ثقافة وفن

حُلْمٌ على جـــــنبات الشــــام أم عيــــدُ؟ …..لا الهمُّ همٌّ ولا التســهيد تسهيدُ … انتفض الشهداء.. غادر المحتل

| إسماعيل مروة

الزمان والمكان

في مثل هذا الصباح حين أشرقت شمس الوطن
تحقق جلاء المستعمر الفرنسي قبل أن يبدأ
هُزم غورو على أسوار دمشق
انتصر دم يوسف العظمة الذي بقي طازجاً
ربع قرن والدم ينفر من ميسلون
شهد الذين كانوا:
كان الجسد ليوسف العظمة
والنار طالته في صدره
استقبل الموت والشهادة مترقباً
مقبلاً
شجاعاً
أدرك العظمة أن شهادته تحرير
علم المقاتل الكبير بخبرته أن دمه حبر الكتابة
بدمه الطاهر المقدس ستغمس ريشة الإباء
سيُكتب الحرف الأول من الجلاء
وكان ذلك
من أرض ميسلون وشجرها وسَرْوها
من دم الشهيد بدأت سلسلة الثورة
لم تهدأ الأرض تحت غورو
لم تسعفه رجله المرتفعة فوق الأرض
لم يُجدِ تحديه لصلاح الدين في قبره
قالوا بأن غورو قال: ها قد عدنا يا صلاح الدين!
ثقوا بأنه لم يفعل
ثقوا بأن الحادثة ليست كما تروى
كان غورو أجبن من أن يخاطب صلاح الدين
كان يعلم بأن الأمر أكبر من ذلك
فوق طاقته.. فوق قدرته
أشاع ما أشاع من الخبر بين الناس
ليبدو نداً
ليظهر بطلاً
ولو أنه يقارع رجلاً تحت الرخام

الحادثة

لم يبقَ جندي فرنسي في أرضنا
غادر الفرنسي بكل طغيانه
أخذ معه كل مرتزقته الذين كانوا قساة
لم يبقَ منهم أحد
وجلس الوطنيون يعدّون العدّة
إنه احتفاء واحتفال
زغرودة أم استشهد ابنها في مقارعة المحتل
أهزوجة ابنة لأبيها الذي استشهد في ميسلون
أغنية امرأة نذرت زوجها وما في بطنها لسورية
حملت زوّادتها
كانت بكل نطاق وكل شكل
توجهت إلى ميسلون لتفرد زوادتها
في ظلال القبر المنتفض قدّمت طعام الأرض
كان طاهراً بدم الشهيد
ملوناً برايات ثورات سورية ضد المحتل
من الشيخ صالح إلى هنانو إلى الأشمر إلى مريود
حمل الراية سلطان باشا
زرعها في ميسلون
زرعها في كل مكان من أماكن الوطن
أعطاها عمره وحياته كما يحب
أعطاها وأعطته
وعلى بارودة وحصان كانت منارات الثورة.

المجريات

محتل في الساحل وثورة الشيخ صالح
غورو إلى دمشق والعظمة يواجهه
شهداء.. دماء.. رايات للوطن القادم
دمشق تشتعل
الغوطة تثور
القنيطرة تبدأ حركتها
جبل العرب عصيّ على الطغيان
من المسيفرة إلى القريّا
لا يهنأ المحتل على أرض سورية
عشرة آلاف سنة.. أكثر من ذلك
أقل من ذلك
لكنها أرض التاريخ
وعلى باب برلمانها كانت المذبحة
استشهد حماة الوطن
دوّنت أسماؤهم منارات
و(سيدي عامود) أرقى أحياء دمشق يحترق
بيت نظام.. بيت القوتلي.. بيت السباعي
كل البيوت تحترق
حتى الظلم والعدوان يخلّده أهل دمشق
فصارت الحريقة علامة للوطنيين
وخرجت القمصان الحديدية
وحوصرت قلعة دمشق
لكنه وفي مثل هذا اليوم ارتقى الشهداء من جديد
كانوا على أسرّة من وطن
استقلال.. جلاء.. لا يهم
خرج الشهداء ليشاركوا العرض العسكري
ليباركوا الجلاء والعيد
ولتبدأ سورية ورحلة الاستقلال
أول بلد عربي مع لبنان عرف الحرية..

الخاتمة

لم يقدر غورو ولا سراي
لم يستطع المرتزقة أن يفعلوا شيئاً
وتراب سورية كان عصياً
لم يكونوا مجرد ثوار عاديين
كانوا قيمة وعلماً..
من شاعرية الشيخ صالح.. إلى حقوقية هنانو
إلى شاعرية الزركلي.. إلى سياسة القوتلي
إلى طب الشهبندر.. إلى سياسة الجابري
وقبلهم جميعاً كانت فروسية العظمة وخبرته
كانوا قادة ويحملون قيمة
كانوا ثواراً ويحملون فكراً ورسالة
كلهم رجال الوطن والاستقلال
الأتاسي والقدسي وجميع الثوار
من أقصى الشرق إلى الشمال والغرب
إلى الوسط والقلب والجنوب
جمع المحتل أشلاء خيبته وغادر
وجلس الوطنيون لرسم الغد
واجتمع الشعراء للغناء للدولة الوطنية
أربعمئة عام والدولة الوطنية تغيب
ليس مهماً الاسم، فلا اسم للمفاصل التاريخية
ليس مهماً التاريخ بالدقيقة فولادة النيازك أعجوبة..
وعلى بردى كانت شهادة الميلاد
وكان الاستقلال
كان الجلاء
وولدت سوريتنا
في مثل هذا اليوم.. بدأت مسيرة الدولة الوطنية
لن تتأثر بكل ما يعترضها
وستبقى تحمل راية ذلك اليوم.

قالوا في الجلاء

الجلاء لشفيق جبري

حُلْمٌ على جـــــنبات الشــــام أم عيــــدُ؟
لا الهمُّ همٌّ ولا التســهيد تسهيدُ
أتكـــــــــذب العينُ والرايـــــاتُ خافــــقةٌ
أم تكذب الأذنُ والدنيـــا أغاريــــد؟
ويـــــــلَ النماريـــــــد لا حــــــسٌّ ولا نبأٌ
ألا ترى ما غدتْ تـــلك النماريــــد؟
كأنَّ كلَّ فـــــــؤاد في جـــــــــلائهــــــمُ
نشوانُ قد لعبتْ فيه العناقيــــــــد
ملءُ العيون دمـــــــــــوعٌ من هــــناءتها
فالدمعُ دُرٌّ على الخدّين منضــــــود
لو جاء «داودُ» والنُّعــــمى تُضاحــــــكنا
لهنّأ الشامَ في المـــــــــزمار داود
على النواقيـــــس أنغــــــامٌ مســــبّحةٌ
وفي المآذن تســــــــــبيحٌ وتحميد
لو يُنشد الدهــــــرُ في أفـــــراحنا ملأتْ
جوانبَ الدهر في البشرى الأناشيد
هـــــــذي بقايـــــــاكِ يا «حِطّينُ» بدّدها
للّه ظلٌّ بأرض الشـــــــام ممدود
ليت العـــــــــــيونَ «صلاحَ الدين» ناظرةٌ
إلى العدوّ الذي ترمي به البيـــــد
اضربْ بعينكَ، هــــــــــــل تلقى له أثراً؟
كأنه شــــــــبحٌ في الليل مطرود
ظنَّ اجتياحَكَ مأموناً فشـــــــــــــــــرّدهُ
حدُّ السيوف وللأســــــياف تشريد
لم يبقَ غُـــــلٌّ على ربــــع تُظـــــــــلّلهُ
تشقى به اليدُ أو يشقى به الجِيد

عروس المجد لعمر أبو ريشة

وأرقناها دماء حرة فاغرفي
ما شئت منها واشربي
وامسحي دمع اليتامى وابسمي
والمسي جرح الحزانى واطربي
نحن من ضعف بنينا قوة
لم تلن للمارد الملتهب
كم لنا من ميسلون نفضت
عن جناحيها غبار التعب
كم نبت أسيافنا في ملعب
وكبت أفراسنا في ملعب
من نضال عاثر مصطخب
لنضال عاثر مصطخب
شرف الوثبة أن ترضي العلا
غلب الواثبُ أم لم يغلب

الجلاء لبدوي الجبل

ألزغاريد فقد جنّ الإباء
من صفات الله هذي الكبرياء
بنت مروان اصطفاها ربّها
لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
كلّ حسن بدعة مفردة ليس
بين الحسن والحسن إخاء
الورود الحمر ذكرى وهوى
وطيوف من جراح الشّهداء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا
إنّ عطر الشام من عطر السماء
كلّما هبّت صبا من (دمّر)
رنّح الجنّة طيب وغناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم
يغفر الله لقومي الخيلاء
واعذروا عَدْناً على غيرتها
إنّها والشام في الحسن سواء
انتزعنا الملك من غاصبيه
وكتبنا بالدم الغمر الجلاء
وسقانا كأسه مترعة
وسقيناه وفي الكأس امتلاء
شهداء الحق لا أبكيكم
جلت الغوطة عن ضعف البكاء

الجلاء لبدر الدين الحامد

بلَغتِ ثأرَكِ لا بغيٌ ولا ذامُ
يا دارُ ثغرُكِ منذ اليومِ بسَّامُ
ولّت مصيبَتُكِ الكبرى مُمَزّقةً
وأقلعتْ عن حِمى مروانَ آلامُ
لقد طويتِ سجوفَ الدّهرِ صابرةً
السّيفُ منصلتٌ والظّلمُ قوّامُ
على روابيكِ أنفاسٌ مطهَّرةٌ
وفي محانيكِ أشلاءٌ وأجسامُ
هذا الترابُ دمٌ بالدّمعِ ممتزجٌ
تهبُّ منه على الأجيالِ أنسامُ
لو تنطق الأرضُ قالت: إنني جدَثٌ
فيَّ الميامينُ آسادُ الحمى ناموا
ستٌّ وعشرونَ مرّت كلما فرغتْ
جامٌ من اليأسِ صِرفاً أترعَتْ جامُ
لولا اليقينُ ولولا اللهُ ما صبرتْ
على النّوائبِ في أحداثها الشّامُ
يومُ الجلاءِ هو الدنيا وزينتُها
لنا ابتهاجٌ وللباغين إرغامُ
وجهُ الغرابِ توارى وانطوى علَمٌ
للشّؤمِ مذْ خفقَتْ للعينِ أعلامُ
ياراقداً في روابي ميسلونَ أفِقْ
جلتْ فرنسا فما في الدّارِ هضَّامُ

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن