التحالف المرتجل؟
| صياح عزام
الكثير من التساؤلات تطرح حول «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب» الذي أعلنت عنه السعودية في الأيام القليلة الماضية.. لماذا إقامة هذا التحالف؟ وضد من وإلى أين؟ لماذا الإعلان عنه في هذا الوقت بالذات؟ وما هي أهدافه وخططه للعمل الميداني؟ من هم الإرهابيون الذي ستحاربهم السعودية، وخاصة أن للمملكة التي طرحت التحالف وعينت نفسها قائدةً له من عاصمتها، لديها مفهومها الخاص للإرهاب وللمنظمات التي تعتبرها إرهابية؟ من جهة أخرى، هل للدول الـ35 المنضوية تحته مفهوم موحد؟ ولماذا أدرجت أوغندا وبنين والنيجر وساحل العاج وجزر المالديف مثلاً في قوامه، واستبعدت دول محورية في مواجهة الإرهاب مثل روسيا والعراق وإيران وسورية والصين وغيرها؟
إذا، يبدو من خلال هذا الاستبعاد كأن المسألة مسألة صراع محاور.
ثم ما هو التفسير السياسي لما أعلنه ولي ولي العهد (محمد بن سلمان) في مؤتمر صحفي «لا نستطيع القيام بعمليات في سورية والعراق من دون تنسيق مع السلطات الشرعية فيهما؟ هل هي زلة لسان أم رسالة سعودية جديدة؟
ما علاقة توقيت إعلان التحالف الجديد بتطورات الوضع في اليمن، حيث واجه التحالف العربي الذي تقوده السعودية حائطاً مسدوداً بعد تسعة أشهر من (حرب الخراب)؟ وهل بمحض المصادفة تزامن الإعلان مع انطواء حرب اليمن إلى التفاوض في سويسرا، والانتكاسات العسكرية للتحالف الذي لحقت به الهشاشة والخيبة؟
أليست بعض الدول المنضوية في التحالف الجديد متهمة بدعمها للإرهاب وتمويله لكي يخدم مصالحها وفي المقدمة منها: السعودية وقطر وتركيا.
بالطبع تكتسب الإجابة على هذه الأسئلة أهمية خاصة لأنها جاءت غداة المؤتمر الصحفي الذي عقده محمد بن سلمان والذي لم يقدم فيه الكثير من الإجابات الشافية عن هذه الخطوة السعودية المفاجئة، ثم جاء قوله: «إن أي عمل ضد الإرهاب في سورية والعراق يجب أن يتم عبر السلطات الشرعية في البلدين..»، مناقضاً لما صرح به عادل الجبير في اليوم التالي من باريس (بأن فكرة تدخل قوات خاصة خليجية ضمن التحالف الإسلامي في الأراضي السورية احتمال وارد تجري مباحثات بشأنه».
لا شك أن المشهد سيتضح بالنسبة لهذا التحالف في القادمات من الأيام، ولكن المؤكد أنه لن يختلف عما آل إليه مصير تحالفات أخرى أقيمت واستخدمت لمآرب خاصة أو دعائية شكلية أو ظلت حبيسة الأدراج.
واللافت للنظر والمضحك في الوقت نفسه، أن الجبير ظهر من خلال تصريحاته الأخيرة في باريس وكأنه وزير خارجية دولة كبرى وعملاقة، حين رد على سؤال حول احتمال إرسال قوات على الأرض إلى الدول التي يضربها الإرهاب بقوله «القرارات تتخذ حالة بحالة، وليس هناك أي خيار مستبعد»، وهنا نسأل الجبير: إذا كانت بلاده ومعها عدة دول خليجية وغير خليجية لم تستطع حسم الحرب في اليمن لصالحها بعد تسعة أشهر فكيف ستستطيع إرسال قوات عسكرية إلى دول أخرى؟
والآن نأتي إلى الموقف الدولي والعربي من هذا الإعلان عن الحلف الإسلامي الجديد، الولايات المتحدة رحبت على لسان وزير دفاعها بهذا التحالف، مدعياً أنه يتماشى مع ما تحث عليه بلاده حسب زعمه، وهذا الترحيب ليس مستغرباً، لأن السعودية لم تكن لتعلن عن هذا التحالف بدون رأي الإدارة الأمريكية، بل قد يكون هذا الإعلان تم بإيعاز من الولايات المتحدة، لتوحي للعالم بأن الحروب في بعض الدول العربية هي حروب دينية طائفية، وهذا ما يؤكده كلام كارتر عندما قال: «هذا التحالف يتماشى مع ما نحث عليه منذ فترة وهو اضطلاع الدول العربية (السنّية) بدور أكبر في محاربة داعش.
كذلك رحبت ألمانيا وتركيا بالإعلان السعودي عن التحالف الجديد، وهذا أيضاً ليس مستغرباً، أما روسيا الاتحادية، فاعتبرت أنه من المبكر إبداء الرأي أو اتخاذ موقف من هذا التحالف الناشئ قبل تحليله ودراسته من حيث المشاركون فيه، وأهدافه وطرق عمله.
الخلاصة: إن مثل هذا التحالف هو تحالف دعائي مشروخ لأنه يضم دولاً لا يجمعها إلا العداء، ولأن الدولة التي أعلنت عنه هي راعية الإرهاب وممولته منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن، وهي بالأساس وراء ظاهرة الجهاد الأفغاني، ولأن دولاً وضعت في قوامه من دون استشارتها بذلك حسب الأصول. هذا إلى جانب أن هوية الحلف طائفية، وبالتالي فهو تحالف لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ولا يبرئ السعودية من رعايتها للإرهاب.