«قراءات في الشعر والعروبة» و«إجراءات النقد وقضاياه في الشعر الجاهلي» و«الشاعر ناقداً».
ويبين اسليم في كتابه أن المتابع العربي الحديث يجد أن اليقظة العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين قد شغلت بأسئلة التكوين التاريخي والهوية، وتنازعت ذلك مرجعيات إسلامية وقومية عربية وما قبلها من مرجعيات تنتمي إلى تكوينات عرقية في عدد من الأمداء الجغرافية العربية.
وعي الهوية العربية
ويشدد الباحث في كتابه على ضرورة الحفاظ على الدور الريادي للمثقفين العرب الذين نبهوا إلى إشكالية وعي الهوية العربية، وينبه الكاتب من خطورة الأزمة الثقافية، باعتبار أن الصراع العربي – الإسرائيلي هو صراع وجود وهوية، فلا بد من الاهتمام بوعينا وثقافتنا لمواجهة التحديات والحفاظ على استمرارية الوجود التاريخي الموحد للأمة.
كما أوضح أن الانتكاسات التي مني بها المشروع القومي العربي في الساحة العربية والإشكالات على صعيد الدول العربية بدأت منذ بداية الحصار الأميركي للعراق وتدمير اقتصاده، وما تبع ذلك من تقسيم طائفي وعرقي جاء ليهمش التاريخ العربي والهوية العربية، ويعمل على تفكيك الوحدة الوطنية.
وفي الكتاب يسلط الباحث اسليم الضوء على أهمية المقاومة الشعبية في مواجهة التطبيع مع الثقافات الغربية، ولاسيما مقاومة الكتاب والمثقفين العرب والنقابات المهنية والأحزاب.
ويرى الباحث في كتابه ضرورة الحفاظ على الدور الريادي للمثقفين العرب الذين نبهوا من إشكالية الوعي بالهوية العربية، وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وظهور النظام العالمي الجديد، وما رافقهما من تبشير بتغيرات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية تستجيب لمتطلبات العولمة، وإعادة وعي المجتمعات بوجودها التاريخي، ولاسيما عند العرب.
دعم توجه المثقف
ولفت الباحث في كتابه إلى خطورة ما تواجهه الأمة العربية الذي يفوق ما تواجهه الأمم الأخرى، إضافة إلى ما تواجهه فلسطين من استبدال للهوية العربية وإلغائها لمصلحة العبرية الغربية.
ورأى الدكتور اسليم أن تحصين الهوية العربية والوطنية عمل واسع الأطياف يتصل بالوعي والاستجابة للتحديات وسلوك المواطنة، الذي تحتاج إليه الثقافة الوطنية والعربية، مبيناً أنه لا بد من دعم توجه المثقف إلى الحفاظ على هويته ووعيه وعدم التخلي عن تاريخه وانتمائه ووطنيته، ومواجهة التجديد الذي لا يتلاءم مع شخصيته.
والدكتور فاروق اسليم من مواليد مدينة إدلب في عام 1953. حاصل على دكتوراه في الدراسات الأدبية من جامعة حلب ويعمل أستاذاً فيها، وسبق له أن درّس في قسم اللغة العربية بجامعة الإمارات، كما له مشاركات في الكثير من الندوات والمؤتمرات العلمية في سورية والإمارات.