رجا لـ«الوطن»: ما جرى ليس مصالحة وإنما «تسوية» بحكم قوة الأمر الواقع … تأجيل تنفيذ اتفاق الحجر الأسود بسبب خلافات داخلية بين المسلحين و«ربما ارتبط بمقتل علوش»
تعثرت أمس عملية إخراج مسلحين من تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين من مدينة الحجر الأسود بريف دمشق الجنوبي، بموجب «تسوية» تمت بين الأجهزة المعنية السورية والمسلحين، وسط تأكيدات أن العملية «تأجلت» «عدة أيام» بسبب خلافات بين المسلحين، وأن مقتل قائد ميليشيا «جيش الإسلام» في غوطة دمشق الشرقية زهران علوش له علاقة بهذا الأمر.
ورغم تعثر العملية، إلا أن قيادات فلسطينية أعربت عن تفاؤلها بأن العملية ستنجح وستمتد إلى مناطق أخرى مثل مخيم اليرموك وحي التضامن، لأنه لم يعد أمام المسلحين سوى الخروج بعد أن ضاقت الدائرة من حولهم، لكن مراقبين اعتبروا أن عودة الأهالي المهجرين إلى تلك المناطق ستأخذ بضعة أشهر لأن الاتفاق الحالي يشمل الحجر الأسود ومحيط مخيم اليرموك فقط.
وفي اتصال هاتفي، أجرته معه «الوطن» عصر أمس، قال القائد الميداني في قوى التحالف الفلسطيني غازي دبور والموجود على خطوط التماس في مخيم اليرموك «من المؤكد أن الاتفاق حالياً بات مؤجلاً أو مجمداً بسبب خلافات داخلية بين المسلحين وربما التأجيل مرتبط بمقتل الإرهابي زهران علوش». وأكد دبور، أنه لم يخرج أحد من المسلحين اليوم (السبت) ولا أمس (الجمعة)، مشيراً إلى أن مجموعة يعتقد أنها من عوائل المسلحين كانت خرجت قبل أيام من دون معرفة الجهة التي توجهت إليها.
وأضاف دبور: «الاتفاق أجل أو جمد ربما لأيام، ونحن متفائلون لأنهم في النهاية سيخرجون باعتبار أنه لم يعد هناك مجال (لبقائهم)». وأوضح، أن الاتفاق الحالي يشمل «خروج مسلحي داعش وربما عدد من مسلحي جبهة النصرة من الحجر الأسود ومحيط المخيم، وربما يخرج معهم بعض المسلحين الآخرين في المخيم من الموالين (لداعش) وهذا اتفاق ضمني بين المسلحين، ولكن لا اتفاقات أخرى بخصوص المخيم والمناطق الأخرى». وأضاف: «بعد الانتهاء من عملية إخراج المسلحين من الحجر ربما يحصل لمن تبقى من مسلحين في المخيم والمناطق الجنوبية الأخرى ترتيب آخر».
وكان من المفترض أن تبدأ أمس عملية إخراج بين 3500 إلى 4000 شخص بينهم أكثر من ألفي مسلح أغلبيتهم من تنظيم داعش وجبهة النصرة من مدينة الحجر الأسود ومحيط مخيم اليرموك وحيي القدم والعسالي جنوب دمشق إثر اتفاق بين الجهات المعنية السورية والمسلحين. وكان العديد من الحافلات بانتظار وصول المسلحين وعائلاتهم عند مدخل حي العسالي المحاذي للحجر الأسود من الجهة الغربية.
ونقل الموقع الالكتروني لقناة «روسيا اليوم» عن مصدر في لجان المصالحة الشعبية في جنوب دمشق: إن إخراج المسلحين وعوائلهم تعطل بسبب بعض العوائق اللوجستية ومنها منع مسلحي ميليشيا «جيش الإسلام» المسيطرين على منطقة بئر القصب في القلمون الشرقي من مرور القوافل التي تنقل المسلحين وذلك رداً على مقتل علوش.
من جانبه في تصريح لـ«الوطن» أكد الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أنور رجا، أن ما جرى «ليست مصالحة وإنما تسوية بحكم قوة الأمر الواقع، فالمصالحات لا تتم مع مجموعات إرهابية».
وأوضح رجا، أن هذه المجموعات «أدركت الآن أن الآفاق باتت أمامها مغلقة وأن الدائرة تضيق عليها وأن هناك حالة تقدم وانتصارات يحققها الجيش العربي السوري وبالتالي كانت هذه التسوية في ذات الإطار الذي جاءت فيه تسويتي حي الوعر وحمص القديمة».
ولفت رجا إلى أن الدولة السورية كانت تعمل على هذا الموضوع «منذ أشهر والاتفاق تم بين الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة حصراً ولا يوجد أي طرف آخر». وأضاف: «هذا شأن بتته الدولة السورية أو الأجهزة المعنية مع المجموعات المسلحة بشكل مباشر عبر وسطاء محليين ولكن الجانب الفلسطيني لم يكن طرفاً في هذه التسوية»، موضحاً أن هذا الاتفاق «هو خارج إطار الاتفاق على أي ترتيبات لاحقة في مخيم اليرموك».
وأوضح رجا أن خروج المسلحين بموجب هذا الاتفاق «ليس خروجاً نهائياً لهم بل يتعلق حصراً بداعش وأن المجموعات الأخرى من «سراحين» و«قراعين» و«أحفاد الرسول» وغيرها… لا تزال موجودة وبالتالي هذا لا يعني أن العودة (عودة الأهالي) ستكون فورية».
وأشار رجا إلى أن عدد من سيبقى من مسلحين وعائلاتهم في مناطق الحجر واليرموك ومحيطه هو بين 1500 و2000، معتبراً أن أغلبية هؤلاء المسلحين سيتجهون إلى «تسوية أوضاعهم بحكم قوة الأمر الواقع».
ورأى رجا أن هذا الاتفاق يعكس «حالة الانهيار المعنوي التي وصل إليها المسلحون، وما زادها أيضاً مقتل علوش والقيادات التي حوله»، مضيفاً: «هذا الأمر يمكن أن يصبح عدوى في مناطق أخرى بريف حوران وريف حمص ومناطق أخرى».
ورداً على سؤال إن كان مصير الأهالي المهجرين من تلك المناطق سيبقى معلقاً مع وجود مجموعات مسلحة في تلك المناطق على غرار ما حصل في برزة والمعضمية والقدم والعسالي ويلدا وببيلا وبيت سحم، قال رجا: «أنت تفكك الحالة على طريقة أحجار الدومينو والأمر سينعكس على بقية المسلحين مزيداً من التفكيك والانهيارات المعنوية وإذا اقتضى الأمر أن تتعامل معهم عسكرياً فيصبح الأمر أسهل بكثير».
وأضاف: «بدأت الأمور من العسالي والقدم وامتدت للحجر الأسود.. وهذه هي القاعدة الخلفية للمسلحين وهي أهم عمق للمسلحون في اليرموك وعندما يضرب العمق يصبح المسلحين في اليرموك في حالة منهارة».
وأبدى رجا عدم تخوفه من قيام تنظيمات مسلحة من الغوطة الشرقية بملء الفراغ في المناطق التي سيخرج منها تنظيما داعش والنصرة لأن «الغوطة الشرقية معزولة لا يوجد أي إمكانية للتمدد إلى تلك المناطق».
وحسب مراقبين فإن هذا الاتفاق مقدمة كبيرة لتطهير المنطقة الجنوبية من المسلحين وأن عودة الأهالي إلى مناطق الحجر واليرموك والتضامن والقدم والعسالي أصبحت «أيسر وأسرع وأسهل وبالتالي يمكن التحدث عن مراحل زمنية ليست بعيدة لعودة الأهالي، أي يمكن أن يأخذ الأمر 3 أشهر».
وأمس الأول قال أمين سر «تحالف قوى المقاومة الفلسطينية» في سورية، خالد عبد المجيد: إن اتفاق الحجر الأسود، هو اختبار لحسن النيات، تمهيداً لتعميم التجربة على المناطق المجاورة.
وأوضح عبد المجيد في تصريح صحفي: إن مراحل تنفيذ الاتفاق تتضمن «البدء بخروج الجرحى وعائلات المسلحين بالمرحلة الأولى، وتدمير الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، واصطحاب المغادرين أسلحتهم الفردية فقط، وإزالة بعض السواتر وفتح بعض الطرقات بين الحجر الأسود ومنطقتي القدم وسبينة، على أن يغادر قسم من مسلحي جبهة النصرة الحجر الأسود إلى مدينة مارع (ريف حلب الشمالي)، وتتم تسوية أوضاع المسلحين الذين سيبقون بالمنطقة بعد تسليم أسلحتهم، وعودة الحي إلى كنف الدولة السورية، كما يضمن الاتفاق وصول العائلات والجرحى إلى مدينة الرقة، مروراً بمناطق تحت سيطرة الحكومة السورية، بينما ينتظر أن ينقسم المسلحون الباقون إلى وجهتين: الرقة، ومناطق سيطرة داعش في البادية، وبعد تنفيذ اتفاق الحجر الأسود يبدأ العمل في متابعة تنفيذ الاتفاق في مخيم اليرموك والتضامن.