أوراق العام الجديد.. بين السلام والإرهاب..!؟
| عبد السلام حجاب
ليس بعيداً عن ميدان المواجهة الحاسمة للإرهاب التي يصنع السوريون مع قوات جيشهم الباسل ملاحمها البطولية بدعم الحلفاء والأصدقاء، فإن أي قراءة لوقائع العام الجديد إنما تشي بالتأرجح بين مسارين:
1- مسار موضوعي سياسي مطلوب، وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي الأخيرين 2253 و2254، وما حظيا به من إجماع، بأقل تقدير…!؟
2- مسار آخر استنسابي. مثقوب بأجندات حاملها الإرهاب بكل عناوينه وأشكاله وعناوين داعميه لارتباطه بأطماع وخرائط جيوسياسية، تقسيمية لا يخرج الكيان الإسرائيلي عن تفاصيلها الافتراضية المرغوبة!؟
وعليه فإن تساؤلات السوريين تبقى مشروعة، لتضع على المحك أوراق العام الجديد بين سلام مطلوب يجسد حكمة «طوبى لصانعي السلام» وبين إرهاب مرغوب من قبل أطراف حلف الإرهاب ولو أصبح طاعوناً أصغر يهدد الجميع. وذلك انطلاقاً من هواجس ماضي السنوات العجاف التي مرت وعمدها السوريون بدمائهم الطاهرة وصمودهم الأسطوري.
وإذا كانت التساؤلات تقتضي خيارات الإجابة عنها، فإن خيار محاربة الإرهاب لدى السوريين حتى القضاء عليه يشكل جوهر الحل السياسي الذي يقررونه بأنفسهم لتحديد مستقبل بلدهم بقيادة سورية، من دون أي تدخل خارجي أو أجندات إرهابية أو مقايضات واهمة تخرج حلف الإرهاب أو أطرافاً فيه من مأزق ورطتهم الكارثية. ولعلها لم تكن المرة الأولى التي تعلن فيها سورية أن أي محاولة يقوم بها طرف دولي لكي يمس حق الشعب السوري في تقرير مصيره هي محاولة مرفوضة. وأكد الوزير وليد المعلم من بكين «استعداد سورية للمشاركة في الحوار السوري- السوري في جنيف من دون تدخل خارجي».
وإذا كان منطق التحليل والاستنتاج السياسي لأي قراءة واقعية للمشهد القادم تستوجب النظر في معطيات الماضي القريب والحاضر المتحرك، فإن أسئلة تطرح نفسها مثل: أي سلام ومن صانعوه إذا كان مثلث الإرهاب بقيادة واشنطن ممثلاً بالعثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود ومشايخ قطر يواصلون تغذية الإرهابيين وصب الزيت على نيران الإرهاب المشتعلة؟ ثم هل من سلام يمكنه العيش مع الإرهاب؟ وبالتالي هل الآمال وحدها كافية لاجتثاث الإرهاب ما لم تكن إرادة السلام مسلحة بقوة تشكل الفعل الحاسم الذي يصنع السلام بدلاً من انتظار حرب على نار هادئة؟
وهو ما أكده الوزير الروسي لافروف قبيل اللقاء المفترض بجنيف في الثلث الأخير من الشهر القادم بين وفد حكومة الجمهورية العربية السورية وبين وفد من المعارضات السورية، يعكف على تشكيله المبعوث الدولي دي ميستورا في ضوء مناورات أطراف مثلث الإرهاب بشأن اللوائح الاسمية للتنظيمات الإرهابية فقال لافروف: «من المهم توحيد جهود الأطراف التي تحارب الإرهاب من أجل التسوية في سورية، مبدياً استعداد بلاده للتعاون مع من يحارب الإرهابيين على الأرض في سورية، تحت مظلة القانون الدولي والتعاون مع دمشق».
ولا جدال بأن من السذاجة الاعتقاد بأن أحداً من أطراف حلف الإرهاب يمكنه تجاهل القرارين الأخيرين لمجلس الأمن الدولي، وإن كان، بحسب دوره الوظيفي في الحلف، يمكنه التعطيل أو الالتفاف على مندرجات القرارين عبر المناورة والتفسيرات المسيسة. حيث أكد القرار 2254 أن الشعب السوري وحده من يقرر مصيره ومستقبل بلده. وهو ما أكدته مبادئ اجتماعات فيينا التي قادتها موسكو وواشنطن والمبعوث الدولي. كما أكد القرار 2253 على تجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويله تحت الفصل السابع من الميثاق كمقدمة لا بد منها لإنجاح جهود الحل السياسي للأزمة في سورية ما يعني أنه في غير هذا الاتجاه، إنما يقدم خدمة لخيارات تفوح من ثناياها رغبة الحروب غير المحسوبة النتائج وشهوة للتدمير تدفع المنطقة برمتها إلى مجهول لا يسلم من آثاره الكارثية أحد ولا يعفي الكيان الإسرائيلي من تداعياته الخطيرة المتشظية.
ولقد سبق لسورية أن أكدت أن تمدد التنظيمات الإرهابية ومن بينها داعش وجبهة النصرة الإرهابيان كان بسبب السياسات الأميركية والغربية الخاطئة التي وفرت الدعم للمجموعات الإرهابية، وفرضت إجراءات قسرية عقابية على الشعب السوري ومؤسساته الشرعية. كما أكد الرئيس الروسي بوتين «لا يمكن التوصل إلى تحالف لمكافحة الإرهاب في ظل وجود من يستغل الإرهابيين لتحقيق أهدافه المؤقتة والمرحلية، مشدداً على ضرورة تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بشراء وبيع النفط السوري المنهوب الذي يسرقه الإرهابيون باتجاه تركيا».
إن نظرة أحادية الاتجاه، يعول أطراف حلف الإرهاب على مفردات أوراقها للعام الجديد، وتعكس محدودية في الرؤية وانفصالاً عن الواقع بمتغيراته السياسية والميدانية، إنما هي نظرة محكوم عليها بالفشل الذريع الذي سبق لهم أن عرفوا مرارته. وقد فعل السوريون فعلهم الحاسم في مواجهتها على غير صعيد ما يجعل التفاؤل بالقادم رهن صناعة سورية بامتياز من خلال إرادتهم الصلبة وعزيمتهم الثابتة في السياسة والميدان والدفاع عن الحقوق الوطنية السيادية التي لا تحكمها مقايضات ولا أجندات إرهابية مسلحة أم غير مسلحة، ليتأكد للجميع أن ما عجز عن أخذه بالحرب بوساطة الإرهاب أو التهديد المباشر بها، لن يتمكن بأي حال أن يحصل عليه بالسياسة أو المؤتمرات. إذ حيث تكون حقوق السوريين الوطنية واجبة الوجود فإن سورية جيشاً وشعباً واجبة الحضور بقيادة الرئيس بشار الأسد، مؤيدة بدعم موسكو وطهران والمقاومة اللبنانية ليس في السياسة وتفاصيلها فحسب، بل في الميدان أيضاً، حيث يجب أن تكون.
ولعل من يتابع إنجازات الجيش العربي السوري، ويقرأ بالسياسة، مفرداتها المتدحرجة في الجغرافية السورية، يدرك قدرتها الإستراتيجية على صياغة أوراق العام الجديد، بحيث لا يغيب عن بال أحد أن التزام سورية بحل سياسي للأزمة يقوم على حوار سوري- سوري بقيادة سورية، لا مكان للمجموعات الإرهابية على طاولة الحوار. ولقد أكد الرئيس الأسد «أن خيارنا الوحيد هو هزيمة الإرهاب والحفاظ على مجتمعنا العلماني وإجراء الإصلاحات التي يريدها السوريون حول نظامهم السياسي ومستقبلهم». ولا شك في أن ذلك مصدر أمل للسوريين وثقة بالانتصار في مواجهة تحديات أوراق العام الجديد.