يحق لي بين الفينة والأخرى الهروب من مشكلات الناس و«وجع الرأس» والوسواس الخناس واللجوء للطبيعة والبساتين والغابات وغيرها، هي استراحة محارب كما يقولون.
لكن هذا الهروب يعيدني إلى نقطة البداية، أي إلى مشكلات الناس ووجع الرأس، فمشكلات الناس ليست خاصة بهم، لأنها بطبيعة الحال هي مشكلاتي اليومية.
لماذا لا أستطيع الهروب إلى الطبيعة والبساتين والغابات أو إلى البحر؟.
باختصار كل ذلك يحتاج إلى أمور عديدة تشكل بمجموعها مشكلات الناس، فإذا قررت القيام مع أسرتي بسيران في أحضان الطبيعة يلزم سيارتنا بنزين وبعض المواد الغذائية وفي مقدمتها اللحوم، فالسيران لا يكتمل من دون مشاوي وتوابعها من سلطات ومقبلات وسواه، وهذه الأمور تشكل «ثروة» صغيرة تكفينا مدة شهر إذا تم إلغاء السيران، فالمبلغ الذي نحتاجه في هذه الرحلة القصيرة يكفينا لمدة شهر إذا اقتصر طعامنا طوال هذا الشهر على الخبز الحاف وبعض الزيتون والفلافل وكفى!.
أما الرحلة إلى البحر فحدث ولا حرج، فهي تكلف الأسرة بقرة جحا، فإذا ذهبنا بسيارتنا الخاصة أو عبر المواصلات العامة نحتاج إلى أضعاف راتبنا التقاعدي، أضف على ذلك المصروفات خلال هذا الرحلة البحرية.
لنختزل كل هذه الأحلام الصغيرة ونقرر الابتعاد عن السيران والرحل لأنها هي بالأساس وجع الرأس بعينه، وبالتالي نبحث عن حلول بديلة من شأنها تغيير روتين حياتنا وتزيين أيامنا بما هو جميل، وإن كان غير حقيقي مئة بالمئة!.
فلماذا لا نسير على الأقدام كالرحالة ونقوم بالسيران فنمشي إلى عين الفيجة أو عين الخضراء على سبيل المثال، فمن جهة نغير الجو و«نفش خلقنا» وننفذ ما في رأسنا /أي السيران/ ومن جهة أخرى نكون قد مارسنا رياضة المشي التي نسمع أنها مفيدة جداً للصحة؟.
الأمر نفسه ينطبق على القيام برحلة إلى ساحلنا الجميل، يبقى علينا حساب المدة التي سيستغرقها مشوارنا، في الحالتين، فالسيران يحتاج إلى الانطلاق قبل أربع أو خمس ساعات، أما الرحلة إلى البحر فتحتاج للانطلاق قبل شهر تقريباً، فأين المشكلة؟.
لكن السؤال هو: هل من الضروري أن نقوم بسيران إلى الغوطتين الغربية والشرقية في دمشق وأماكن التنزه في باقي المحافظات؟ ولماذا هذا البذخ والإسراف أصلاً؟ أليس من الأفضل توفير أموالنا المنقولة وغير المنقولة للحصول على خبزنا كفاف يومنا؟.
راقت لي فكرة البدائل: فبدلاً من اللحوم بأنواعها نستخدم «اختراع» لحمة الصويا الموجود في الأسواق، وبدلاً من الفواكه نكتفي بالبطيخ صيفاً وبكميات قليلة تجنباً لمرض السكري، والبرتقال في الشتاء.
بدلاً من الحلويات التي تتسبب في الأمراض نستعمل القليل من الراحة والبسكويت، وإن كان مرض الغلاء طال كل شيء بما في ذلك الراحة-حلويات الفقراء- والبسكويت والحلاوة بأنواعها!
المهم أن تبحثوا عن البدائل في ظل غياب الأصل في كل شيء، والمشكلة أن غياب الأصل مرض لا دواء له!.
في النهاية وجدت نفسي في ورطة، فلم أبتعد عن مشكلات الناس ووجع الرأس، وكأنني محكوم بالمشكلات مثلي في ذلك مثل الأغلبية العظمى من السوريين المعترين والصابرين.