لا يكلف اللـه وطناً إلا وسعه، حكمة إستراتيجية بصبغة إسلامية، يمكن للإنسان استكشافها وهو يتابع ردود الفعل إزاء التطورات الحالية في الشرق الأوسط والتعاطي العربي مع المقاومة الفلسطينية والعربية عموماً في الغرب.
وهنا ومن لندن، تابعت تداعيات وردود الفعل بشأن عمليات المقاومة الفلسطينية الباسلة، وهو ما يأتي تزامناً مع جهود سورية عميقة تهدف إلى الارتقاء بأوضاع فصائل المقاومة الفلسطينية جميعها بلا استثناء، وهو ما توضح في اجتماع الرئيس بشار الأسد مع قيادات هذه الفصائل وتسوية أي خلاف سابق بينها ومعها.
بالطبع شجع هذا الاحتضان السوري للمقاومة بعضاً من شخصياتها إلى المناداة وعبر بعض من القنوات والصحف في الخارج إلى:
1- عودة بعض الفصائل لممارسة عملياتها الداعمة للمقاومة من قلب سورية.
2- ضرورة تحول سورية إلى حاضنة للفصائل الفلسطينية وأجنحتها المسلحة بأنواعها كافة.
هذا النداء تزامن مع سياسات عربية شجعته، على خلاف سياسات عربية أخرى تنتقد عمليات المقاومة الفلسطينية، بل تنتقدها في بيانات رسمية صدرت لها وتصفها بالإرهاب.
هذا الانتقاد دفع بالمقاومة للبحث عن الطرف النبيل الصادق معها، الطرف الذي كان واضحاً منذ نشأة إسرائيل وحروبها المتكررة ضد العرب، وحربها على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وحصارها غزة، ولم يوجد بالفعل إلا سورية.
ورغم مواصلتها تقديم الدعم والمشورة للفصائل العربية ولكل طرف عربي يحتاج إلى النصح، غير أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الوطن السوري، من محاربة الجماعات الإرهابية بداية، ثم قضية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين أو النازحين على حد سواء لأرض الوطن، وهذه أمور تصعب من مطالب المقاومة بشأن عودة عملها المسلح العلني من سورية.
هناك الآن جهود دبلوماسية وراءها رجال يواصلون الليل بالنهار لعودة سورية للحضن العربي من جديد، وزار فيصل المقداد العاصمة المصرية القاهرة في أول زيارة لوزير خارجية سوري لمصر منذ 12 عاماً، ويمكن القول: إن هناك أيضاً رغبة عربية لحضور سورية للقمة العربية المقبلة، لتعود سورية لتكون شجرة العرب الطيبة التي يحتمي الكثير من أبناء منطقتنا بظلها الواسع.
كان اللـه في عون الدولة السورية، كان اللـه في عون أجهزتها، كان اللـه في عون شعبها الذي تحمل الكثير من التحديات بسبب الدعم الخارجي للإرهاب الذي عانت منه سورية كثيراً.
وكما قال تعالى في سورة البقرة: «لَا يُكَلِّفُ اللـه نَفْسًا إلا وُسْعَهَا»، أتمنى أن يستوعب الجميع بالمنطقة هذه الحقيقة ويطبقها على سورية ولا يحملها ما لا طاقة لها به، وندعو اللـه جميعاً أن تكتمل عودة سورية بالكامل ورسمياً للحضن العربي والإجماع العربي الذي كان قاسياً عليها في كثير من الأوقات.