عربي ودولي

أزمة «التعديلات القضائية» تتفاعل ومخاوف من تأثيرها على جيش الكيان الإسرائيلي في المعارك … قادة الاحتجاج يتوعدون بـ«أسبوع شلل».. ورئيس أركان الاحتلال يحذر من تزايد الجنود الرافضين للخدمة

| وكالات

تتفاعل الأزمة التي تعصف بكيان الاحتلال الإسرائيلي على خلفية «التعديلات القضائية» التي يدفع بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إذ حذر رئيس أركان الاحتلال هرتسي هليفي من انخفاض عدد جنود الاحتياط الذين امتثلوا لمهامهم هذا الشهر.
وبينما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس أنّ رئيس أركان الاحتلال أبلغ قادة حكومة الاحتلال أنّ عدد جنود الاحتياط الذين امتثلوا لمهامهم هذا الشهر انخفض، إلى حدّ أنّ الجيش على وشك تقليص حجم النشاطات العملياتية، تحدثت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن مخاوف في المستويات العليا من الجيش من استقالة جزء من جنود الخدمة الدائمة.
وحسب «نيويورك تايمز» فإنّ جيش الاحتلال رفض نشر معطيات إحصائية كاملة، حول الانخفاض في عدد الذين يخدمون في الاحتياط الذين امتثلوا لمهامهم الشهرية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم تأكيد أنّ 200 طيار احتياط، جزء بارز منهم من طياري سلاح الجو التابع للاحتلال، إن لم يكن معظمهم، وقّعوا على رسالة قالوا فيها إنهم لن يمتثلوا لمهامهم خلال الأسبوعين المقبلين، احتجاجاً على «التعديلات القضائية».
بدورها، أفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بأنّه يوجد «في المستويات العليا في الجيش الإسرائيلي، قلق من إمكانية استقالة جزء من جنود الخدمة الدائمة».
وأول من أمس، الجمعة، أشارت «معاريف» إلى أنّ رئيس أركان الاحتلال «يحاول إبعاد الأزمة من صفوف الجيش، لكنها مهمة مستحيلة».
ولفتت الصحيفة، وقتها، إلى أنّ الأزمة أعمق وأكبر من ألا تؤثر في الجيش وجهاز الاحتياط، مشيرةً إلى أنّ «قادة الجيش يفهمون أنّ العملية يمكن أن تتغلغل بسرعة في الجيش النظامي».
وسبق أن تحدث الإعلام الإسرائيلي أول من أمس عن رسالة وزير الأمن يوآف غالانت، إلى حكومة نتنياهو، بشأن استكمال مشروع «التعديلات القضائية»، التي حذّر فيها من أنّ هذه التعديلات «ستكون نقطة حاسمة في الجيش، الذي سيتدهور إلى منزلق خطر».
وقبل أيام، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ أكثر من 100 من ضباط الاحتياط في مقر عمليات سلاح الجو في جيش الاحتلال، أعلنوا أنهم لن يلتحقوا بالخدمة العسكرية.
وأثار تفشي الانقسام السياسي وتبعاته في صفوف جيش الاحتلال مخاوف عميقة بين المسؤولين الأمنيين.
وفي وقتٍ سابق هذا الأسبوع، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنّ «قادةً رفيعي المستوى في الجيش أعربوا عن مخاوفهم من أنّ الاتجاه المتزايد لجنود الاحتياط الذين يرفضون الخدمة، احتجاجاً على التعديلات القضائية، قد يضعف القدرات العملياتية للقوات المسلحة في غضون شهر».
ويقوم «الائتلاف الحكومي» الذي يقوده نتنياهو، وهو عبارة عن مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة، بالدفع نحو إقرار تشريعات تهدف إلى إضعاف قدرة المحكمة العليا في فرض ضوابط على ائتلاف الأغلبية، فضلاً عن منح الحكومة السيطرة على تعيين القضاة.
وتشهد مدن فلسطين المحتلة، منذ أكثر من شهرين، احتجاجات حاشدة ضد حملة التشريع المخطط لها، وموجة متصاعدة من الاعتراضات من كبار الشخصيات العامة.
بموازاة ذلك، أعلن منظمو حركة الاحتجاج ضد «التعديلات القضائية» «أسبوع الشلل» الذي سيشمل مظاهرات في جميع أنحاء مدن فلسطين المحتلة ضد الإجراء التشريعي المثير للانقسام.
ووفقاً لموقع «والاه» الإسرائيلي، فقد تم الإعلان عن إجراء الاحتجاج الجديد يوم الجمعة، بعد يوم واحد من خروج «عدة آلاف» من الإسرائيليين إلى الشوارع خلال احتجاج «يوم الشلل».
ووفقاً لبيان من قادة الاحتجاجات، نقله الموقع ستقام خلال الأسبوع عدة «أيام شلل» ومظاهرات أمام أعضاء الائتلاف ومظاهرة حاشدة في القدس.
ولفت البيان إلى أنه تم التخطيط لأعمال احتجاجية ضد أعضاء «الائتلاف» الحكومي اليوم وغداً وخلالها «سنكون أينما كان أعضاء الكنيست والوزراء ونخرس أجندتهم»، متعهدين بالوصول «إليهم في كل مكان ونوضح لهم أن الديكتاتورية لن تمر من خلال مرصدنا».
وقال قادة الاحتجاج: «نحن ندخل الأسبوع المصيري في تاريخ إسرائيل»، واصفين حكومة نتنياهو بأنها حكومة جاءت لـ«تدمير إسرائيل وتمزق الشعب وتفكك الجيش والاقتصاد الإسرائيلي».
ومؤخراً، تزايدت المواقف الاحتجاجية من جنود وضباط جهاز الاحتياط لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد «الخطة القضائية» لحكومة نتنياهو، بالتوازي مع التحذيرات من تداعيات هذا الأمر على أداء قوات الاحتلال وقدراتها على المواجهة.
وحسب وسائل إعلام العدو الصهيوني، فإن ما يُفاقم القلق في كيان الاحتلال من هذا الواقع، هو تأخر «قيادة جيشه» في فهم عمق الأزمة وانعكاساتها على تشكيل الاحتياط، الذي له تبعات خطرة وفق خبراء إسرائيليين، لأن جهاز احتياط منقسماً وفقاً لهم، سيلحق ضرراً لا يُعوّض بكفاءة وقدرة الجيش.
وفي وقت سابق، قالت صحيفة «هآريتس» إن عمق الشرخ الذي يثيره الانقلاب يزداد وضوحاً، «طيار تلو آخر، قائد كتيبة تلو آخر، قائد سرية تلو آخر»، مضيفةً إن آلاف الاحتياطيين من كل الأسلحة، فيهم أكثر من ألف في وظائف مركزية، يعلنون أنهم لن يلتحقوا بالاحتياط إذا أُنجز تشريع التعديلات القضائية.
وقبل ذلك تناولت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، القلق من هذه القضية أيضاً، في مقالٍ جاء فيه إن الجيش الإسرائيلي مطلوبٌ منه أن يوضح هذا التهديد لنتنياهو، وأضافت إنه لم يعد بإمكان رئيس الأركان هرتسي هليفي، الوقوف جانباً، على حين الاحتجاج انتشر في جهاز الاحتياط إلى كل الوحدات تقريباً.
وبيّنت أن الاحتجاج مستشعَر في جهاز الاحتياط في البر أقل ممّا هو عليه في سلاحي الجو والاستخبارات، لكن قد يصل إلى هناك أيضاً.
ولفتت «يديعوت أحرونوت» إلى أن هذا الواقع سيؤثّر في حافزية خدمة الاحتياط في الروتين في مجمل التشكيلات، كما سيؤثّر في حافزية الخدمة القتالية، وأيضاً في حافزية الأهل الذين يُرسلون أولادهم إلى هذه «الوحدات» للبقاء فيها.
وفي ضوء هذه الوقائع، تحدّثت «يديعوت أحرونوت» في مقالٍ آخر للباحث فيما يسمى «معهد أبحاث الأمن القومي» وعضو الكنيست السابق عوفِر شيلَح، عن أخطر أزمة احتياط منذ سنة 1973 بسبب التراجع في التجنيد.
وجاء في المقال إنه «يجدر بالقادة تذكّر أزمة أكبر بكثير، وذات صلة أكثر باليوم، التي بدأت وسط عناصر الاحتياط بعدها بعقد، في أعقاب حرب لبنان الأولى 1982».
وذكر المقال، أن «جيش» الاحتلال يشهد حالياً ظروفاً صعبة، إذ إن «إيران هي على عتبة أن تكون دولة نووية، وهناك حريق كبير في الضفة والمناطق الفلسطينية، على حين بنية القوة البشرية للجيش واقعة في ذروة سلسلة أزمات في التجنيد، في الخدمة الدائمة والاحتياط».
أمّا الأسوأ، وفق المقال، فهو أن الحكومة تفعل كل ما بوسعها ليس للقيادة والتوحيد، بل لتقويض أسس المبنى وزيادة الخطر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن