فريد الأطرش موسيقار الأزمان وملك العود … عثمان الحناوي لـ«الوطن»: كان يمتاز بكل صفات الفنان والإنسان
| مايا سلامي- ت: مصطفى سالم
أمسية حالمة تشاهد خلالها كل ما حولك بالأبيض والأسود، لتأخذك في رحلة عبر الزمن الجميل، يصدح فيها صوت موسيقار الأزمان فريد الأطرش، الذي كان حاضراً بفنه الخاص والمميز مساء السبت في المنتدى الاجتماعي في منطقة الطلياني بدمشق، حيث تحدث الموسيقي عثمان الحناوي عن تاريخ الفنان الراحل ومسيرته الحافلة التي اطلع على تفاصيلها من بعض المقربين منه الذين عاصروا أوج إبداعه وتألقه، كما حاوره المؤلف الموسيقي إيهاب المرادني.
وحضر الأمسية حشد كبير من الجماهير الوفية للفن الراقي والنبيل الذين جاؤوا متلهفين للتعرف على أبرز محطات ملك العود، حيث بدت السعادة العارمة على وجوههم وهم يتفاعلون بكل حب وشغف مع أغنياته وأفلامه التي حفظوها عن ظهر قلب.
أحرف من ذهب
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال عثمان الحناوي: «حضوري في هذه الأمسيات نابع من لهفتي ومحبتي الكبيرة لعمالقة الفن والطرب، وأرى أنه من الضروري إحياء ذكراهم لنعرف الأجيال الحديثة على الذين أثروا المكتبة الموسيقية، لذلك حاولت أن أكرس نفسي لأحضر في هذا المنتدى الجميل بكل شهر وأقدم شيئاً عن هؤلاء العظماء الذين سطروا أسماءهم بأحرف من ذهب».
وأضاف: «اليوم سأقدم فقط بعض الإضافات البسيطة عن مسيرة فريد الأطرش وأخلاقه وكرمه، بالإضافة إلى بعض الأشياء النادرة التي عرفتها من الأساتذة الكبار مثل عبد الوهاب وبليغ حمدي الذين حدثوني عن حياته بمصر وأنه كان يمتاز بكل صفات الفنان والإنسان».
وأعرب عن سعادته بالإقبال الكبير إلى هذه الأمسيات من جانب أناس مازالوا محتفظين بهؤلاء الفنانين في ذاكرتهم الجميلة، مشيراً إلى أن هذه السلسلة ستستمر بعد شهر رمضان، حيث ستقدم سيرة رياض السنباطي وزكريا أحمد ومنير مراد، وغيرهم من الفنانين غير المعروفين أو الذين غابوا عن ذاكرة الجماهير.
طفولته ونشأته
وفي بداية الأمسية تحدث عثمان الحناوي عن طفولة الموسيقار الكبير فريد الأطرش، قائلاً: «ولد فريد الأطرش عام 1917 في قرية القريا بالسويداء وكان عمه الزعيم سلطان باشا الأطرش، حيث انطلق من عائلة كلها أمراء ومناضلون ولهذا السبب خافت عليهم والدته علياء المنذر في أثناء الانتداب الفرنسي وغادرت بهم إلى لبنان ومن ثم إلى مصر، حيث لم يسمحوا لهم بالبداية في الدخول حتى تواصلوا مع الزعيم سعد زغلول الذي أذن لهم مباشرة».
وأوضح أن طفولة فريد في ذلك الوقت كانت صعبة للغاية فعمل في مهن مختلفة كتفصيل الأثاث للمنازل حيث قال في أحد لقاءاته: إن أجمل أيام حياته كانت عندما ينجز غرفة نوم مثلاً لأحد الزبائن حتى ينال أجره.
وأشار إلى أن والدته أدخلته في مصر مدرسة تابعة للديانة المسيحية حيث نال صوته إعجاب مدرسيه فطلبوا منه أن يؤدي التراتيل في كل احتفالية لعيد الميلاد، مشيراً إلى أنه منذ ذلك الوقت بدأ يعمل على نفسه بشكل أكبر حتى نبغ كفنان حيث عمل عند بديعة مصابني التي كانت تمتلك مسرحاً ضخماً في ذلك الوقت.
وأكد الحناوي أن فريد الأطرش ورث الصوت الجميل عن والدته التي كانت من الأصوات الجبلية الجميلة والقوية لكنها لم تمتهن الغناء، لكن أولادها نشؤوا في كنفها فتنمت هذه الموهبة لديهم.
مسيرته الفنية
وفي حديثه عن مسيرته الفنية أوضح عثمان الحناوي أن فريد الأطرش أخذ ألحانه في بداياته من يحيى اللبابيدي في أغنية من «يوم جفاك» ومن فريد غصن في أغنية «يا ريتني طير لطير حواليك»، مشيراً إلى أن الموسيقي مدحت عاصم كان أول من اكتشف موهبة فريد.
وأشار إلى أنه تعلم الموسيقا بشكل أكاديمي وكانت موهبته بارزة حيث درس آلة العود على يد الموسيقار رياض السنباطي الذي تعلم منه العزف لكنه صنع لنفسه في وقت لاحق بصمة خاصة بالتكنيك الجديد الذي ابتكره وطوره فكان التلميذ الذي تفوّق على معلمه.
ولفت الحناوي إلى أن فريد الأطرش دخل نقابة المهن الموسيقية المصرية وهو غير مصري ونجح رغم مكوثه في مصر بزمن العمالقة وعلى رأسهم أم كلثوم، مؤكداً أن السينما المصرية خدمته كما خدمها هو.
وبين أن فرنسا كرمت فريد بمنحه وسام الخلود الذي ناله أربعة موسيقيين فقط وهم موزارت، بيتهوفن، شوبرت، وفريد الأطرش، موضحاً أنه كان من الموسيقيين العالميين، حيث وصلت ألحانه إلى الغرب وغنيت بأكثر من لغة وهذا ما ميزه عن عبد الوهاب الذي أخذ من الموسيقا الغربية وطورها في حين فريد أخذ منه الغرب.