ثقافة وفن

عدوى المنافسة تنتقل إلى الشاشات … صراع محتدم بين عشاق الكرة ومحبي الدراما

| وائل العدس

لا نعرف أيهما أسوأ حظاً، الدراما أم كرة القدم؟ فالشهر الكريم حمل معه الكثير من المسلسلات المتنوعة، وفي الوقت نفسه جاء إلينا بمباريات من العيار الثقيل في دوري أبطال أوروبا والدوريات الأوروبية الكبرى.

لكن من حسن حظ صناع الدراما هذا الموسم، أن مباريات الشامبيونزليغ ستأتي تزامناً مع عرض الحلقات الأخيرة، ومن سوء حظهم أن معظم المتابعين ربما يفضلون متابعة جنون الكرة على متابعة نهايات الأعمال الدرامية، وخاصة أن كثيراً منها امتدت لأكثر من ثلاثين حلقة.

واعتادت الدراما سنوياً على حشد العائلة أمام التلفزيون لمتابعة أحداث مسلسلاتها خلال الموسم الرمضاني، إلا أن الرياح لم تأت بما تشتهي مراكب منتجي الدراما، في ظل تزامنه مع مباريات كبيرة، مسببة بذلك إرباكاً واضحاً ظهر جلياً على مواقع التواصل الاجتماعي.

الدراما ستتأثر بشكل أو بآخر بسبب أي بطولة كروية، لأن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى، ويعشقها الصغار والكبار، لكن تكرار المسلسلات طوال العام جعل المشاهد في حالة ارتياح لتأكده من مشاهدته للعمل نفسه أكثر من مرة.

إغراءات للجمهور

إذاً، يشهد النصف الثاني من شهر رمضان المبارك صراعاً محتدماً بين فريقين قويين، الأول فريق الدراما الذي ينتظر عاماً كاملاً حتى يحين موعد الموسم الدرامي، والثاني فريق الكرة المتأهب لمتابعة سحر المستديرة، ولا ندري أي الفريقين سيظفر بالنسبة الأعلى من المشاهدة، وإن كنت أرى أن لا مفر أمام الفضائيات وشركات الإنتاج الدرامية من تلقي بطاقة حمراء ضريبة تشابكها مع السباق الكروي.

وعادة ما تأتي الآراء متفقة إلى حد ما على أن كرة القدم تتفوق على الدراما، لما تحمله الكرة المستديرة من إغراءات للجمهور، ولا سيما أن مواقيت عرض المباريات سيكون في وقت الذروة بالنسبة للقنوات الفضائية التي اعتادت تخصيصه لأعمال درامية قوية، تمتلك مقومات جذب المعلن.

عدوى المنافسة انتقلت إلى الشاشات بين مشاهد يتحمس ليشجع فريقه ولاعبه المفضل، وبين آخر يتسمر لرؤية ممثله ومسلسله المفضل، وعندها بدا التنافس حاداً في البيت الواحد.

وأمام الكم الكبير من الأعمال الدرامية التي تزدحم بها القنوات التلفزيونية تأبى اللعبة الأكثر شعبية في العالم إلا أن تمد عنقها على المشاهدين لتقسمهم إلى قسمين، قسم يخفق قلبه إثر كل تمريرة لكرة أو تسديدة، وقسم يدق قلبه توجساً لنهاية غير متوقعة لبطله المفضل، وهنا تبدأ المشكلة ولا سيما إذا كان ذلك البيت لا يتوافر إلا على «ريموت كونترول» واحد، يبدأ الصراع غير الودي ولا سيما بين الأنثى والذكر، فالأولى تريد أن تشاهد أبطالها المفضلين في لعبة الدراما لتكمل مسلسلها إلى آخر حلقة، أما الثاني فلا يمكن أن يتنازل عن مشاهدة بطله المفضل في لعبة الكرة ليكمل مشوار منتخبه وبطله إلى صافرة النهاية.

ميزة الإعادة

أصبحت الدراما تحظى بميزة «الإعادة» التي تعتمدها القنوات الفضائية، سواء خلال الموسم الرمضاني نفسه، أم في الأيام التي تليه، ولذلك أعتقد أن إعادة المسلسلات سيعطي الجميع فرصة متابعتها، حتى وإن كانت خارج إطار رمضان، ولذلك ربما لا تؤثر المباريات، ذلك يعني أن الجمهور قادر على متابعة المباريات والدراما في آن واحد، في ظل انخفاض كمية الإنتاج الدرامي السوري لهذا العام، مقارنة مع السنوات الماضية.

ربما يكون جمهور كرة القدم مختلفاً تماماً عن جمهور المسلسلات وإن كانت هناك شريحة قليلة من هذه النوعية تحب الكرة أيضاً، لكن الإيجابية في الموضوع أن المسلسلات تعاد في اليوم مرتين وأكثر، كما أن المسلسل الواحد يعرض على أكثر من قناة، منها مثلاً عمل يعرض على أكثر من عشر قنوات في عشرة تواقيت مختلفة، ما يفسح للمشاهد خيارات متعددة في اختيار التوقيت المناسب.

وبالتأكيد فإن المسلسلات غير الحصرية هي التي نجت من التأثر، لأنها تعاد أكثر من مرة على أكثر من قناة، وهذا بالتأكيد يخفف من وطأة الخوف من التأثير، لكن في النهاية لا أحد يستطيع إنكار أن هناك تأثيراً حدث بسبب مباريات كرة القدم.

ولكن إن اضطر المشاهد دعم كفة الكرة، فإنه يستطيع متابعة مسلسله المفضل عبر شبكة الإنترنت، وتحديداً عبر موقع اليوتيوب الشهير الذي يمثل ذاكرة أخرى للدراما، بينما لا يمكن لعاشق ولهان للكرة أن يتابع مباراة ما بالإعادة بعدما عرف النتيجة، لأنه فقد بذلك عناصر المفاجأة والتشويق والحماس والمتعة.

دراما انتقائية

يجب أن تكون لدينا دراما خارج رمضان، لستُ ضد أن تعرض دراما انتقائية في هذا الشهر، ولكن من الظلم حشوه بعشرات المسلسلات، بغض النظر إن صادف بطولة كروية أم لا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن