ماذا عن الأسعار في الشهر الفضيل؟ … تجارة دمشق: الأسعار ترتفع قبل رمضان وتنخفض بعد الأسبوع الأول … د. فضلية: نسبة كبيرة من العوائل السورية وضعها الاستهلاكي «حرج» خلال رمضان
| رامز محفوظ - هناء غانم - جلنار العلي:
مع قرب حلول شهر رمضان وزيادة الطلب على المواد الغذائية، تشهد الأسواق حالة من الانفلات والغلاء اليومي في أسعار معظم المواد وخصوصاً الغذائية منها، فما الإجراءات الحكومية المطلوبة لخفض الأسعار أو ضبطها؟ وهل سنشهد ارتفاعاً إضافياً واستغلالاً من بعض التجار خلال شهر رمضان كما يجري في كل عام؟ وما الدور المطلوب من المؤسسة السورية للتجارة لتوفير معظم المواد الغذائية المطلوبة في صالاتنا؟ وهل سنشهد تدخلاً إيجابياً حقيقياً لها أم إن الحال سيبقى كما هو عليه وستبقى أسعارها موازية للسوق بل أعلى منها لبعض المواد؟
باب الاستيراد مفتوح
رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد أبو الهدى اللحام بيّن في تصريح لـ«الوطن» أنه جرت العادة خلال السنوات الماضية أن ترتفع الأسعار خلال الأسبوع الأول من رمضان مع زيادة الطلب عليها ومن ثم تعود للانخفاض مع انخفاض الطلب وهذا من المرجح أن يحدث خلال رمضان الحالي، منوهاً بأن استقرار الأسعار مرتبط دائماً بالعرض والطلب.
وأكد اللحام أن كل المواد متوافرة وليس هناك أي نقص بأي مادة خلال الفترة الحالية، باعتبار أن باب الاستيراد مفتوح وهناك بضائع تصل إلى سورية، موضحاً بأن نقص المواد وصعوبات تحويل الأموال للخارج وإجراءات الحصار الجائر هي عبارة عن عوامل أدت سابقاً إلى تأخر وصول المواد إلى سورية لكن اليوم ومع توالي المساهمات الخيرية المقدمة من جمعيات خيرية واستمرار المساعدات الدولية وقيام التجار بالاستيراد فمن المتوقع أن تنخفض الأسعار خلال شهر رمضان.
وبيّن أن الحكومة تبذل جهوداً كبيرة كي لا ترتفع الأسعار ويزداد عرض المواد في السوق وعلى وجه الخصوص المواد الغذائية وهذه السياسة تعتبر جيدة لكنها بحاجة للاستمرارية، مبيناً بأنه عندما يزداد العرض يقل الطلب وبالتالي تنخفض الأسعار وحينها يسعى التاجر إلى تصريف بضائعه بأسرع وقت ممكن وبأقل نسبة من الأرباح.
الارتفاع عالمي
ولفت إلى أن الكثير من التجار والشركات التجارية قاموا بتخفيض أسعارهم خلال الفترة الحالية وليسوا على استعداد أبداً لرفع أسعارهم بل إن معظمهم يتجه نحو التخفيض خلال شهر رمضان ويقومون بتقديم عروض على البيع، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار ليس في سورية فحسب إنما في كل دول العالم التي تشهد نقصاً في المواد الغذائية وزيادة في الطلب عليها وبالرغم من نقص المواد والحصار الجائر على سورية يبذل التجار السوريون جهوداً كبيرة لتأمين حاجة السوق من المواد.
تبعات الزلزال
بدوره أكد أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة لـ«الوطن» أنه بعد حصول الزلزال في سورية حصل ارتفاع في الأسعار لا يقل عن 10 بالمئة، مضيفاً:كنا نتوقع بعد التكاتف الذي حصل بين التجار والمواطنين والمبادرات التي تم القيام بها وورود كميات كبيرة من المساعدات الخارجية أن تنخفض الأسعار لكننا لم نشهد أي انخفاض للأسف.
ولفت إلى أنه كانت هناك آمال معقودة على التعميم الذي صدر منذ أشهر قليلة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والذي نص على أن التاجر مسؤول عن تقديم بيان تكلفة للوزارة لبضاعته وتحديد تكاليفه مقابل قيام الوزارة بتحديد هامش الربح له دون التدخل من قبلها بموضوع تكاليف التاجر والذي كان الغرض منه انسيابية المواد وطرحها بشكل أكبر في الأسواق لكننا لم نلمس انسياباً واضحاً للمواد وانخفاضاً في أسعارها بل على العكس شهدنا ارتفاعاً فيها ولم يكن هناك أي فائدة تذكر من هذه الميزة التي أعطتها الوزارة للتاجر.
وأوضح بأن هناك شحاً في بعض المواد الأساسية والغذائية المطروحة في الأسواق حالياً والتي تعتبر ضرورية لشهر رمضان مثل الرز والبقوليات بشكل عام والزيت النباتي والسمون بنوعيها النباتي والحيواني والتي ارتفعت بشكل يفوق قدرة المواطن الاستهلاكية، إضافة إلى الألبان والأجبان والزبدة والتي ازداد سعرها خلال الفترة الحالية بحدود 25 بالمئة، ناهيك عن الارتفاع اليومي الذي يحصل بأسعار الفروج وأجزائه.
الضرائب لها دور
وبيّن بأنه إضافة إلى التاجر أصبحت الحكومة اليوم أحد أركان ارتفاع الأسعار الحاصل في الأسواق، مطالباً بضرورة قيام الحكومة بتخفيض الضرائب والرسوم على القطاعات الإنتاجية للمساهمة في تخفيض الكلف للمواد المستوردة والمنتجة محلياً خلال الفترة الحالية على وجه الخصوص وهذا الطلب هو من ضمن التوصيات التي رفعناها خلال احتفالية قمنا بها منذ أيام في يوم المستهلك العالمي إضافة إلى قيامها بزيادة الدعم لمستوردي الأعلاف كي تنخفض أسعار اللحوم والفروج والأجبان خلال شهر رمضان، مؤكداً أن الأسعار في ارتفاع متصاعد وليس هناك أي بوادر لانخفاضها خلال شهر رمضان وفي حال استطاعت الحكومة الحفاظ على المستوى الحالي الذي وصلت له الأسعار حالياً فإن ذلك يعتبر مؤشراً جيداً.
الوضع حرج
الباحث الاقتصادي د. عابد فضلية أكد لـ«الوطن» أن شهر رمضان هذا العام يدخل على السوريين بظروف قاسية لم تشهدها البلاد منذ عقود حيث – بعيداً عن الظروف الإنسانية الموجعة التي خلفتها الحرب وتسبب بها الزلزال – تسود حالة من التحديات الاقتصادية والمعيشة تمثلت خصوصاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تتزايد أكثر خلال الأيام التي تسبق بداية شهر رمضان الأمر الذي يضع وسيضع نسبة كبيرة من العوائل السورية في وضع استهلاكي أكثر حرجاً مما هو فيه، مؤكداً أنه وعلى غير العادة في كل رمضان وبغض النظر عن أعين الرقابة الحكومية والرسمية ننتظر جميعاً من التجار والمنتجين أخذ الظروف المعيشية التي يعيشها السوريون بالاعتبار وأن يكونوا في عرضهم السلعي وفي سياسة تسعير منتجاتهم على مستوى استثنائي من المراعاة وتخفيض للأسعار كما كانوا ومازالوا في وقوفهم الإغاثي للمتضررين من الزلزال وخاصة فيما يتعلق بالسلع الرمضانية الغذائية والضرورية فهذا حق وواجب اجتماعي وإنساني وأخلاقي ليس بعيداً عن قطاعنا الخاص الذي نأمل منه تخفيضاً حقيقياً للأسعار.
عقوبات وإجراءات جديدة
وعن دور الجهات المعنية في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أكد حسام نصر اللـه مدير حماية المستهلك في الوزارة لـ«الوطن» أن هناك جملة من الإجراءات والعقوبات سيتم اعتمادها خلال شهر رمضان نظراً لزيادة الطلب على المواد الغذائية وخاصة ما يتعلق بالمواد الخاصة بالمائدة الرمضانية ولضمان استقرار السوق والأسعار وتأمين السلع بجميع أشكالها وأنواعها للمواطن وضمن الجودة والمواصفة المطلوبة والأسعار المناسبة، لافتاً إلى أنه تم توجيه كل المديريات في كل المحافظات بإجراء عملية سبر للأسعار ولكل المواد وبشكل يومي والتأكد من توفر المواد والسلع وانسيابها بالأسواق بالشكل الكافي والجودة والمواصفة والسعر المحددين أصولاً وموافاتنا بأي طارئ على أي مادة وبشكل فوري لنتمكن من المعالجة في حينه والأهم تكثيف الدوريات الراجلة والآلية في كل أوقات البيع وبشكل خاص في أماكن ومراكز المدن والأسواق الرئيسية لضبط الأسعار فيها ومطابقة المواد والسلع للمواصفات المطلوبة أصولاً، موضحاً ضرورة تقسيم المحافظة إلى قطاعات عمل حسب الأهمية والظروف المتاحة بما يحقق سهولة وانسيابية العمل الرقابي وفعاليته على هذه القطاعات وتلبية متطلبات المستهلكين مع الإشارة إلى العمل على تكليف الدوريات الرقابية بالعمل ضمن نظام المجموعات وعلى أن يترأس كل مجموعة معاون مدير أو رئيس دائرة وتشكيل دوريات مناوبة على مدار الساعة والتركيز خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك على المواد الأساسية من خضر وفواكه ولحوم وخبز وألبان وأجبان والحبوب والعصائر وغيرها من المواد الغذائية التي يحتاجها المواطن يومياً في المائدة الرمضانية.
لكل مرحلة إجراءات
وأضاف نصر اللـه أن التركيز خلال النصف الثاني من الشهر سيكون على المواد التي يزداد الطلب عليها مثل الألبسة والأحذية بكل أنواعها والحلويات والسكاكر والموالح وكل مستلزمات العيد بشكل عام مع التأكيد على تشديد الرقابة على وسائط نقل الركاب بين المحافظات بفترة العيد وعدم تقاضي أي زيادة على التسعيرة كـ(عيدية) وأشار نصر اللـه إلى أهمية الاستعانة بكل العاملين الإداريين المكلفين في الجولات الرقابية خلال الشهر.
ومن جهة أخرى أكد أنه سيكون هناك سحب للعينات من المواد المشتبه بمخالفتها للمواصفات والشروط المطلوبة وخاصة مستلزمات هذا الشهر والعيد من خلال دوريات نوعية وتخصصية وتشديد الرقابة على تداول الفواتير ضمن حلقات ومراحل انتقال السلعة لحين وصولها إلى المستهلك والتدقيق بأسعار المواد المعروضة للبيع ومن كل الأنواع والأصناف حفاظاً على استقرار أسعارها وضبط المخالفات بشكل فوري.
وأشار إلى أهمية اعتماد مبدأ الشكاوى من المواطنين خاصة وانه سيكون هناك مناوبة على هاتف الشكاوى ومتابعة على مدار الساعة حتى في أيام العطل الرسمية.
ولفت نصر اللـه إلى أنه تم التأكيد على المراقبين المكلفين العمل الرقابي بضرورة إبراز الهوية الرقابية الصادرة عن الوزارة والمهمة الرسمية التي يحملها والتقيد بزمان ومكان المهمة وعلى مسؤولية رئيس الدورية والمراقبين وتحت طائلة اتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين مبيناً أن هناك متابعة لعمل هذه الدوريات في الأماكن والأوقات المحددة بالمهمة الموكلة إليهم وسيتم اتخاذ أشد العقوبات بحق المقصرين.
دور السورية للتجارة
وذكر أنه تم التأكيد على السورية للتجارة بتأمين كل مستلزمات واحتياجات المواطنين في صالات السورية للتجارة من المواد والسلع الغذائية وغير الغذائية وخاصةً فيما يتعلق بمتطلبات المائدة الرمضانية وبأسعار منافسة وبالجودة والنوعية الجيدة وبما يحقق توافر كل أنواع السلع والمواد في الأسواق ومنع حصول أي اختناقات أو احتكار لبعض المواد من بعض ضعاف النفوس أو رفع للأسعار بشكل غير مبرر وذلك من خلال صالات العرض المنتشرة في مختلف المحافظات والعمل على تسهيل عرض منتجات أصحاب الفعاليات التجارية (التجار والمستوردين) ضمن صالاتها وبأسلوب حضاري ومريح للمواطن وعلى أن تكون أسعار المواد والسلع المعروضة منافسة ومناسبة للمواطنين.
الإكسترا 200 ألف ليرة
من جهة ثانية، سجلت الحلويات ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها مقارنة بالفترات السابقة، وذلك قبيل شهر رمضان، حيث وصل سعر كيلو المبرومة بالفستق الحلبي إلى 130 ألف ليرة، وكيلو عش البلبل إلى 110 آلاف ليرة، وكيلو البقلاوة بالفستق الحلبي إلى 70 ألف ليرة، على حين بلغ سعر الكيلو من (كول وشكور) 130 ألف ليرة، و(الهريسة) بين 20 و35 ألف ليرة، أما المعمول فوصل سعر كيلو المحشو بالعجوة إلى 60 ألف ليرة، والبرازق إلى 60 ألف ليرة أيضاً، أما علبة الغريبة التي تزن 750 غراماً فقد وصل سعرها إلى 45 ألف ليرة.
من جانبه، بيّن رئيس الجمعية الحرفية لصناعة البوظة والحلويات والمرطبات بسام قلعجي في تصريح لـ«الوطن» أن أسعار الحلويات الإكسترا يفوق 200 ألف ليرة علماً أن سعرها في العام الماضي كان بحدود 85 ألف ليرة، أي إن الأسعار ارتفعت نحو 100 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، معيداً ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية وخاصة المستوردة منها التي تقترن أسعارها بالدولار والذهب، فمن غير المعقول أن يشتري الحرفي كيلو الفستق بـ190 ألف ليرة ويبيع بأقل من ذلك ويخسر.
موسم كئيب
وتوقّع قلعجي أن تكون الحركة الشرائية خلال شهر رمضان بأدنى المستويات لأن المواطن يفضل شراء الغذاء على الحلويات، فقد تشتري بعض العائلات المقتدرة من الطبقة الوسطى حلويات ولكن بكميات قليلة جداً، لذا سيكون الموسم كئيباً جداً بالنسبة لأصحاب محلات الحلويات، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعني خسارة للحرفيين لذا توجه 70 بالمئة منهم إلى إغلاق منشآتهم كونهم أصبحوا غير قادرين على دفع أجور عمالهم الذين طالبوا بمضاعفتها، أما الحرفيون الذين استمروا بالعمل فهم أصحاب المحلات المعروفة، ومع ذلك لم يتبقَ من عمالهم سوى 10 بالمئة مع انخفاض كبير في حجم مبيعاتهم.
وتطرّق قلعجي إلى الكثير من المشاكل التي تعترض عمل حرفيي الحلويات منها ضرائب وزارة المالية التي لا تزال مرتفعة ولم تأخذ بحسبانها كل المتغيرات الاقتصادية، إضافة إلى عدم كفاية المخصصات من المازوت والغاز والكهرباء، ما يضطر الحرفي إلى الشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.