رياضة

كيف تتحول أنديتنا إلى أندية محترفة؟ … ترخيص الأندية بات ملزماً من الاتحادين الدولي والآسيوي … الشروط والآليات ليست صعبة إنما تحتاج إلى السعي والصدق في العمل

| ناصر النجار

يدخل الدوري الكروي الممتاز منعطفاً جديداً في الموسم المقبل مع بدء سريان تنفيذ قانون تراخيص الأندية، وهذا الذي سيتم اعتماده لن يسمح لأي ناد لم يحصل على الترخيص الآسيوي بالدخول في الدوري الممتاز الذي سيصبح خاصاً بأندية المحترفين فقط.

وسبق لاتحاد كرة القدم أن أقام ورشة عمل مركزية للتعريف ببرنامج تراخيص الأندية وآلية العمل به (clac).

وهناك العديد من المعايير الواجب توافرها في النادي الذي يسعى للحصول على الترخيص المطلوب، والهدف من هذا العمل تحويل الأندية إلى مؤسسات بهيكلية تنظيمية جيدة وإستراتيجية عمل مفهومة قادرة على التطبيق الفعلي على الأرض، وهذه الاستراتيجية تتغير حسب النادي وإمكانياته والبيئة المحيطة به.

الترخيص يدخل في المجال الإداري والتنظيمي والفني، ويجب على الأندية وجود اختصاصيين في كل معيار مطلوب، لأن الهدف هو تحقيق هذه المعايير وفق أفضل الشروط والظروف.

الناحية الفنية

في الناحية الفنية المطلوب من الأندية تعيين مدير فني، وهذا المدير يجب أن يحمل أعلى الشهادات التدريبية وهو مسؤول عن العمل الفني في النادي من ناحية وضع الاستراتيجية العامة وتعيين المدربين لكل الفئات والإشراف على عملية انتقاء اللاعبين.

ولتنمية قطاع الشباب والقواعد فلابد من وجود برنامج لتطوير الشباب ضمن خطة موضوعة مدتها من ثلاث إلى سبع سنوات، يتم من خلالها العناية باللاعبين فنياً وصحياً ودراسياً على أن يكون لدى النادي أربعة فرق أساسية، أولها من 17 إلى 20 سنة، يليه فريق من 15-16 سنة ثم فريق من 10- 14 سنة وفريق تحت عشر السنوات ويقدم النادي لائحة اسمية باللاعبين مع تعهد بمتابعة التحصيل العلمي للاعبين.

إضافة لكل ما سبق ضرورة وجود الفحص الطبي لكل اللاعبين من سن 16 فما فوق وتوقيع عقد تأمين طبي لكل اللاعبين مع شركة أو مشفى يضمن الرعاية الصحية والعلاج لكل اللاعبين.

ومن المفترض تنظيم ورشات عمل لهذه الفئات من خلال ندوات تتحدث عن أهمية النزاهة وضرورة تجنب تعاطي المنشطات وأثرها السلبي على الرياضي ومراقبة هذا السلوك عند اللاعبين من خلال الفحص الدوري للكشف عن المنشطات، كما لابد من وجود ندوات ونقاشات حول قانون اللعبة، سواء قانون التحكيم وما يتخلله من تعديلات، وشرح كامل للائحة الانضباط والأخلاق ليتجنب اللاعبون وكوادرهم مغبة الوقوع في الأخطاء وسوء السلوك والسلوك المشين، أما ما يخص الملاعب فالرخصة الآسيوية ورخصة الدوري الكروي الممتاز فهي تتطلب وجود ملاعب تدريبية للنادي إضافة إلى ملعب رئيسي يخوض عليه مبارياته، سواء كانت هذه الملاعب ملكية أو مستأجرة.

وهذا الشرط لن يكون عقبة على أنديتنا لأن أغلب أندية الدرجة الممتازة تملك منشآت رياضية فيها ملاعب تدريبية، أما الملعب الرئيسي فأمره هين باعتبار الملاعب الرئيسية التي تقام عليها مباريات الدرجة الممتازة كملاعب الباسل والبعث والجلاء وتشرين والفيحاء وحماة والحمدانية والسابع من نيسان يمكن اعتبارها مستأجرة ويمكن استصدار عقود الإيجار من أصحاب الملكية إن كانوا وزارات أو محافظات بسهولة ودون أي تعقيد.

هناك موضوع مهم متعلق بالأمن والسلامة وخطة الطوارئ المتعلقة بإخلاء الملاعب بسهولة، وهذا الأمر ضروري وأكثر أهمية في الاتحادين الآسيوي والدولي، ويمكن وضع خطة بالتنسيق مع الجهات المعنية كالدفاع المدني والإطفاء والإسعاف، إضافة لفتح المزيد من أبواب الملاعب عند الدخول والخروج، وأهمية هذا الطلب تنبع من ضمان سلامة الجماهير وخصوصاً في حالات الطوارئ سواء الطبيعية عند حدوث شغب معين أو غير طبيعية عند حدوث نوازل كالزلازل وغيرها.

الهيكلية التنظيمية

كل ناد عبارة عن مؤسسة كاملة يقودها مجلس إدارة منتخب وإضافة لمجلس الإدارة الذي يقوده رئيس للنادي ونائب للرئيس، هناك أمانة السر.

ترخيص النادي بحاجة إلى وجود صك ملكية أو ورقة استئجار، وصور عن المقر الرسمي وموقعه إضافة إلى رقم الهاتف والفاكس.

أما التسميات الوظيفية الرئيسية المطلوبة في النادي فهي:

مدير فني ومدير تنفيذي ومسؤول مالي ومستشار قانوني وطبيب.

وحتى لا تكون هذه التسميات وهمية فلابد من: كتاب تعيين رسمي ممهور بخاتم النادي وتوقيع رئيس النادي، وسيرة ذاتية لصاحب الوظيفة مع صور عن الشهادات العلمية إضافة لصور شخصية.

من ناحية أخرى لابد من إصدار لائحة تسمى لائحة حقوق وواجبات الموظفين تضمن حقوق كل الأطراف سواء الموظفون أو النادي، وعند استقالة أي موظف يتم الإعلام عن ذلك وتعيين البديل خلال ستين يوماً من تاريخ الاستقالة.

في الإجراءات المهمة: على النادي تقديم تصريح إلى اتحاد كرة القدم باحترام المشاركة في المسابقات الرسمية وإقرار قانوني يعترف فيه النادي بأنه ملزم بتطبيق القوانين والقواعد واللوائح والقرارات الصادرة عن الاتحاد العربي السوري لكرة القدم وعن الاتحادين الآسيوي والدولي.

يقر النادي بعدم اللجوء إلى المحاكم وفي حال نشوب أي خلاف يتم اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضية (CAS) يتم الإقرار والاعتراف بأنه ملتزم بلائحة الانضباط والأخلاق في حال انتهاك النادي أو أي من منتسبيه القوانين والقرارات، على أن تكون هذه اللائحة متوافقة مع القانون الوطني والنظام الأساسي لاتحاد كرة القدم والاتحادين الآسيوي والدولي.

تقديم لوائح بأسماء اللاعبين المحترفين والموقعين على كشوف الفريق مع نسخة من عقد الاحتراف على أن يتوافق هذا العقد مع اللوائح الدولية الخاصة.

القانون المالي

بالدرجة الأولى يجب أن تكون للنادي ميزانية سنوية مالية مع بيانات مالية عن الدخل المتوقع والنفقات المتوقعة ومصادر الدخل ومصادر الإنفاق، ومن الضروري التأكيد على عدم وجود ديون وإن وجدت هذه الديون فيجب العمل على تبيان مواعيد تسديدها ضمن قيود متعارف عليها مع أصحاب الديون، كما يجب الإقرار بعدم وجود أي نزاع مالي مع مؤسسات رياضية أو أندية أو كوادر أو لاعبين.

في المحصلة العامة هذا هو المشروع المطلوب تنفيذه اعتباراً من الموسم المقبل، وهو مطلوب من اتحاد كرة القدم من الاتحادين الآسيوي والدولي، وعدم تنفيذه سيبعد كرتنا عن أجواء الاحتراف وستتأثر كرتنا بذلك سلباً من كل النواحي الفنية والإدارية والتنظيمية والمالية.

وفي متابعة المطلوب نجد أن الطلبات والشروط معقولة ومن الممكن أن يتم تطبيقها في كل الأندية، وهناك أندية بالدرجة الأولى قادرة على تطبيق هذه الشروط ما دامت تملك المنشآت والاستثمارات أو هي من الهيئات لكونها تملك ميزانية مالية وهيكلية إدارية وتنظيمية كأندية الشرطة والمحافظة والساحل والحرية والنواعير والجهاد.

العقبة الوحيدة التي تعترض تطبيق هذه الشروط هي العقلية التي تتبعها إدارات الأندية في قيادة النادي.

المشكلة التي تعترض كرتنا هي التفرد بالقرار ونرى على سبيل المثال أن رئيس النادي يتدخل في كل شاردة وواردة سواء هذا التدخل من اختصاصه أو خارج اختصاصه وعلمه، لذلك نجد أن أنديتنا رغم أنها تدفع المال الكثير في الاحتراف إلا أنها متعثرة والسبب أن من يقود النادي ليس اختصاصياً بالعمل الفني (مثلاً)، عندما يقوم أصحاب الاختصاص بدورهم فإن المشاكل والعثرات ستقل ولن يجد أي ناد أمامه مشكلة ليتم الموسم الذي هو فيه براحة من دون عقبات أو مطبات.

لذلك نجد أن المسؤول عن كرة القدم يجب أن يكون المدير الفني الذي من صلاحياته تعيين مدرب الفريق الأول وقد يكون ذلك بالاتفاق مع مجلس الإدارة، كما يقوم المدير الفني بالتشاور مع طاقم الفريق الفني باختيار اللاعبين، وفي هذه الطريقة لن نجد أن هناك مدرباً في غير مكانه أو لاعباً بالوساطة وعبر الدعم.

القضية الأهم التي تعاني منها كل أنديتنا هي وجود المال والعمل وفق الموجود، وللأسف فإن أغلب أنديتنا بلا ميزانية مسبقة، وكل الميزانيات الموضوعة هي لتفادي موضوع الرقابة فقط.

ولو أن أنديتنا وضعت ميزانية مالية صحيحة لما وقعت بأي مشكلة مع أي لاعب أو مدرب، فالعقود على سبيل المثال يجب أن تتم عبر الميزانية الحقيقية أو الافتراضية على أقل تقدير، أما الميزانية الهوائية فستغرق الأندية في مشاكل كثيرة لا حصر لها.

واليوم نجد هذه المشكلة في كل ناد من أنديتنا عدا القليل منها، فنادي أهلي حلب لديه مشاكل مالية لا تعد ولا تحصى مع كوادره ولاعبيه، ونادي الوحدة يعيش عثرة مالية غير معروفة نهايتها، ومثلها نادي الطليعة والمجد وحطين.

الأندية التي تعتمد على الداعمين ميزانيتها هوائية، لأن المال المفترض موجود في الهواء وفي حال قصر أحد الداعمين بوعده فسيخل ميزان النادي المالي كله وسيقع في مشاكل لها أول وليس لها آخر.

الحقيقة التي يجب أن نؤمن بها أن العمل الرياضي بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص لا يمكن أن يتحقق الهدف منه دون وجود إدارات مستقرة وميزانيات معلومة ومفعلة وعمل مستدام عبر الشق الرياضي والشق المالي، وهذا يجب أن يتطور جنباً إلى جنب مع العمل الرياضي، فمهمة إدارات الأندية البحث عن مصادر التمويل عبر مشاريع تجارية كثيرة، هي مفيدة بكل جوانبها إنما تحتاج إلى خطط سليمة وخطوات تنفيذية واقعية والأهم الرغبة في العمل، لذلك فإن المناصب الرياضية في الأندية ليست مناصب تشريف، بل هي تكليف بعمل يجب أن تظهر آثاره الإيجابية يوماً بعد يوم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن