اقتصاد

مدير شكوك يبحث عـن فأس مفقودة!

| د. سعـد بساطـة

مديرون كثر يعـاقبون موظفيهم وفق ظنونهم وبلا أدنى وجه حق!

هذا ذكرني بقصة طريفة لرجل أضاع ذات يوم فأسه في الحديقة وبالرغم من بحثه لم يجدها، فبدأ يشك في أن جاره هو الذي سرق فأسه فراح يراقب جاره ويرصد تحركاته، وكان واضحاً بالنسبة له أن طريقة مشي جاره هي مشية سارق الفأس، وأسلوب كلامه هو أسلوب سارق الفأس، وحتى حركاته ولغة جسده توحي بأنه سارق الفأس.

مر وقت عـصيب علـيه؛ فكيف يواجه جاره ويسأله بصراحة: كيف تجرأت على سرقة فأسي؟ وبعد ليلة طويلة من الأرق بسبب التفكير، وجد الرجل فأسه واكتشف أنه مختف تحت أكوام من ورق الشجر. تطلـّع الرجل لجاره ثانيةً فلم يجد دليلاً على أنه سارق الفأس في طريقة مشيته ولا لغة جسده. كان إنساناً بريئاً نظيفاً من تلك التهمة. عـندها تيقــّن صاحبنا أنه هو ذاته كان السارق، فقد سرق من جاره أمانته وجرده من براءته، وسرق من وقته ساعات طوال في التفكير السلبي حيال جاره البريء.

السؤال الذي يطرح نفسه هاهنا: «كم عدد المديرين الذين يظنون أن فؤوسهم سرقت؟ وكم عدد المظلومين من الموظفين الذين تمت معاقبتهم وإصدار الأحكام الجائرة عليهم جوراً وبهتاناً بتهمة سرقة تلك الفؤوس التي لا علاقة لهم بها؟». أكاد أجزم أن هذه المعـضلة مستفحلة في أغلبية المؤسسات وأبرز أسبابها تعجل المدير أو المسؤول بإصدار الأحكام قبل التأكــّد. ومما يزيد من تفاقم المشكلة هو الدائرة الضيقة من الموظفين حول المدير من الوشاة الذين يستغـلون عـلاقتهم به لتزوير الحقائق وتدبير المكائد.

وللتعامل مع هذه المشكلة فمن المهم وجود أنظمة حوكـمة ورقابة ذات شفافية وحزم. وفي الوقت نفسه يلعب المدير دوراً محورياً في بناء ثقافة مؤسسية صحية ونظيفة تحارب النميمة والحروب الداخلية عبر البدء بتطبيق ذلك في قراراته وتعاملاته وتحفيز الممارسات السوية على مستوى المنظمة.

وبالنسبة للمدير، إذا تأكدت من أن البعض يستغل قربه منك لتشويه سمعة الآخرين فحذّره واحذر منه، فإن تكرر منه ذلك فاستبعده لأنه لا خير في قرب من يبعد الحقيقة عنك. واحرص على أن ألا تكون ممن تنطبق عليهم المقولة الشعبية «مثل طابخ الفأس!»، وهي قصة شخص اشتهى مرقاً ونكهة في طبخه، ولما كان الجزارون والقصابون يقطعون اللحم في الماضي بالفؤوس قبل أن ينتشر استخدام السواطير، قرر أن يضع الفأس في قدر الماء المغلي طمعاً في المرق لأن حديد الفأس لامس اللحم والشحم. ولكن وبعد ساعات من غلي الفأس لم يجد أي طعم ولا نكهة سوى صدأ الحديد. وبعدها أصبحت مقولة «مثل طابخ الفأس» تطلق على من يطلب مساعدة من ليس بأهل لتقديم المساعدة أو على من يطلب الكرم من بخيل والتعاطف من أناني. ولذلك على المدير أن يحرص على اختيار فريقه والأشخاص القريبين منه ومن يحملهم الأمانة والمسؤولية في منظمته.

وأنت أيها الموظف: لا تجعـل ترك العمل الحل الأول الذي تلجأ لــه لدى مواجهـة ظاهرة المدير الظالم؛ ذلك أنه يكرّس صورة انهزامية عنك، بالإضافة لأنه لا يساعدكِ على ترسيخ سلوك مهني قويم في مسيرتكِ الوظيفية؛ إذ يكرّس من ظاهرة الحل هو الانسحاب، وهذه الظاهرة مقتل في الحياة الوظيفية؛ ذلك أنها تحول دون استقرارك في مكان واحد ومن دون أن يثمر عملك كثيراً؛ بسبب كثرة التغيير.

حلول مقترحــة: الصبر ومراجعـة النفس.. المواجهة؛ التكيـّف؛ ومن ثم آخر العـلاج الكي!

أحد كتب الإدارة يعـطي نصيحة للمرؤوس في حال ظلم المدير: ((تذكـر المدير ليس دوماً عـلى حق؛ لكنه دوماً «المديـــر»!)).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن