قاد منتخبنا الوطني الأول بكرة السلة في السنوات الأخيرة العديد من المدربين الأجانب، ولا ننكر جهود الاتحاد الحالي الذي نجح في إعادة ثقافة المدرب الأجنبي لمفاصل سلتنا منذ توليه لمهامه، وقد اتسعت فسحة تفاؤلنا برؤية منتخبنا الوطني في المراكز المتقدمة في البطولات التي كانت تنتظره في الفترة الماضية، لكن الحقيقة أفرزت نتائج عكسية، وتفاؤلنا هذا لم يدم طويلاً بعد سلسلة من النتائج التي خيبت آمال عشاق ومحبي اللعبة، رغم أن جميع المدربين الأجانب كانوا على مستوى تدريبي عال وخبرتهم كبيرة وتاريخهم حافلاً بالإنجازات، لكنهم لم ينجحوا في تحقيق نتائج إيجابية وتطوير مستوى اللاعبين بشكل عام، وجاءت نتائج منتخبنا علقمية وغير مرضية وعلى عكس التوقعات، ووصلنا إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن أن نتطور ما دمنا نسير بهذه الخطوات العشوائية، وهذا الفشل في نظر خبراء اللعبة له أسبابه الكثيرة التي ساهمت أنديتنا في تواجده من خلال العمل العشوائي والذي لا يمت للاحتراف بصلة، لذلك لابد من تسليط الضوء على أهم أسباب سوء النتائج ويأتي في مقدمتها:
الصناعة الخاطئة
مشكلة تراجع نتائج منتخبات السلة تأتي انعكاساً لما يحصل من فوضى فنية في أنديتنا بشكل عام ومن دون استثناء، فعملية بناء اللاعب ما زالت عرجاء ولا تعتمد على أسس علمية، وهي لا تلبي الطموح، ولا تتناسب مع التطور الحاصل باللعبة بشكل عام، والعمل في الفئات العمرية لدى هذه الأندية بهذه الطريقة الفوضوية لا يبشر بالخير، لكون المشرفين على هذه الفرق هم من المدربين الشباب الذين أنهوا حياتهم الرياضية كلاعبين ضمن أنديتهم، وتكريماً لهم ولولائهم للنادي يتم تكليفهم بقيادة هذه الفرق، وهؤلاء المدربون غير مؤهلين فنياً وتدريبياً لقيادة هذه الفرق، وإكسابها أبجديات اللعبة الصحيحة، وهم لم يتبعوا دورات تدريبية عالية المستوى تؤهلهم للعمل مع هذه الفئات بطريقة علمية سليمة، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على اللاعب الصغير الذي يكتسب مهارات فنية خاطئة وغير صحيحة فيصل لمرحلة متقدمة من العمر الفني وهو لا يعرف أبجديات كرة السلة الصحيحة، وبالتالي يؤثر ذلك في صناعته كلاعب جيد ممكن أن يكون ضمن صفوف المنتخب في المستقبل.
وقد بدا هذا واضحاً في أثناء لقاءات منتخبنا مع منتخبات لبنان وإيران والصين، فالبون شاسع من حيث المستوى الفني والمهاري بين لاعبينا ولاعبي هذه المنتخبات، لذلك لابد من إعادة النظر بمدربي فرق القواعد، والعمل على تأهيلهم بدورات تدريبية عالية المستوى، وألا يسمح لأي مدرب بتولي قيادة أي فريق دون أن يكون متمكناً وقادراً على التطوير.
منتخب الأزمة
لنعترف بأن اتحاد السلة السابق أخطأ منذ بداية الأزمة التي مرت بالبلاد، ولم يقم بإعداد منتخب للمستقبل، ولو كان بدايته مع لاعبين من أعمار عشر سنوات، ووفر لهم كل الأجواء التدريبية المريحة والمثالية، لكان حالياً يحصد ثماراً يانعة ولديه منتخب قوي ومنافس، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، واتحاد السلة الحالي أمام فرصة جديدة ليثبت مدى قدرته على إعداد منتخب من أعمار صغيرة، والتعاقد مع مدرب أجنبي من مستوى عال، ومنحه كامل الصلاحية لينتقي ما يراه مناسباً من لاعبين، ولابد من الصبر على هذا المنتخب لكونه اللبنة الأساسية لتطوير مستوى سلتنا ومنتخباتها ولابد حينها أن تكون ثمار عمله يانعة ومثمرة، وغير ذلك ستبقى منتخباتنا الوطنية صيداً سهلاً لجميع المنتخبات من دون أن نحقق أي نقلة نوعية على صعيد النتائج الرقمية على أقل تقدير.
تطوير المستوى
تطوير المستوى الفني لا يأتي في يوم وليلة، وإنما هو بحاجة إلى عمل وخطط وتنفيذ تصحيح على أرض الواقع، وعلى اتحاد كرة السلة أن يقرر في مؤتمره السنوي المقبل إمكانية تخفيض عدد أندية الدرجة الأولى إلى ثمانية، وهذا من شأنه أن يرفع مستوى جميع الأندية، ويعمل على إلغاء المباريات الطابقية، وبالتالي سيرتفع المستوى الفني للاعبين، وستسعى الأندية إلى تقديم أفضل ما لديها من أجل البقاء ضمن دائرة المنافسة، ولا ضير من إعادة النظر بموضوع حضور اللاعب الأجنبي ضمن دورينا الموسم القادم بشكل واعتماده بشكل دائم، لما له من فائدة فنية كبيرة على مستوى لاعبينا الوطنيين، إضافة إلى أن حضوره يعطي الدوري نكهة تنافسية قوية، وتكون المباريات مفعمة بالإثارة والندية، كل هذا التطوير بمفاصل اللعبة من الطبيعي أن ينصب في بوتقة المنتخب الوطني.