كشف استطلاع للرأي أعده «المركز الأكاديمي للاستفتاء والتحليل» التابع لشركة «شيكار للأبحاث والاستطلاع»، عن وجود قبول شعبي بحل كيان إقليم كردستان والعودة للسلطة المركزية المباشرة، وبتحميل أغلبية المشاركين في الاستطلاع حكومة الإقليم والأحزاب السياسية الكردية مسؤولية تدهور العلاقات بين بغداد وأربيل.
شركة «شيكار للأبحاث والاستطلاع»، هي شركة خاصة مملوكة من مراد حكيم ورابر طلعت ومهدي حسن، تأسست في العام 2010 ومقرها أربيل، تعد إحدى الشركات الرائدة في هذا المجال التي يعمل بها عدد من أساتذة الجامعات والأكاديميين، وقد سبق أن أجرت العشرات من الاستطلاعات والمُسوح المهمة في إقليم كردستان.
«شيكار» أجرت استطلاعاً للرأي في مناطق نفوذ الحزبين الكرديين الرئيسين «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» في إقليم كردستان، أشارت أبرز نتائجه إلى أن:
– 50.7 بالمئة من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أنه من الأفضل لهم الآن حل كيان إقليم كردستان والاندماج مع بغداد.
– 64 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع في مناطق نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني هم مع حل حكومة إقليم كردستان.
– 53 بالمئة عبروا عن خشيتهم من أن تؤدي قرارات المحكمة الاتحادية إلى إضعاف بنية إقليم كردستان وتلاشيه لاحقاً.
– 59 بالمئة من المستطلعة آراؤهم أكدوا بأنهم ليسوا على استعداد للتظاهر ضد الحكومة الاتحادية في بغداد.
– 21 بالمئة من المستطلعة آراؤهم اعتبروا أن قرارات المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان قانونية ونزيهة، بمقابل 46 بالمئة اعتبروا القرارات غير قانونية ويرون أنها صدرت ضد الإقليم بدوافع أخرى.
صحيفة «الصباح» الرسمية نشرت في الـ 18 من شباط الماضي، مقالاً تحت عنوان: «استطلاع: الأغلبية تفضل الارتباط بالحكومة الاتحادية.. هل سيُحل إقليم كردستان؟» معلقة على الاستطلاع من دون نشر أرقامه.
الصحيفة لم تكن تتوقع أن يُثير مقالها عاصفة غضب حادة من حكومة إقليم كردستان التي اعتبرت في بيان لها، أن الصحيفة نشرت تقريراً ادعت فيه أن استطلاعاً للرأي خلص إلى إحباط المواطنين من السلطة السياسية في الإقليم ورغبتهم في العودة إلى بغداد، مبينةً أن «المركز والاستطلاع المزعوم الذي استندت إليه الصحيفة، ليس لديه أي أساس علمي وأنه بعيد عن الصحة»، مضيفة: «إذا كانت صحيفة الصباح ومن يقفون وراءها يؤمنون باستطلاعات الرأي، فإن الأغلبية العظمى لشعب كردستان أدلوا بكلمتهم في 25 أيلول 2017، في أكبر استفتاء شعبي وتصويت حر، حيث صوتوا لمصلحة الاستقلال، لكن سلطات بغداد آنذاك، ردت على الاستفتاء وآراء المواطنين بشن هجوم عسكري واستخدام الجيش ضد شعب كردستان وفرض الحصار عليهم»، مشيرة إلى أن «لدى إقليم كردستان كيانه القانوني والدستوري وهو نتاج دماء آلاف الشهداء وصمود البيشمركة الأبطال، وليس لأي سلطة القدرة على حل إقليم كردستان، وهو لن يُحل بما تكتبه صحيفة مُفلسة»!
المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، قال في بيان له: إن ما ورد في جريدة «الصباح»، «هو رأي شخصي، ولا يمثل وجهة نظر حكومية أو رسمية إطلاقاً».
صحيفة «الصباح» من جانبها، ردت في توضيح لرئيس تحريرها أحمد عبد الحسين في الـ 19 من شباط الماضي، من أن «الجريدة لم تُجر أي استطلاع وهناك لبس في الموضوع، والاستطلاع أجراه مركز للبحوث ونحن تابعناه فقط، إضافة إلى ذلك نشرنا في التقرير آراء مخالفة للاستطلاع ونتائجه»، وأنه «لا هدف من وراء نشر التقرير سوى المتابعة الصحافية، وهذا هو جوهر الصحافة أن نتابع الملفات ذات الحساسية العالية لكن مع توافر شروط المهنية وعرض كل الآراء»، مشيراً إلى أن «ردود الأفعال كانت غاضبة ويبدو أنها لم تقرأ التقرير جيداً واكتفت بالعنوان ولو قرئ التقرير لتبين أننا تناولنا الموضوع بمهنية عالية».
تدهور الأوضاع العامة السياسية والاقتصادية في إقليم كردستان، واستمرار أزماته من دون حل قريب، في ظل امتناعه عن تسديد عائدات تصدير النفط وواردات المنافذ الحدودية والرسوم والضرائب الأخرى المرتبطة بالإقليم للحكومة الاتحادية، وتضاؤل فرص حل النزاع الدائم بين الحزبين الكرديين الكبيرين المتصارعين على أرض الإقليم التي دخلت مرحلة كسر العظم، دفعت رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني خلال مشاركته في منتدى أربيل السنوي الثاني في الـ2 من آذار الجاري، إلى القول: «الخلافات الداخلية في الإقليم أنهكت الجميع وحان الوقت لحلها، ومن هنا أدعو الإخوة في الاتحاد (الوطني الكردستاني) إلى العودة لمجلس وزراء الإقليم، نحن نأخذ جميع المخاوف وعلى المستويات كافة على محمل الجد».
المؤشرات التي بينها استطلاع الرأي الذي أجرته شركة «شيكار»، أظهرت حالة التفكك التي وصل إليها إقليم كردستان، والرأي الشعبي الكردي بما آل إليه حالهم، كاسرين محرمات الحديث عن العلاقة بالمركز، لمصلحة قبولهم فكرة العودة للسلطة المركزية في بغداد، ما شكل صدمة صاعقة لإقليم محموم.