شؤون محلية

أيام أنهارنا الجميلة

| ميشيل خياط

نشهد اليوم أنهاراً جميلة، تنأى عن الجفاف وبشاعاته، ولا يقتصر الأمر على بردى المبهر الآن بتدفقه الغزير، بل يشمل، الأعوج في ريف دمشق والخابور في الحسكة، الجاف أغلب أيام السنة، والعاصي في حمص وحماة وإدلب بعد خروجه من قطينة.

هذه الغزارة مهمة جداً في تغذية بحيرات السدود وفي إرواء المحاصيل الزراعية، وفي توفير بعض احتياجاتنا من المياه للصناعة والشرب.

ويتساءل كثر: هل مانراه عادي وعابر أم إنه مؤشر عن سنة رطبة غير جافة، تعد ببعض الخير زراعياً.؟

وكي لا نبني على مشاهدات غير شاملة، وانطلاقاً من أنه لا علم بلا أرقام، طرحت السؤال على الدكتور – الجيولوجي – أحمد إدريس الخبير في الاستشعار عن بعد، ولقد زودني في سياق إجابته بجداول عن كميات الأمطار الهاطلة في موسم الأمطار الجديد خريف وبعض شتاء 2022 وشتاء 2023) أي حتى 20 آذار الجاري وورد في هذه الجداول التي تحمل توقيع الدكتور محمود ياسين عباس المدير العام للأرصاد الجوية في سورية، ورد أن أمطار دمشق على سبيل المثال _ 193مم و(المعدل) 207مم وفي قاسيون 225 و(المعدل) 227مم. والكسوة بريف دمشق 195مم والمعدل 195مم والحرمون 569 من 664مم وبلغت أمطار القنيطرة حتى 20 آذار الجاري، 526مم من 640 مم وإدلب 394 مم من 500 مم والسويداء 225مم من 328مم وحلب 162 من324 مم وحمص 332مم من 423مم وحماة 262مم من 337 مم ودرعا 224مم من 247مم. الخ.

ويرى د. إدريس أن بعض المحاصيل تضررت من انقطاع الأمطار في كانون الأول وبداية كانون الثاني، ثم انقطاع الأمطار من 6شباط وحتى 8 آذار ما أدى إلى تضرر المحاصيل وخاصة في الجزيرة السورية.

وخلص د. أحمد إدريس في سياق إجابته إلى أن هذه السنة ليست جافة ولاسيما في المناطق الشرقية (دير الزور والرقة) حيث تجاوزت المعدل السنوي وفي المناطق الداخلية، النسبة 70 إلى 90 بالمئة وفي المناطق الغربية وصلت النسبة إلى 60-70 بالمئة علما أن أمطار تلك المناطق تستمر خلال نيسان وأيار.

(انتهت إجابة د. إدريس).

وصلت غزارة الخابور مؤخراً إلى 50متراً مكعبا في الثانية في محافظة الحسكة ما يعني تغذية سدي الحسكة الشرقي والغربي وسد الباسل الجنوبي).

إذاً، السنة ليست جافة ما يجعلنا نتفاءل بحياة أفضل ذلك أن الماء حياة، والواقع الراهن مهم لأن منظمة الأغذية والزراعة ومنذ التسعينيات من القرن الماضي باتت تعد سورية بلداً جافاً وليس شبه جاف.

صحيح أن سورية تميزت قبل الحرب الجائرة عليها ببناء 164سداً تدخر في السنوات الخيرة 19مليار متر مكعب من الماء إلا أن الحرب حطمت أغلب محطات الضخ وأقنية الري التي تستفيد من هذه السدود. بمعنى أن العبء اليوم كبير في سياق إعادة البناء، ولا بد من التوجه جدياً نحو مزيد من السدود ولاسيما على بردى والأعوج واعتماد الري بالرذاذ والتنقيط كحل جذري للحفاظ على الماء الثمين، في ظروف مناخية عالمية متدهورة، شهدت ارتفاعاً في حرارة الأرض وحرائق غابات هائلة، ما أثر سلباً على المياه الجوفية، إذ ورد في مؤتمر عالمي عقد مؤخراً في نيويورك ( وقيل فيه إنه كان نادراً في أهمية أبحاثه)، أن كوكب الأرض يشهد سنويا نضوب (200مليار م3) من مياهه الجوفية ويفتقر 2 مليار نسمة من سكانه، إلى مياه الشرب الكافية.

وفي ظل الفشل العالمي في إيجاد حلول عملية لخفض حرارة الأرض، عبر تقليص استخدام النفط والفحم يتفاقم الجفاف بآثاره المدمرة، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى تكرار جملته الشهيرة: يسير العالم كأعمى في طريق خطر.

بتميزنا الحضاري كسوريين يجب أن نفتح أعيننا، وأن نحسن السير إلى الأمام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن