طرقت الباب فلم يرد علي أحد، تذكرت أن هناك كلمة سر يجب أن أقولها كي يفتح الباب، فقلت بصوت جهوري: افتح يا سمسم، فانفتح الباب ودخلت.. هنا سأروي لكم باختصار مغامرتي في هذا العالم الكرتوني الجميل الذي يشبه عالمنا وحياتنا.
أول شخصية قابلتها الببغاء ملسون، مؤكد أنكم تتذكرونها، وخاصة أن فناننا الراحل توفيق العشا هو الذي أدى صوت هذا الببغاء اللطيف.
سألت ملسون عن سبب صمته وهو الذي لا يكاد يصمت فقال: خلص الحكي، لم يعد لكلامي أي معنى طالما لا يجدي و«السيد سمعان» نائم.
تركت ملسون وصمته المريب ومشيت قليلاً لأجتمع مع «كعكي» الشره للكعك بشكل كبير، بادرني بالقول: هل أحضرت لي قليلاً من الكعك؟ استغربت السؤال، واعتذرت منه فقال: المشكلة أنني بدأت اقتصد في استهلاك الكعك، وعندما سألته عن الأسباب قال: ألا تعرف أن أسعار الكعك والخبز والكيك والكاتو وكل المعجنات قد ارتفعت ارتفاعاً جنونياً؟ ليتك تسأل «نعمان» عن حاله.
ونعمان هو البدين في مسلسل افتح يا سمسم، لكنه لطيف للغاية، في اللحظة نفسها التي انتهى حديثي مع «كعكي» ظهر نعمان أمامي بقوام رشيق، فأصابتني الدهشة: هل أنت نعمان الذي نعرفه؟ فنظر إليَّ نظرة حزن وقال: نعم يا سيدي، أنا نعمان بشحمه وعظمه، والسبب أنني اضطررت إلى اتباع ريجيم قاس ليس لتخفيف وزني، بل بسبب غلاء أسعار اللحوم والخضروات والبقوليات وغيرها، حزنت لوضعه: غلاء حتى في عالم الكرتون!!
حتى أنيس وبدر اللذان كانا يخلقان الفرح رأيتهما حزينين كئيبين هجرتهما السعادة والبهجة، واكتشفت أن الجو العام لم يكن مريحاً لذا لم يشعر الصديقان «اللدودان» بأي سعادة أو حبور.. تركتهما مع همومها ومضيت في مملكة افتح يا سمسم وفوجئت بشخصيات لا علاقة لها بهذا البرنامج بنسخته العربية ولا في نسخته الإنكليزية، فرأيت-على سبيل المثال- السيد باتمان «ما غيره» يجلس في مقهى على الرصيف يحتسي فنجاناً من القهوة السادة توفيراً للسكر.
سألته: لماذا تجلس هنا ولا تقوم بعملك في مكافحة الجريمة والفساد وقمع الفاسدين؟ فأجابني: بالفعل أنا كما تقول، لكنني أنتظر رسالة البنزين لسيارتي الواقفة هناك بلا حركة ولا بركة، كيف لي أن أحارب الفساد وأنا عاجز عن التحرك؟
يا ويلتاه! حتى باتمان يعاني كبقية دمى المسلسل، فماذا عن الآخرين؟
لمحت شرشبيل يلاحق السنافر، في حين كان «سنفور كسول» يخلد لنوم عميق، حاولت إنقاذه قبل أن يتحول إلى وجبة لشرشبيل الجائع لكنه استغرق في النوم من جديد وقال بكل استهتار: يا أخي اتركني بحالي، فـأنا كسول بطبعي وجاء تقنين الكهرباء ليزيد من كسلي، ولعلمك حتى شرشبيل لن يستطيع تحويلي إلى وجبة لذيذة، فلم يبقَ مني سوى جلدة وعظمة، إضافة إلى أنه-أي شرشبيل-لا يملك أي وسيلة لاستخدامها في الطبخ: لا غاز ولا كهرباء ولا مازوت حتى الحطب نفد منه!.
عند هذا الحد قررت مغادرة هذا العالم إلى العالم الواقعي فسمعت ضجيجاً وازدحاماً شديداً، وعندما سألت قالوا لي: هذا المحترم علي بابا ومعه الحرامية، قلت: آه يعني الأربعين حرامي، فضحك الجميع وأنا في غاية الدهشة وسألت عن سبب الضحك فقالوا: كانوا أربعين منذ زمن، لكنهم بعد أن خرجوا من الكتاب والقصة صاروا مئات بل آلافاً وأكثر.. هنا أسرعت بالخروج قبل أن أصاب بالجنون، وعندها سألت نفسي: ألسنا في فيلم كرتون طويل؟