تعتبر مادة التسلل واحدة من أهم مواد قانون لعبة كرة القدم وأكثرها تعقيداً لأنها تتعلق بالأهداف التي تلعب دوراً مؤثراً في تحديد نتائج المباريات وحصد البطولات، وقد أتت صعوبتها من كثرة ودقة تفاصيلها وتعدد تفسيراتها… وقد شهدت مادة التسلل منذ عام 1990 بعضاً من التعديلات بغية زيادة عدد الأهداف، ثم تلتها عام 2017 عملية مراجعة كبيرة للقانون أدخلت من خلالها العديد من التغييرات والإيضاحات التي جعلت النص أكثر وضوحاً، كما كان لابد من قراءات جديدة للنصوص لتعزيز عدالة اللعبة ونزاهتها… وقد كان ذلك بعد حادثة هدف الفوز لمنتخب فرنسا على نظيره الإسباني قبل النهاية بعشر دقائق في المباراة الختامية لدوري الأمم الأوروبية 2021 والذي أحرزه «مبابي» الذي كان في موقف تسلل لحظة تمرير الكرة إليه بعد محاولة من المدافع الإسباني «غارسيا» وذلك بمد قدمه باتجاه الكرة وملامستها والذي أثار جدلاً واسعاً في الميدان، ونقاشات متعلقة بعدها قد أسفرت في 27 تموز 2022 عن قراءات وتوضيحات جديدة للتمييز بين اللعب المتعمد للكرة من المدافع وانحراف الكرة عنه، حيث لم يكن يعتبر اللاعب الموجود في موقف التسلل سابقاً قد حصل على فائدة إذا استلم الكرة من اللاعب المنافس الذي قام بلعبها متعمداً لمجرد تحركه باتجاه الكرة ولمسها ما يعطي المهاجم شرعية ويجنبه العقوبة، طبعاً باستثناء ما إذا كان قد تعمد إنقاذ مرماه من الكرة المتجهة إليه… لتولد قراءة جديدة ثم العمل بها في نهائيات كأس العالم في قطر 2022، واليوم أدخلت كتعديل جديد على مادة التسلل التي تقول: «لا يعتبر اللاعب الموجود في موقف تسلل والذي يتلقى الكرة من منافس يلعبها عمداً بما في ذلك اللمس المتعمد للكرة باليد ما لم يكن إنقاذاً متعمداً من اللاعب المدافع لمنع الكرة من دخول مرماه»… ونقصد هنا باللعب المتعمد «باستثناء لمسة اليد المتعمدة» أي قدرة اللاعب على التحكم بالكرة وليس لمسها فقط مع إمكانية مايلي:
– تمرير الكرة إلى زميله بالفريق.
– الاستحواذ أو السيطرة على الكرة.
– إبعاد الكرة بركلها أو لعبها بالرأس.
وإذا كانت التمريرة أو محاولة السيطرة أو إبعاد الكرة من اللاعب الذي يسيطر على الكرة غير دقيق فهذا لا ينفي حقيقة أن اللاعب قد لعب الكرة بشكل متعمد، وهذا يقودنا إلى ضرورة استخدام معايير كمؤشرات على أن اللاعب يتحكم بالكرة، وبالتالي يمكن اعتباره قد لعب الكرة متعمداً وهي:
– أن تكون الكرة قد قطعت مسافة معينة ويمكن للاعب رؤيتها بوضوح.
– لم تكن الكرة تتحرك بسرعة.
– لم يكن اتجاه الكرة غير متوقع.
– كان لدى اللاعب الوقت لتنسيق حركات جسمه أي: لم تكن لديه حالة تمدد أو قفز عضوي أو حركة حققت سيطرة محددة على الكرة.
– الكرة التي تتحرك على الأرض أسهل في اللعب من الكرة في الهواء والتي تحتاج إلى الارتقاء إلى الأعلى لإمكانية التعامل معها.
إن القراءة أو التعديل الجديد قد أوضح الفارق بين اللعب المتعمد للكرة وانحرافها لعدم وجود سيطرة عليها وهذا ما جعل النص القانوني أكثر واقعية وعدالة، وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة اللعب.