شؤون محلية

15 بالمئة فقط نسبة المحصنين عناد غير مبرر

| ميشيل خياط

انتهت قبل أيام أحدث حملة تطعيم ضد مرض كورونا (كوفيد 19)، وهناك من سألني عن سر الإصرار على مثل هذه الحملات طالما أن المرض قد انتهى …!!

ورأيت أن هذا التقييم مخيف وضار جداً لأن كورونا بات مستوطناً مثل الإنفلونزا، علما أنه قاتل في كثير من الأحيان. لقد أودى منذ ظهوره قبل ثلاث سنوات، بحياة 350305 في إقليمنا، إقليم شرق المتوسط وغرب آسيا، الذي وصلت فيه نسبة التلقيح ضد هذا المرض إلى 35 بالمئة، على حين أن النسبة في سورية 15 بالمئة!!.

لقد كان لافتاً للانتباه، في سياق احتفالات منظمة الصحة العالمية مؤخرا، بالذكرى 75 لتأسيسها في السابع من نيسان من العام 1948، تركيزها على مرض كورونا والمتحول أو ميكرون، وضرورة أخذ عدة جرعات من اللقاح الحامي من المرضين في آن معاً.

قد لا يقي اللقاح 100 بالمئة من المرض، لكنه يقلل من حدته، وينأى بمن يصاب به وهو محصن، من الذهاب إلى المشفى، علما أنه لم يتم تسجيل وفيات بين من حصلوا على اللقاح، وهو آمن 100 بالمئة بضمانة منظمة الصحة العالمية التي توزعه على دول العالم من أرقى المصانع العالمية، وهو في سورية مجاني.

وبفضل اللقاحات، وأغلبها يعطى للرضع، تمت حماية مئات ملايين الأطفال من الموت بأمراض كانت قاتلة مثل الحصبة والخناق والجدري وشلل الأطفال والسل الخ.

ويشير مدير عام منظمة الصحة العالمية في مؤتمر حضره 3000مندوب من 146 بلداً، عقد في جنيف عاصمة سويسرا في 3نيسان الجاري، إلى أنه منذ تأسيس المنظمة قبل 75سنة وحتى الآن ارتفع متوسط عمر الإنسان على الأرض من 47 سنة إلى 73 سنة، (لعل العامل الحاسم على هذا الصعيد حماية البشر من الأمراض الخطرة والقاتلة بوساطة اللقاحات). لقد تم القضاء نهائياً على مرض الجدري وتقترب البشرية من اجتثاث مرضي شلل الأطفال والسل، وتحقق إنجاز كبير بالتوصل إلى لقاح ضد الملاريا.

ومن وقائعنا السورية على هذا الصعيد، أنه في أواسط الثمانينيات، كانت نسبة وفيات الرضع والأطفال كبيرة 120 بالألف، وجرى آنذاك تنظيم حملات لتلقيح الرضع والأطفال ضد الأمراض الستة الخطرة آنذاك، توجت بانخفاض نسبة الوفيات إلى 18بالألف!!

وفي أيامنا يعطى للرضع والأطفال في سورية، أحد عشر لقاحا للحماية من الأمراض الخطرة والقاتلة الأمراض الستة الأساسية وأضيف إليها، اليرقان B أو العامل الاسترالي واليرقان A والسحايا الخ وكلها مجانية، وخلافا للموقف من لقاح كوفيد 19 وأو ميكرون، ثمة إقبال كبير من الأهالي وحرص شديد على تحصين أطفالهم.

ولعل السبب معروف، يعود إلى اللغط الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وتسييس اللقاح والتنافس على الربح. لكن الحقيقة هي أن اللقاحات التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية والتي تزود بها سورية، آمنة وممتازة.

وثمة سبب آخر يدعوني إلى الإلحاح بضرورة أن يأخذ كل السوريين، اللقاح المضاد لمرض كورونا ثلاث مرات على الأقل، وهذا السبب يكمن في اطلاعي مؤخراً على دراسة علمية نشرتها مجلة لانسيت وهي محصلة لجهود باحثين وعلماء في خمسة آلاف محطة رصد لتلوث الهواء في العالم، وقد أظهرت الدراسة أن هواء قارة آسيا هو أكثر هواء ملوث في العالم ولاسيما في الجزء الجنوبي والشرقي منها.

وأوضحت الدراسة أن هواء تلك المناطق محمل بجسيمات نتاج الدخان الأسود، تخترق حاجز الرئة وتدخل جهاز الدورة الدموية ويمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي وسرطان الرئة.

الحد المسموح به لتلك الجسيمات واسمها العلمي (PM2،5) هو 15 ميكروغرام لكل متر مكعب هواء وهو الحد اليومي، والمفارقة المؤلمة أن النسبة في جنوب آسيا 37 ميكروغراماً في المتر مكعب هواء. وسورية في الجزء الجنوبي الغربي من آسيا.

إن رئاتنا دون كورونا هشة بفعل تلوث الهواء الشديد ولاسيما في مدننا الكبرى المزدحمة بالسيارات والميكروباصات والباصات، فانتبهوا وساعدوها على مقاومة مرض ليس بالهين أبداً، والوقاية منه ممكنة ومجانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن