بمشاركة أسرته ندوة عن نذير العظمة في ثقافي كفرسوسة … سكر لـ«الوطن»: للعظمة حق علينا بأن نقيم له حفل تأبين عظيماً يليق به
| مصعب أيوب
الاحتفاء بالأديب يعد اعترافاً بجميل صنعه وقيمة إبداعه حتى وإن رحل عن عالمنا فهو يرقبنا من هناك ولعله سعيد بذلك، فالتكريم يشمل أعماله وعائلته، وهو بمنزلة وفاء لجهد الأديب وتثمين لمنجزه الأدبي ولاسيما إذا كان الراحل صاحب إرث ثقافي وشعري كبير إضافة إلى االعديد من الترجمات، فقد أسند إليه العديد من المسؤوليات والمهام، وهو من أوائل الذين أسهموا في تطوير القصيدة العربية الحديثة، لذلك أقامت وزارة الثقافة في الساعة الخامسة مساء يوم الإثنين ندوة ثقافية بعنوان: «د. نذير العظمة أديباً وأباً وإنساناً» في المركز الثقافي العربي في كفرسوسة.
محطات مهمة في حياة الراحل
في كلمته الدكتور راتب سكر استعرض أهم المحطات في حياة الراحل مبيناً أنه جَبَل مسرحياته وشعره وكتاباته بجبلة من حب وكرامة ويقين وعلوم ودين وثقافات عربية وإنسانية.
وتطرق سكر إلى مغادرة العظمة للولايات المتحدة الأميركية التي كان يحمل جنسيتها في عام 1980م متوجهاً إلى لبنان ليندمج في نشاط سياسي وثقافي حول ما يجول في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت من أحداث لاهبة، حيث عمل مع منظمة «االعاصفة» ضمن حركة فتح وتعاون مع الشاعر الفلسطيني علي فودا في نشر مجلة رصيف الأدبية إلى أن سقط صديقه الفلسطيني مضرجاً بدمائه ليمكث العظمة بجانب سريره وينظم له قصيدة رثاء
وأشار سكر إلى بعض المؤتمرات والوفود التي ترأسها العظمة ومنها وفد اتحاد الكتاب العرب إلى موسكو وكذلك إلى الهند في عام 2004م، ليعزز بذلك اكتشافه للتجارب الإنسانية لشاعر الهند الحائز على جائزة نوبل، فعلمه الثقافي الواسع ألهم العظمة بقصيدة طاغور وقد كان مع الوفد رئيس اتحاد الكتاب العرب حينها علي عقلة عرسان والشاعر بديع صقور.
الأب الحازم والعطوف
وفي الكلمة التي ألقتها إسراء العظمة ابنة الراحل ألقت الضوء عليه كمعلم لها ولإخوتها في المنزل، فهو من أمسك بيدها لإتمام دراستها الجامعية في سورية وخارجها وكان يعلق دائماً على أنها متميزة أكثر منه في الجانب العلمي والثقافي، لكن الأمور غير ذلك فمن نحن أمام قامة أدبية وغنية كهذه.
وأشارت إلى الأسلوب الذي كان يتبعه والدها في تربيتها، إذ تعمد الصرامة والرصانة والحزم لثقته الحقيقية بأنه لا فرق بين ذكر وأنثى، فالجميع يجب أن يكونوا أقوياء ويسهموا في البناء ويكونوا ذا أثر في المجتمع.
واستذكرت مع الحضور بعض الذكريات الجميلة والمواقف الطريفة التي عاشتها مع أبيها موضحة أنه كان لطيف المعشر وأنيساً في بيته بين أفراد عائلته، متنوع المواهب بين الغناء والرقص واستخدام الآلات الموسيقية.
وعبرت إسراء عن أسفها لكون الراحل لم يدرس في جامعة دمشق، لأن من حق من يقرأ أبحاثة وشعره أن يعرف هذا الرجل النبيل ويعاشره.
بينما تعذّر على سيدرا ابنة الراحل الحضور لأسباب قاهرة وكان في الورقة التي أرسلتها أن والدها ترك في حياتها أثراً لا يمحى ولا ينسى إذ لا يعرف قيمة الأب إلا من فقده ولا يعرف تأثير دعواته إلا من حرمها.
وقالت أيضاً: «رحل وترك مكاناً لا يملؤه أحد من بعده، كلماته باقية في ذهني، واستذكر القصص والمواقف والشعر وجلساته الطويلة للحوار، هو نذير البطل، هو القصة، هو المسرحية والعبرة والأب، عشت معه عمراً ممتعاً ولم اكتف منه وسيبقى في القلب والذكرى والوجدان».
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» تقول نعيمة سليمان مديرة الثقافة في مدينة دمشق: إن هذا اللقاء اليوم جاء بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة الراحل نذير العظمة، فهو أكبر من أن يعرّف لأنه ترك بصمة كبيرة في الوسط الأدبي والمشهد الثقافي ولاسيما أنه نال جائزة الدولة التقديرية في العام 2014م.
ونوهت بأن الراحل كان من رواد الحداثة وله بصمة واضحة في تطوير القصيدة من خلال الدمج بين الأصالة والحداثة، لأن الحداثة تنبع من الأصالة وتجسد التجارب الإنسانية وذلك باعتماده على الموروث الشعبي والتجربة الصوفية.
وقد قال الدكتور سكر لـ«الوطن»: إن هذا اللقاء نوعي ومهم، لأن الراحل كان كبيراً في أكثر من ميدان ومن حقه علينا أن نقيم له حفل تأبين أدبياً عظيماً، ولكن لسوء الظروف والمصائب الجسام ولاسيما الزلزال المدمر اضطرت وزارة الثقافة لإيقاف نشاطاتها، ولكن أظن أنها ستستأنف فعالياتها بشكل تدريجي بداية من هذا اللقاء البسيط والمتواضع مقارنة بعظمة شأن صاحبه واسمه وعلمه ومكانة شعره.