قضايا وآراء

48 ساعة تهزُّ الكيان الإسرائيلي

| تحسين حلبي

لا بد أن يجد الكيان الإسرائيلي نفسه بعد الجولة الأخيرة من عمليات المقاومة في الداخل وعبر الخارج في وضع أسوأ مما كان عليه قبل أسابيع وهذا ما يؤكده عدد من المحللين العسكريين في تعليقاتهم على الأداء المتراجع لجيش الاحتلال في الرد على عمليات المقاومة، ففي صحيفة «معاريف» العبرية كتب ميخال كادوش في 8 نيسان 2023 أن «أعداء إسرائيل بدؤوا يزدادون جرأة في استهدافها وهي بدت في حالة جمود، بين رد ضعيف وخوف من تصعيد يفرض عليها حرباً على جبهات متعددة»، ولا شك أن هذا الاضطراب الذي وجدت حكومة الكيان نفسها فيه كان من بين الأسباب التي دعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء المصغر للشؤون الأمنية، علماً أن آخر اجتماع عقده هذا المجلس جرى قبل أكثر من شهرين، وظهر لقيادة جيش الاحتلال والمخابرات التابعة له أن القصف الذي انطلق من مناطق قرب جنوب لبنان يحمل رسالة يمكن استخلاصها من عدد الصواريخ التي جرى إطلاقها على مستوطنات الشمال فقد بلغت 34 صاروخاً بموجب ما ذكرته المصادر العسكرية الإسرائيلية، وهذا العدد هو العدد ذاته للأيام التي تعرضت مستوطنات الشمال فيها لقصف لم يتوقف طوال تلك الأيام في حرب تموز 2006. وتشير صحيفة معاريف في التاسع من نيسان الجاري إلى أن «90 بالمئة من الإسرائيليين الذين قرروا قضاء عطلة أيام عيد الفصح في الشمال قاموا بعد هذا القصف بإلغاء سفرهم والبقاء في مستوطناتهم وهذا ما تسبب بضربة اقتصادية قاسية للمرافق السياحية والفندقية في مناطق الشمال»، وتبين أن عمليات المقاومة المتعددة الأشكال التي جرت خلال 48 ساعة أو أكثر في مناطق داخل الكيان وعبر حدوده من جنوب لبنان وقطاع غزة ومنطقة الأغوار في الشرق واتساع مظاهر التوتر في المسجد الأقصى، جعلت الخوف والهلع يسودان في أوساط الإسرائيليين الذين سارعوا خلالها إلى الاهتمام بالاستماع لنشرات الأخبار وتلقي التعليمات استعداداً للتوجه إلى الغرف المحصنة والملاجئ الجماعية، وبالمقابل يعترف ميخائيل ميليشتاين من «مركز أبحاث رايخمان» الشريك لـ«مركز هيرتسيليا للدراسات الأمنية» بأن إسرائيل تجد نفسها منذ فترة طويلة محاصرة بجبهات معادية متعددة في الداخل ومن الخارج ولم تتمكن حتى الآن من تخفيض عدد هذه الجبهات أو التخلص منها أو تفتيت وحدتها، ويطالب باستعادة قدرة الردع التي فقد الجيش جزءاً كبيراً منها منذ عام 2006.

وفي كل تاريخه لم يشهد الكيان الإسرائيلي مثل هذا الوضع الذي تفرضه عليه أطراف المقاومة خلال العقود الأربعة الماضية وتفتت بفضله قدرته على التخلص منها ومن تزايد قدراتها سنة تلو أخرى وتجبر المستوطنين فيه على التفكير بمستقبلهم بعيداً عن استمرار وجودهم فيه إلى حد جعل ميليشتاين يعترف أن المستوطنين لا يشعرون بالأمن الشخصي لهم حتى في داخل المدن والمستوطنات ولا يضمنون عدم إلحاق الضرر الجسدي بهم من أي فلسطيني في مدينة القدس أو بقية المدن داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 وأصبحوا هم وأفراد الجيش يتعرضون إلى استهداف متعدد الأشكال يستخدم الفلسطينيون فيه الحجارة والسيارات والمسدسات والسكاكين والبنادق الأتوماتيكية في مناسبات كثيرة حتى في الأعياد. وفي النهاية سيجد هؤلاء أنهم من دون جميع يهود العالم هم وحدهم الذين يتعرضون لهذه الأخطار وهم وحدهم الذين يدفعون ثمنها في كيان لم تستطع حتى الولايات المتحدة والغرب كله حمايتهم من هذه الأخطار، ولا شك أن هذه النتيجة التي تظهر بوضوح أمام قوات الاحتلال والمستوطنين تعد أول مقدمات الهزيمة المحتومة لهذا الكيان ومشروعه الصهيوني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن