في الـ16 من آذار 2023، كان جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان قد أعلن في بيان له، أن طائرة مروحية، تحطمت بالقرب من قرية بيركيات بمحافظة دهوك، ومقتل جميع ركابها، مضيفاً إن «مسؤولي حكومة إقليم كردستان اتصلوا بالحكومة العراقية والحلفاء والحكومة التركية بشأن سقوط المروحية، لكنهم قالوا رداً على ذلك: إن المروحية ليست لهم»، مؤكداً أن «بعض الركاب الذين توفوا كانوا من مقاتلي حزب العمال الكردستاني». ما دفع ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» للتوضيح في بيان لها في الـ17 من آذار 2023، أنه «فـي إطار فعاليات وجهود مكافـحة خلايا داعـش، توجهت مجـموعـة مـن وحـدات مـكافـحة الإرهاب الـتابـعة لـقوّاتـنا إلى إقليم جـنوب كـردسـتان لـتبادل الـخبرات الأمنية والعسكرية»، وأنه «خـلال تـنقل الـوحـدة فـي طـریـقهم إلى مـدیـنة السـلیمانـیة فـي مـساء 15 آذار 2023، سـقطت حوامتان كـانـت تقلاهم نتيجة لـظروف الـطقس السيئ، وأدى ذلـك إلى استشهاد تـسعة مـن مـقاتـلینا بقيادة قـائـد قـوات مـكافـحة الإرهاب شـرفـان كوباني».
وفي الوقت الذي تجاهلت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن الحدث، مبررة أنه يقع «خارج نطاق عمليات التحالف»! اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني «طرفاً في السليمانية»، بأنه «مهَّد بشكل سري وغير رسمي للعلاقات بين قوات «قسد» وحزب العمال الكردستاني وساعد في ذلك بالعديد من الطرق المختلفة»، مؤكداً أن «المروحيات تهبط في عدد من قواعد محافظة السليمانية وتقلع باتجاه إقليم كردستان سورية»! متسائلاً: «من يتحمل مسؤولية هذا العمل غير المشروع»؟
في الخامس من نيسان 2023، أعلنت وزارة الخارجية التركية، أنه «تم إغلاق المجال الجوي التركي، أمام الطائرات التي ستستخدم مطار السليمانية الدولي في العراق، للهبوط والإقلاع، اعتباراً من 3 نيسان الحالي»، حتى 3 تموز 2023، مبينة أن القرار جاء «في إطار تكثيف أنشطة تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي في السليمانية»، وتغلغله في المطار.
وفي السابع من نيسان الجاري، حاولت طائرة تركية مسيرة اغتيال فرهاد عبدي شاهين المعروف باسم مظلوم عبدي، قائد ميليشيات «قسد» في مطار السليمانية الدولي، ما صعد من حدة ومستوى الاتهامات المتبادلة ما بين الحزبين الكرديين المتصارعين الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني.
المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، اعتبر استهداف المطار «مؤامرة مخابراتية وجاسوسية معدة مسبقاً من قبل أطراف خارجية وداخلية، شأنها شأن إدخال جيش المحتل إلى داخل أراضي إقليم كردستان»، مشيراً إلى أن «أقلية فرضت نفسها داخل الحزب الديمقراطي، والتي لها علاقات سرية وخاصة، أصبحت مرشد الأعداء وتستخدم المؤسسات الحكومية للعمل الاستخباراتي للدول الأخرى ولتقويض أمن إقليم كردستان ومحافظة السليمانية».
بالمقابل، اعتبر جوتيار عادل المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان في بيان له أن «السلوك الاستبدادي لحزب فرض نفسه في حدود السليمانية تسبب بإغلاق المجال الجوي لتركيا أمام مطار السليمانية ومن ثم مهاجمته».
ما دفع نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد الطالباني إلى إصدار بيان أوضح فيه أن «جوتيار عادل ليس متحدثاً باسم حكومة الإقليم، بل هو يمثل حزباً داخل الحكومة ولا يحق له أبداً التحدث باسم الحكومة وندين بيانه الأخير»، ما تطلب رداً من جوتيار عادل، معتبراً أن «الجهة السياسية التي يمثلها قوباد طالباني تعرقل عمل الحكومة ومؤسساتها وجعلت الحكومة في السليمانية تحت سيطرة أجندة حزبه»، وأن قوباد تنصل «من المسؤولية ولا يلتزم بدوامه كنائب لرئيس الحكومة، لذلك فقوباد نائب فضائي لرئيس الوزراء ولا يحق له الحديث عن الحكومة والقرار على المتحدث باسم الحكومة».
التحالف بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل الطالباني وميليشيات «قسد» لم يَعُد خَفيّاً، وهو وإن كان يستند ظاهرياً إلى شعار «وحدة كردستان في سورية والعراق»، إلا أنه في الحقيقة تحالف ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني، تعزز حين زار بافل الطالباني محافظة الحسكة في الـ21 من كانون الثاني 2023، برفقة قائد قوات التحالف الدولي ماثيو ماكفرلين، والاجتماع بقيادات ميليشيات «قسد» من بوابة تطوير الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب! بينها التدرب على قيادة الطائرات المروحية!
تركيا أرادت من محاولتها اغتيال مظلوم عبدي، تسجيل انتصار لمصلحة حملة أردوغان الانتخابية، إلا أن جلوس عبدي في سيارة واحدة إلى جانب ضباط أميركيين في الطريق إلى مطار السليمانية، حال دون ذلك، باستهداف مكان خال قرب سور المطار، في رسالة تركية واضحة إلى أننا كنا قادرين على قتلك لولا وجودك بين مشغليك.
ومن بوابة مكافحة الإرهاب! تتمدد أنشطة ميليشيات «قسد» خارج الجغرافيا السورية باتجاه الداخل العراقي، لتزيد من حالة التوتر والاحتقان بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، حيث بات كل منهما يتهم الآخر بالخيانة والتبعية والعمالة للخارج، ما ينذر باندلاع اضطرابات أمنية وسياسية في الإقليم الكردي.