في الحادي عشر من شهر آذار الجاري أي بعد يوم من الإعلان الصيني عن توصل طهران والرياض لاتفاق على تمتين علاقاتهما، سئل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أثناء زيارته إلى روما بموجب ما ذكرته المجلة الإلكترونية العبرية «إسرائيل نيشينال نيوز» عن سبب إخفاقه في منع اتفاق كهذا يلحق الضرر بإسرائيل فأجاب أن «رئيس الحكومة نفتالي بينيت هو الذي يتحمل الفشل لأنه لم يفعل شيئاً لمنع هذا الاتفاق منذ بداية الاتصالات السرية الخمسة التي جرت قبل عام بين الإيرانيين والسعوديين بوساطة صينية»، وبالمقابل كان بينيت قد أعلن يوم الإعلان عن الاتفاق في العاشر من آذار الجاري بموجب وكالة الأنباء العبرية «والا نيوز» أن «الاتفاق بين طهران والرياض يعد انتصاراً سياسياً لإيران وضربة شديدة مميتة للجهود الإسرائيلية في مواجهة إيران وأن هذا الاتفاق يشكل فشلاً سياسياً وأمنياً واقتصادياً لنتنياهو».
في جبهة المعارضة الإسرائيلية يقول زعيم المعارضة يائير لابيد لنفس الوكالة: إن الاتفاق السعودي الإيراني هو «أكبر إخفاق تام وخطير لنتنياهو في السياسة الخارجية وهو تدمير للأسوار الدفاعية الإقليمية التي أردنا بناءها في مجابهة إيران».
وفي 12 آذار الجاري نشرت الصحف العبرية ما جاء على لسان الرئيس الأميركي جو بايدين في 12 آذار الجاري حين سئل عن ردة فعله على الاتفاق الإيراني السعودي فلم يعرف بماذا يجيب واختلطت عليه الأمور فقال: «العلاقات الأميركية مع إسرائيل جيدة وهذا جيد للجميع»، وكأن السؤال هو حول واشنطن وتل أبيب؟!
وفي 16 آذار الجاري نشر موقع «يوم يوم نيت» العبري تحليلاً جاء فيه: «إن حلم نتنياهو بإيجاد حلف إقليمي ضد إيران بات ميتاً ومات معه حلم قطار السلام الذي خطط لعبوره السعودية والأردن».
بهذا الشكل تلقى الكيان الإسرائيلي ضربة قاسية لخطته الإستراتيجية الهادفة إلى توجيه العداء ضد إيران وحشد دول المنطقة في مواجهتها فقد تحولت خطته هذه إلى هباء منثور ووجد نفسه بموجب رأي الكثيرين من المحللين الإسرائيليين من دون أي خطة بديلة ومن دون أي قدرة فعالة في مواجهة أصعب الظروف التي تمر بها تل أبيب في الداخل السياسي الحزبي والاقتصادي والأمني وفي السياسة الخارجية التي أصبحت مشلولة إقليمياً بعد هزيمته أمام الاتفاق السعودي الإيراني، ودولياً بعد أن تبين له أن الحرب الأميركية الغربية ليست بحاجة ضرورية لإسرائيل ضد روسيا أو ضد الصين بعد أن فقدت أي قدرة أمام القوة الإقليمية المتزايدة لمحور المقاومة المتحالفة مع روسيا والصين.
إن أحداً لا يشك أن الكيان الإسرائيلي اعتاد في مثل هذه الهزائم على العمل على تخريب كل العوامل التي تؤدي لهزيمة خطته وهذا يعني القيام بشن حملات إعلامية وحرب نفسية إحداها موجهة للمنطقة للتشكيك بإمكانية استمرار الاتفاق ونجاحه والأخرى موجهة للإسرائيليين للإيحاء لهم بأن إسرائيل قادرة على تخريب هذا الاتفاق، ويبدو أن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي «INSS» بدأ في الأسبوع الماضي بتخصيص برامج في الـ«يوتيوب» الصادر عنه بالعبرية والإنكليزية والعربية لتحقيق هذا الهدف التخريبي وفي أحد هذه البرامج قدمت الباحثة في المركز أوريت بيرلوف عرضاً جمعت فيه تعقيبات عدد من الصحفيين المعادين لإيران وما كتبوه فيها عن أمنياتهم بفشل هذا التقارب وعن اتفاقهم مع نظرائهم الإسرائيليين الذين يحملون على إيران وسورية والمقاومة. وتدعو بيرلوف الإسرائيليين بعد ذلك بألا يخافوا لأنهم ليسوا وحدهم المعادين لإيران بل هناك آخرون تطلق عليهم «رأي عام في المنطقة» لا يريدون لهذا الاتفاق «الاستمرار»، وتعرض بيرلوف أسماء عدد من المعلقين الذين يعربون عن هذه الآراء في قنوات عربية وأجنبية عديدة وتنقل ما يقولونه ضد الاتفاق، ومع ذلك أصبح من المؤكد تقريباً أن الاتفاق السعودي الإيراني سيكتب له البقاء وسوف تشق المنطقة طريقاً جديداً في الشرق الأوسط أهم ما سيحمله هو أكبر الخسائر والهزائم للكيان الإسرائيلي.