أمّي
يا ملكوت الحب والطيب والألفة..
يا حكاية تُروى وتقول: في البدء كانت الأم «أمّي» كانت تُمثل كلّ عناوين الطيبة.. وكنا نُلقي السّلام على وقتك يا أمّي..
على فيافي ظلّكِ القدسي، ورهافة قمركِ المشتاقِ.
على دروبٍ كانت شائكة لولا عطر وردكِ، ولولا شموس ودّكِ الرحيم، لولا ذاك الشّوق إذ يشتاق بوارق العطر ورحيق الأزهارِ يشتاقُ بلاغة الطيبة وأنتِ سرمد وجهه الجميل، يشتاقُ «عظمة المحبّة أن فاضَ خيرها وتجلّى بكِ، فيض المحبّة وخير الأنهارِ».
تجلّى بكِ عطراً تنتشي بجماله «قصائد العطر وقوارير الريحانِ».
ما أجملكِ يا أمّي.. والصبحُ يُشرقُ من أقحوان الدعاء عندما تتلفظين به.. والضّوء يحطَّ على أرجوحة قولك وما أجملك!
وأنتِ تهدين الوقت سرّ الأسرار وعظمة الجمال المكنون إذ فاضَ.
أنتِ حكاية أخرى من صبر الأيام.. وتراتيل من المجدِ إذ قُدّسَ وقته المعطاء، وانهمر قمحه من ثوب الزّمان الفضفاضِ.
كأنه وأنتِ يا «أمّي» الكوثر وأفياء ظلّه الأجمل، ومجدليات مُطّهرة من قبل التكوين، وأناشيد من مطرٍ أخضر دائم الحبِّ والمودّة وهائم الحنانِ ما زلتِ تمنحين سر البقاء وتُصاغ من سرّ محبتكِ معزوفة الكلامِ.. وترسمين يا أمّي لغة تقدّسَ جمالها في ثنايا الرُّوح والوجدانِ، ما زلتِ كغصنِ الندى إذ نادى: أنتِ أيتها «البتول».. يا من تُسقي بالحبِّ والمحبة شتول الريحانِ.. يا من تمدُّ يدها وتوزع القمح والبخور والمرجانِ.
وتنثر أناشيد الحبق على كلّ الدروب، والحبق يشتاقُ «عطركِ وفلسفات الاخضرارِ» يشتاقُ أن يستوحي من «وهج صبركِ» وقد أنبت الدهر في راحتكِ «تواريخ النقاءِ» وأنبتَ سنبله الغض بين حروف كلّ قصيدة عصماءِ..
واستفاق كلّ فجرٍ على لحن صوتكِ، وأقام صلاة طوره من أجلكِ..
وأثمرَ الشجن من عندك نور العاطفة الأبدية نور الأشجانِ وكأنه نوّارها الأزليّ إذ حادثه الشوق يوماً وإليكِ تتجلّى «عظمة الأشواقِ».
ويتدلّى الضّوء يُسربل أعنابه من صبركِ «يا ريحانة الحياة».. وعطر الريحانِ..
ويا أيتها الأم التي تُشبه «الأرض وتراتيل العطاءِ»..
أيتها القصيدة المكتوبة بطهر الأيام.. أيتها المليكة الممجّدة بين ثنايا الرُّوح يا رفيعة المقامِ أنتِ تُمثلين مجدليات الحبِّ الأبديّ و«لغات الإشراقِ»، وتمتثل بكِ ضفاف الوعد الصادق الصدوق وجمال الضفافِ وأخيلة النور الذي ما يزال يُنسج بها «أجنحة المحبّة والوئامِ» وما زلتِ تمثلين خبز الحنان المُقدّس و«تنوّر الأعيادِ» الذي يعجن قداسة كلماتك وعظمة الحروف إذ تقدّسَ نطقُ الكلمات بهما «ولاح فجر الأحلام»..
ولاحَ ظل وقتكِ الفردوسيّ يُلقيّ «سلامه على جراحات العمر» ويُضيء مدارات الأوقات.
لاح «كنور أم الشهداء» التي تُجالس تربة الأحبابِ كقنديلٍ خُلق من مرام الصبر والأحزانِ..
لاحَ بهاء نوركِ ينسيني عجز الأيام ويخلقُ لي قصيدة الشيء الإعجازي.
وقد خُلقَ «النُّور» من أجلكِ يا أمّي وأصبح عطر المحبّة يُنثرُ على وجه الأزمان وأصبح الأمر العجائبيّ يسألُ: ما سركِ يا أمّي.. وما سرُّ الشموس وفلسفة الأنوار، وأنتِ مُلتقى الأشياء الجميلة وسرمد الجمال والأشياءِ وخيرُ من يستحق «حروف التعظيم والامتنانِ».
وأنتِ «السّلام المهيمن في كل الأرواح ….. وأعظم نعمة من ربّ السّماءِ».