ثقافة وفن

التجدد والتميز في أداء شخصيات متنوعة … مسلسل «الزند- ذئب العاصي» يخرج أنس طيارة ونانسي خوري عن المألوف

| مايا سلامي

منذ عرض أولى حلقاته تصدر مسلسل «الزند- ذئب العاصي» تأليف عمر أبو سعدة، إخراج سامر البرقاوي المشهد الدرامي في الساحتين المحلية والعربية، محققاً الكثير من الإشادات الجماهيرية لتفرده في القضية والبيئة التي يعالجها ويعكسها، والتي جعلته يغرد خارج السرب في الموسم الرمضاني الحالي.

وتميز العمل في خروجه عن النمطية في اختيار الفنانين حيث أعطى الفرصة لعدة مواهب شابة سبق أن شاهدناها بأدوار مختلفة لتثبت قدرتها على أداء شخصيات جديدة وصعبة، فكان على رأسهم كل من الفنان أنس طيارة والفنانة نانسي خوري اللذين نالا استحساناً جماهيرياً واسعاً للإبداع الكبير الذي أظهراه في هذا العمل وبات حديث المتابعين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انهالوا عليهما بجملة من التعليقات الإيجابية والداعمة لقدراتهما التمثيلية الواعدة.

موهبة لامعة

يطل الفنان أنس طيارة بشخصية الآغا الإقطاعي «نورس باشا» الذي يسعى لبسط سيطرته ونفوذه على أراضي الفلاحين الفقراء متخذاً من ضعفهم وخنوعهم قوة له.

ولم يتوان أنس طيارة عن إظهار موهبته المتفردة واللامعة التي فجرتها هذه الشخصية المعقدة والمركبة التي نشأت على الظلم والجبروت من دون أن تعرف معاني الرحمة والمحبة، فاتكأ على ذكائه الفني ليوظف أدواته التمثيلية في مكانها المناسب، فأبدع بابتسامته الصفراء ونبرة صوته ومشيته مختالاً بنفسه وتعابير وجهه التي يلونها حسب مزاجه، وهذا ما لاحظناه في الحلقة السادسة عندما يقابل أحد الفلاحين الطيبين الذي يحدثه عن سعادته بأرضه وخيراتها، فللوهلة الأولى يقنعك بملامحه اللطيفة أن «نورس باشا» تخلى عن جبروته وقسوته لكن سرعان ما تتحول إلى نظرات شر ولا مبالاة عندما يطلب من رجاله تخليص الفلاح الفقير أرضه. كل ذلك جعله يتماهى مع هذه الشخصية إلى حد كبير حتى وصلت إلى قلوب الجماهير على الرغم من شرها، وباتت واحدة من أهم الشخصيات التي ستسطر في كتاب مسيرته الفنية المشرقة.

كما حقق أحد مشاهده في الحلقة التي حملت عنوان «الحفلة» تفاعلاً جماهيرياً واسعاً عندما كان يتحدث عن الفرق بين الطبقات في المجتمع بسبب المصداقية الكبيرة التي أداها فيها، والتي أنست المتابع أن الذي أمامه مجرد مشهد تمثيلي لبراعته بتجسيده بكل هدوء وإتقان فبدا كأنه يتحدث بشكل طبيعي وبمنتهى الراحة من دون أن أي مبالغة أو جهد في ذلك.

فبرع أنس طيارة بتجسيد خط الشر الرئيسي في العمل الذي يواجه «عاصي الزند» فيحيك له المكائد ويوقعه بشراك فخ نصبه كان قد نصبه له بكل ذكاء وحنكة ليجعله ملاحقاً من الدرك العثماني، فأثبت نفسه بجدارة ليكون واحداً من الأرقام الصعبة الجديدة في الدراما السورية.

شخصية متزنة

على الجانب الآخر أبدعت الفنانة نانسي خوري بتجسيد شخصية «عفراء» شقيقة «عاصي الزند» الذي تفقده وهي فتاة صغيرة، وتعيش بعد ذلك حياة صعبة مع زوجها سيئ الطباع الذي ترزق منه بطفلين.

وتفوقت نانسي خوري على نفسها في أداء هذه الشخصية المتزنة التي تجمع بداخلها جملة من المشاعر والأحاسيس الجياشة، التي برعت بتصويرها وعكسها من خلال تعبيراتها وإيماءات وجهها، فكان من السهل رؤية مشاعر التخبط والخوف والقلق في نظرات عينيها اللتين تحكيان الكثير من دون أن تنطق بكلمة واحدة.

فأكدت نانسي من خلال هذا العمل أننا أمام موهبة نسائية مهمة وواعدة، تمتلك أدواتها وتعرف متى وكيف توظفها لتقدم المشهد بشكل صادق ومقنع وبعيدٍ عن التكلف والمبالغة، لتكون واحدة من الأسماء التي سيلمع نجمها في سماء الفن السوري الذي لطالما كان منبعاً لمثل هذه المواهب الجميلة.

كما أن هذا التحول الكبير عن شخصية «نهى» التي برعت في أدائها العام الماضي بمسلسل «كسر عضم»، أثبت موهبتها وقدرتها الرائعة على التميز والتجدد لأداء شخصيات مختلفة ومتنوعة، فلم تؤطر نفسها في قالب الفتاة اللعوب كما سبق وفعل غيرها من الفنانات، بل أثبتت بجدارة أنها قادرة على تغيير جلدتها لتصل إلى الحالة التي تطلبها كل شخصية، فنجحت بلفت أنظار المتابعين إليها بشدة في هذا الموسم الذين أكدوا أنها موهبة شابة تمتلك كل مؤهلات الفنانة الحقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن