رياضة

في سلتنا الوطنية.. أندية هاوية ومدربون تنقصهم الخبرة وفرصة مواتية للاتحاد

| مهند الحسني

من الصعب أن نتخيل في يوم من الأيام أن يصبح المريض طبيباً ليسأل عن طريقة علاجه وشفائه، ولا أن يكون الداء هو المفوض باختراع الدواء الخلاص والبرء منه، ولمن يظن بأن الفساد هو فساد الرشوة والاختلاس والمصالح الشخصية فهو واهم، فالوجه الآخر للفساد هو تولية الأمور لغير أهلها.

في رياضتنا عموماً وسلتنا على وجه الخصوص ثمة أسئلة تخطر على البال عن أسباب تراجع مستوى منتخبات السلة منذ سنوات طويلة، ولقد مللنا من ذكرها بأن سببها غياب جيل من اللاعبين النجوم، وعدم قدرة الاتحادات والأندية على خلق البديل، إضافة إلى ضعف الإمكانات المادية، وعدم قدرة منتخباتنا على التحضير المثالي المناسب، هذا الكلام بات من البديهيات، وكل يوم يتحفنا البعض به حتى وصلنا إلى مرحلة كبيرة من الملل، لكن هناك أسباباً لم يأت أحد على ذكرها كثيراً، وربما كانت هي الحلقة الأهم في عملية التطوير لسلتنا.

المستوى العام

يعرف القاصي قبل الداني أن السلة السورية متراجعة لا تعيش حالة مثالية، لأن لا شيء مثالياً في رياضتنا، وباتت سلتنا تعيش على الطفرات هنا، وأخرى هناك، ودعونا نكن صريحين لدرجة كبيرة، ونعترف بأن سلتنا ليست في أحلى أيامها رغم الإشراقات الأخيرة على صعيد منتخب الناشئات، لكنها لا يمكن أن تجعلنا نتفاءل كثيراً لأننا على دراية بأن اللعبة تمر في أسوأ مراحلها، ورغم أنها حظيت ببعض المخلصين في الفترة السابقة ممن بذلوا جهدهم بما توفر إليهم من وسائل، فبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء سلتنا أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر في عهد الاتحاد الحالي.

مدربون أجانب

قاد منتخبنا الوطني الأول بكرة السلة في السنوات الأخيرة العديد من المدربين الأجانب من مستوى عال، وقد اتسعت فسحة تفاؤلنا برؤية منتخباتنا في المراكز المتقدمة في البطولات العربية والقارية، لكن الحقيقة أفرزت نتائج عكسية، وتفاؤلنا لم يدم طويلاً بعد سلسلة من النتائج التي خيبّت آمالنا، فجميع المدربين رغم خبرتهم الكبيرة وتاريخهم الحافل بالإنجازات، لم ينجحوا في تحقيق نتائج إيجابية وتطوير مستوى اللاعبين بشكل عام، ولهذا الفشل في نظر خبراء اللعبة أسبابه الكثيرة التي ما زالت سلتنا بأنديتها تعاني منها منذ سنوات طويلة.

أندية لا تعمل

يبدو أن مشكلة تراجع نتائج منتخبات السلة تأتي انعكاساً لما يحصل من فوضى فنية في أنديتنا، وعملية بناء اللاعب ما زالت عرجاء، وهي لا تلبي الطموح، ولا تتناسب مع التطور الحاصل باللعبة بشكل عام، والعمل في الفئات العمرية لدى هذه الأندية لا يبشر بالخير، لكون المشرفين على هذه الفرق هم من المدربين الشبان الذين أنهوا حياتهم الرياضية كلاعبين ضمن أنديتهم، وتكريماً لهم ولولائهم للنادي يتم تكليفهم بقيادة هذه الفرق، وهؤلاء المدربون غير مؤهلين فنياً وتدريبياً لقيادة هذه الفرق، وإكسابها أبجديات اللعبة الصحيحة، وهم لم يتبعوا دورات تدريبية عالية المستوى تؤهلهم للعمل مع هذه الفئات بطريقة علمية سليمة، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على اللاعب الصغير الذي يكتسب مهارات فنية خاطئة وغير صحيحة، وبالتالي يؤثر في صناعته كلاعب جيد ممكن أن يكون ضمن صفوف المنتخب في المستقبل.

بدا هذا واضحاً أثناء لقاءات منتخبنا في مشاركاته الأخيرة، فالبون شاسع من حيث المستوى الفني والفهم التكتيكي والمهاري بين لاعبينا ولاعبي باقي المنتخبات، لذلك لابد من إعادة النظر بمدربي فرق القواعد، والعمل على تأهيلهم بدورات تدريبية عالية المستوى، وألا يسمح لأي مدرب بتولي قيادة أي فريق من دون أن يكون متمكناً وقادراً على التطوير.

منتخب قادم

تفصلنا فترة زمنية طويلة عن أقرب استحقاق عربي أو قاري بالنسبة لمنتخب الرجال وهي كافية لبيان مدى قدرة الاتحاد على إعداد منتخب جديد للمستقبل، ولنعترف بأن الاتحاد قد أخطأ في طريقة إعداد منتخباته على أسس علمية بحتة منذ توليه لمهامه، ولو عمل منذ البداية مع لاعبين من أعمار صغيرة، ووفر لهم كل الأجواء التدريبية المريحة والمثالية، لكان حالياً يحصد ثماراً يانعة ولديه منتخب قوي ومنافس، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، ومع ذلك الوقت مازال أمامه واتحاد السلة أمام فرصة جديدة ليثبت مدى قدرته على إعداد منتخب من أعمار صغيرة، والتعاقد مع مدرب أجنبي من مستوى عال، ومنحه كامل الصلاحية لينتقي ما يراه مناسباً من لاعبين، ولابد من الصبر على هذا المنتخب لكونه اللبنة الأساسية لتطوير مستوى سلتنا ومنتخباتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن