ثقافة وفن

فنون الطعام وأنواعه في رمضان … ميدان للإكثار من الأنواع وحرمان النهار سبب!

| أنس تللو

إن كلمة رمضان مشتقة من الفعل (رمض)، والفعل رمضَ يعني أن النفس ترمض الجسم عن بعض عاداته، فتمنعه من ممارسة بعضها مثل الغيبة والنميمة، وتخفف من تعاطي بعضها مثل كثرة الطعام والوصول إلى التخمة، إلا أنه من الملاحظ تماماً أن الجسد كثيرا ما يتغلب على النفس ولاسيما في موضوع الطعام.

تخفف أو تخمة!

إذ على الرغم من أن شهر رمضان هو شهر التخفف من الطعام، إلا أن الأمور تجري على عكس ذلك، فترى الصائمين يتعاملون مع رمضان وكأنه هو شهر الطعام لا شهرَ الصيام، فقد تفننوا في إعداد أطيب المأكولات للمائدة الرمضانية، وسعوا إلى تنظيمها ضمن إطار بديع، يراعي الناحية الصحية، إذ ينبغي التدرج في تناول الطعام بعد الجوع الطويل، وذلك حرصاً على راحة المعدة؛ فكانت هناك في البداية مشروبات ثم مقبلات ووجبات ثانوية، وبعد ذلك تأتي الوجبة الرئيسية.

أَما المشروبات الأساسية في المائدة الرمضانية؛ فتكون إِما مشروب القمر الدين والزبيب، أو مشروب التمر بالحليب، وهناك الشراب الأسود أي السوس، والشراب البني أي التمر هندي…

بعد ذلك هناك المقبلات، وهي إما فتة الحمص بالسمنة أو بزيت الفقس، أو الحِمَّص بالزيت أو السمنة، والفول بالزيت، وهناك المتبّل والحمص الحب والمسبّحة والبابا غنوج والفول، ولابد من وجود السلطة أو الفتوش، والسلطة لها أنواع.

لوازم رمضان

سلطة الأرضي شوكي وسلطة المايونيز، والسلطة الخضراء، وسلطة اللبن، والتبولة…

ومن ضمن المقبلات أيضاً أنواع الشوربات؛ مثل شوربة العدس أو الجزر أو الفطر أو الدجاج أو شوربة الحمص وشوربة البصل، وهناك شوربة الكشك وشوربة الخضروات. وقد يُضاف إلى الشوربة حبات صغيرة من الكبّة المقلية، أو الكبة النية مع زيت الزيتون، أو برك الجبن المقلية، وقد يُستعاض عن ذلك بالبطاطا المقلية.

بعد ذلك هناك الوجبة الثانوية، وأنواعها عديدة جداً، فتكون إما كبة مشوية ومقلية أو فول مقلّى بالزيت والكزبرة والثوم، وهناك اليالانجي والفاصوليا الخضراء المقلية بالزيت والثوم والمعكرونة…

وقد تكون الوجبة الثانوية هي فتة المكدوس، وهذه الفتة يتم إعدادها عبر قلي حبات الباذنجان الصغيرة، ثم وضعها في إناء يحتوي على الخبز المقلي وخلطة اللبن والطحينة ودبس الرمان والبصل المقلي، ثم يوضع فوقها الصنوبر واللحمة الناعمة المتبّلة، وهناك من يستعيض عن ذلك بأن يحشو حبات الباذنجان باللحمة بدلاً من وضعها فوقها.

خصوصية المكان

وإذا كان الصائم من ميسوري الحال فقد يجعل وجبته الثانوية الصفيحة الشامية أو اللحمة بعجين.

وأما الوجبة الرئيسية فهي الوجبة الأغنى على هذه المائدة الغنية، وأنواعها عديدة جداً، فقد تكون البامية أو ملوخية أو وعيشه خانم، وقد تكون كوسة محشي بالأرز واللحم والدهنة، أو كبة لبنية، أو أوزي أو شيخ المحشي، (وهو حبات من الكوسا تُحشى باللحم والصنوبر (إن توفر) وتُقلى ثم تُطبخ باللبن، أو الشيش برك، أو البسمشكات أو الشاكرية (اللحمة المطبوخة باللبن)، أو اليبرق، وهو ورق عنب محشي بالأرز واللحمة، ويطبخ مع شرحات اللحم والتي يسمونها في هذه الأكلة بـ(الفرشة)، ويتخلله قطع من ليِّة الخروف.

لازمة رمضان الحلوى

وبالطبع لا يمكن لمثل هذه المائدة الرمضانية أن تخلو من نوع أو أكثر من الحلويات الرمضانية المتنوعة، وذلك إما حلويات يتم صنعها في المنزل مثل قطايف العصافيري، والمهلبية، وكشك الأمراء، والرز بحليب، والمعمول والمربيات بأنواعها… أو البَسْبُوسَة التي تُصنع من السميد وجوز الهند والقرفة واللبن؛ ويضاف إليها القَطْر… أو حلويات يتم شراؤها من السوق مثل بلح الشام والبقلاوة والكنافة والبلورية وأصابع الست وكول وشكور والمدلوقة ووربات القشطة.

هذه هي المائدة الرمضانية التي تعبّر بوضوح عن المثل الشعبي القائل: (إن فلان يأكل على كل ضرس لون).

إن التخفف من الطعام في شهر رمضان يفترض أن يؤدي إلى إنقاص وجبة من الوجبات اليومية الثلاث، فتصبح اثنتين؛ إلا أن مائدة الإفطار هذه تعادل وحدها أكثر من ثلاث وجبات، فتكون مع وجبة السحور أربع وجبات في اليوم.

هناك فوائد عديدة يمكن أن يجنبها المرء في رمضان، لكنه غدا شهر المائدة لا شهر الفائدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن