قضايا وآراء

قوات بن غفير والمواجهات المقبلة مع المقاومة

| تحسين حلبي

يؤكد العميد المتقاعد السابق في جيش الكيان الإسرائيلي والباحث في «معهد أبحاث الأمن القومي» مائير ايرلان في مقاله في 31 من آذار الفائت أن «قوات الحرس الوطني» التي يعدها الآن ايتامار بن غفير وزير الأمن الداخلي في حكومة بنيامين نتنياهو، أصبحت معالم تأسيسها جاهزة وسوف يقودها بن غفير بنفسه ويحدد لها مهامها كوحدات مستقلة عن قوات الشرطة وقيادة الجيش.

صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت في 29 من آذار الفائت، أن بن غفير طلب لهذه القوات ميزانية أولية تزيد على مليون ونصف المليون شاقل، وأعد لها حتى الآن ما يزيد على 1800 من المقاتلين والضباط ذوي الخبرات القتالية الذين قدمهم له حرس الحدود والجيش، وسيضيف لهم ثمانية آلاف من المتطوعين الدائمين يجلبهم من مختلف المستوطنات في الضفة الغربية لتشكيل قوة تدخل سريع تحتفظ بأسلحتها وذخائرها في بيوتها السكنية الاستيطانية وتحملها معها إلى أي ميدان لقمع العمليات المسلحة، والتصدي لأشكال العصيان والمظاهرات وخاصة في المدن التي يختلط فيها اليهود مع الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 أو لحماية المستوطنات في الضفة الغربية.

وحدد بن غفير لها هذه المهام بموجب التجربة التي شهدتها مدينة اللد وغيرها حين اصطف الفلسطينيون الموجودون فيها إلى جانب دعم قطاع غزة أثناء عملية «سيف القدس» التي أطلقتها المقاومة في قطاع غزة في أيار قبل عامين ضد عملية «حراس الأسوار» التي أطلقها جيش الاحتلال على قطاع غزة في ذلك الوقت، ففي تلك التجربة حاصر الفلسطينيون في اللد بالحواجز والعصيان والسلاح قوات الشرطة الإسرائيلية وفرضوا عليها الانسحاب من أحيائهم.

ويذكر أن مدناً فلسطينية محتلة منذ عام 1948 مثل عكا وحيفا ويافا والنقب والرملة تضم يهوداً وفلسطينيين بنسب متنوعة، بدأ جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية بوضع حسابات لها عند قيامه بعمليات عسكرية في القدس أو قطاع غزة، وهذا ما أشار إليه بن غفير حين حدد لقوات «الحرس الوطني» مهاماً عسكرية في هذه المدن وقرب المستوطنات وأبعد عنها دور قوات الشرطة التي لا يعول عليها في حماية هذه المدن أو المستوطنات.

يكشف قائد شرطة الكيان سابقاً موشيه كارادي أن بن غفير اختار لقواته هذه متطوعين من منظمة «كاهانا حي» والمجموعات الاستيطانية المسلحة المماثلة ووضعها تحت قيادته للتغطية على نتائج عمليتها، وهذا ما يخالف نظام عمل قوات الشرطة أو حرس الحدود، ويؤكد كارادي أن بن غفير يسعى بهذا الشكل «إلى شرعنة عمليات هذه المليشيات اليهودية المسلحة وسيطرتها في الميدان».

يبدو أن بن غفير وحزبه يريدان من ذلك منح هذه المجموعات صلاحيات لا تستطيع شرطة الاحتلال تحمل مسؤوليتها علنا وهي صلاحيات تتيح لقوات بن غفير ارتكاب مذابح علنية ضد الفلسطينيين وإحراق بيوتهم على غرار ما جرى في حوار، وبهذه الطريقة سيزعم أن ما جرى هو نتيجة حرب بين مدنيين مستوطنين يدافعون عن أنفسهم أمام فلسطينيين مسلحين، وهو طالما دعا إلى مثل هذه المواجهات حين لم يكن وزيراً للأمن فما بالك الآن حين أصبح آمراً على مستوطنين مسلحين باسم «قوات الأمن الوطني» يعززها جيش احتلال وشرطة.

تشير صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن بن غفير أنشأ وحدات خاصة من هؤلاء المستوطنين باسم «وحدات الأطراف» لمهام في داخل الضفة الغربية، ويبدو أن بن غفير يريد إعادة تجربة حرب عام 1948 حين كانت عمليات المليشيات العسكرية الصهيونية مثل «منظمة الأرغون وليحي» تشن عملياتها على شكل مذابح لإرهاب الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل ويتجنب إيقافها جيش بن غوريون الرسمي الذي حمل اسم «الهاغانا» أي «الدفاع» لأنه كان يدرك بعد ذلك أنه سيضم كل هذه المليشيات إلى جيشه وهذا ما فعله بعد حرب عام 1948.

لكن بن غفير لا يدرك أن مخططه المعد لإرهاب وترحيل الفلسطينيين بارتكاب المذابح لن يحقق أهدافه لأن المقاومة الفلسطينية وحلفاءها ستتصدى بكل ما لديها من قوة لم تكن موجودة أثناء مذبحة دير ياسين وغيرها وهي موجودة الآن بكل أنواعها وبدعم شامل من قوى وأطراف محور المقاومة بالسلاح والعتاد والمقاتلين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن