سورية

اعتبر أن العالم يشهد تطورات متسارعة وجذرية والأزمة الأوكرانية ستشكل نظاماً عالمياً جديداً … خرازي من دمشق: لسورية دور مهم في المجريات السياسية وآن أوان عودتها للجامعة العربية

| سيلفا رزوق

اعتبرت طهران أن لسورية دوراً مهماً في المجريات السياسية في منطقة غرب آسيا، وآن الأوان لعودتها إلى جامعة الدول العربية وإعادة إعمارها وعودة اللاجئين وبداية عهد جديد من الطمأنينة والحياة السياسية والمبادرات الداخلية.

موقف إيران عبر عنه رئيس مجلس العلاقات الخارجية- وزير الخارجية الإيراني الأسبق كمال خرازي، خلال الندوة السياسية التي أقامها المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين أمس، والذي أكد أن الأواصر بين الشعبين الإيراني والسوري ستبقى وثيقة بعدما تعمدت بدماء الأبطال السوريين والإيرانيين الذين واجهوا العدوان الأجنبي والإرهاب.

وطالب خرازي الدول الغربية باحترام السيادة الوطنية لسورية، ووحدة وسلامة ترابها، وانسحاب القوات الأجنبية كافة التي دخلت من دون دعوة الحكومة السورية، لافتاً إلى أن التجربة الإيرانية السورية المشتركة تظهر أن أهم مكونات القوة في عالمنا اليوم هو المقدرة على المقاومة بمواجهة نظام الهيمنة العالمي، والتصدي لسياسات القوى الكبرى المتجبرة والجشعة مهما كانت التكاليف، مبيناً أن «سر قوتنا كان وسيبقى كامناً في صمودنا ومقاومتنا، وأن المستقبل رهن هذه الحقيقة».

خرازي لفت إلى أن العالم يشهد تطورات متسارعة وجذرية في إطار العلاقات الدولية، مشيراً إلى أن أكثر الخبراء في مجال العلاقات الدولية يعتبرون الأزمة الأوكرانية بأنها ستشكل نظاماً عالمياً جديداً وستؤطر التعامل بين القوى العالمية خلال السنوات القادمة، قائلاً: «طبعاً سيتمخض عن هذا النظام العالمي الجديد تغير في مواقع البلدان، وبغض النظر عن موضوع هذا النظام العالمي الجديد وحيثياته وكيف هو، فإني أرى أن هناك حقيقة ملموسة قد برهنتها العلاقات الدولية على مر التاريخ وفي المرحلة المعاصرة على وجه الخصوص، وهذه الحقيقة هي أن مكانة البُلدان في أي نظام مستحدث إنما تفرضها قدرة وقوة وكذلك صمود أي بلد أمام التحديات والضغوط التي مارستها ضده القوى الأخرى، لقد تمت صياغة هذه الحقيقة من خلال الممارسة التي تعرف بسياسة المقاومة والتي دأبت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية على مدى ما يقرب من نصف قرن وعلى الأخص خلال العقد المنصرم، الأمر الذي أثار العداء من قبل الغرب والكيان الصهيوني والرجعية التي ارتضت الخضوع للقوى العظمى في هذه المنطقة».

ولفت رئيس مجلس العلاقات الخارجية الإيراني إلى أن بلاده تعتبر المملكة العربية السعودية بلداً كبيراً في المنطقة ومؤثراً في العالم الإسلامي، ويحتضن الحرمين الشريفين وفيها قبلة المسلمين، وأن ليس لإيران والسعودية أن يحذف أي منهما الآخر، بل وكقوتين رئيسيتين في المنطقة يجب أن تستخدما قدراتهما لترسيخ السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة، مضيفاً: «لحسن الحظ فإن البلدين وبمساعٍ جميلة بذلتها العراق وعمان وفي الختام بمبادرة صينية، اتفقا على عودة العلاقات الثنائية، وإن منهج التعامل والتعاون بدلاً من التأزم والتقابل والاتكاء على قدرات المنطقة، سيؤول لا محال إلى حل كل مسائل وأزمات المنطقة من دون تدخل أجنبي، ونحن نرى أن السبيل الأفضل لحل لغز الأمن في منطقة غرب آسيا ومنطقة الخليج يأتي من خلال زيادة وتيرة المباحثات الأخوية والصريحة بين بلدان المنطقة ومن دون تواجد أو حضور القوى الأجنبية».

واعتبر خرازي أن الأزمة اليمنية مازالت من أهم مصادر القلق في المنطقة، مبيناً أن إيران ومنذ البداية رأت أن لا حل عسكرياً لهذه الأزمة، واليوم وبعد نحو تسع سنين من حرب ودمار، أقر الجميع ومنهم من تسبب وقام بالتدمير، بهذه الحقيقة، وقال: «كان الموقف المبدئي للجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ اندلاع الأزمة اليمنية ولا يزال يقوم على استمرار وقف إطلاق النار وفك الحصار وتهيئة أجواء الحوار اليمني – اليمني وفي النهاية تشكيل حكومة تقوم بناءً على إرادة وقبول الشعب اليمني، ومازالت إيران على استعداد للمساعدة لتحقيق هذه الأهداف».

وحول الملف اللبناني أعلن خرازي أن إيران وبناء على احترام إرادة الشعب اللبناني بعيداً عن أي تدخل أجنبي تحث جميع الأطراف السياسية على التسريع في تشكيل حكومة قوية فاعلة في لبنان.

وحول فلسطين أكد خرازي أهمية دعم مقاومة الشعب الفلسطيني بمواجهة جرائم واعتداءات الكيان الصهيوني الذي ليس له هدف سوى خلق التوتر في المنطقة.

وختم خرازي محاضرته بالتأكيد على أن أواصر الشعبين الإيراني والسوري ستبقى وثيقة وقد عمدتها دماء الأبطال الإيرانيين والسوريين الذين تضرجوا في مواجهة العدوان الأجنبي، مؤكداً أن إيران سوف تستمر في دعمها الشعب والحكومة السورية.

وفي رده على أسئلة المشاركين بالندوة أوضح خرازي أن عودة العلاقات بين إيران والسعودية لها آثار إيجابية على المستوى العالمي، مشيراً إلى وجود تفاؤل بأن يكون هناك انفتاح في العلاقات السورية – التركية من خلال الاجتماعات الرباعية مستقبلاً، مشدداً على ضرورة أخذ المصالح السورية بعين الاعتبار.

وبالنسبة للاجتماع الرباعي الذي يجري الحديث عنه والذي سيجمع نواب خارجية سورية وإيران وروسيا وتركيا، عبر خرازي عن تفاؤله بهذا الاجتماع في حال حصوله، معتبراً أنه قد يكون هناك انفتاح في العلاقات السورية – التركية من خلال هذه الاجتماعات، مشدداً على أن بلاده ستأخذ المصالح السورية بعين الاعتبار كبلد شقيق.

مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين عماد مصطفى أشار خلال الندوة إلى أن أبرز نقاط الالتقاء المشتركة بين سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دعم فلسطين والوقوف إلى جانبها.

من جهته لفت أمين مجلس العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إلى أن المشكلة الرئيسة بالنسبة للاتفاق النووي هي الضمانات بعدم خروج الولايات المتحدة منه مجدداً، إضافة إلى تقديم وثائق كاذبة من قبل الكيان الصهيوني للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول منشآت إيران النووية.

حضر الندوة عدد من مديري الإدارات في وزارة الخارجية والمغتربين وسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بدمشق وقادة وممثلي الفصائل الفلسطينية وفعاليات علمية وثقافية واجتماعية ودينية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن