بداية هزيمة حروب التدخل الأميركية عن طريق الوكلاء
| تحسين الحلبي
يكشف الموقع الإلكتروني الأميركي (معلومات عن الحرب الأميركية في فيتنام)- (ذي فيتنام وور- أيغفو) أن أكثر الحروب الأميركية التي كلفت دافع الضرائب الأميركي مبالغ ضخمة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت الحرب الأميركية على فيتنام (1964-1975) ويعرض الموقع أن الولايات المتحدة أنفقت 950 مليار دولار بحسب قيمة الدولار في عام 2011 وأنفقت على شكل تعويضات مالية ورواتب تقاعد للمحاربين ما بين 350 ملياراً إلى 900 مليار دولار وقتل فيها 60 ألفاً من الجنود الأميركيين وأصيب 154 ألفاً بجراح 25 ألفاً منهم معاقون بنسبة 100% وانتحر من الجنود الأحياء ما بين 70 ألفاً إلى 300 ألف وعانى من صدمات نفسية 700 ألف من الجنود وبلغ عدد الجنود الذي جرى نقلهم للحرب في فيتنام 2.5 مليون خلال كل سنوات الحرب. وذكرت (صحيفة واشنطن بوست) أن الحرب الأميركية على العراق كلفت 3 تريليونات دولار تقريباً ومئات المليارات لدافعي الضرائب الأميركيين.
وبالمقابل تكشف معظم الصحف الأميركية أن حروب واشنطن في اليمن وفي سورية والعراق في السنوات الخمس الماضية لم تكلف دافع الضرائب الأميركي أي قيمة تذكر لأن واشنطن سخرت ووظفت أموال دول النفط العربية المتحالفة معها لهذه الحروب ونفقاتها وتؤكد (وكالة الأبحاث العسكرية السويدية) الرسمية في دراسة نشرتها في موقعها لإلكتروني أن السعودية وقطر بشكل خاص ورئيس يزودان بالأموال جميع نفقات المجموعات المسلحة العاملة في العراق وسورية بما في ذلك الراتب الشهري وثمن الأسلحة والمعدات والعربات القتالية وأموال الطعام والنفقات الأخرى. وأن هذا الدور هو الذي يحول دون اعتراض الجمهور الأميركي على التدخل في سورية والعراق واليمن لأن هذه النفقات بعشرات المليارات من الدولارات ليست من الخزينة الأميركية ويكشف موقع الكونغرس الأميركي الإلكتروني أن واشنطن تستعيد ثمن كل صاروخ (توماهوك) بحري تطلقه من البحر وهذا ما فعلته حين جرى الهجوم الجوي والبحري الأميركي- البريطاني الفرنسي الإيطالي على ليبيا.
والمعروف أن وزارة الدفاع الأميركية تقوم منذ عام 2002 بشن غارات جوية من طائرات بلا طيار فوق الأراضي اليمنية بحجة ضرب مجموعات القاعدة ولا تهتم بما يكلفه الصاروخ الأميركي لأنها تحصل على ثمنه من السعودية التي أصبحت بعد حربها على اليمن في آذار الماضي من أهم أسواق شراء السلاح والذخائر الأميركية.
وتعترف الصحف الأميركية أن حروب التدخل الأميركية وتوظيف أموال الحلفاء المحليين ولدت أكثر أشكال التدمير والقتل والخراب في العراق وسورية واليمن دون أن تدفع الخزينة الأميركية أي نفقات مالية. ولو كانت الدول المحيطة بفيتنام مثل كمبوديا وفيتنام الجنوبية ولاووس تملك مصادر ثروة نفطية لاستمرت حرب واشنطن على فيتنام عشرين سنة بدلاً من عشر سنوات؟! فواشنطن عملت على تجنيد القوى البشرية في الدول المجاورة لفيتنام ضد (هانوي) بينما تسعى واشنطن الآن في حروب التدخل العسكري في منطقة الشرق الأوسط إلى توظيف الإسلاميين المتشددين كقوة بشرية ضد سورية والعراق واليمن وإلى تسخير أموال السعودية وقطر لدفع عشرات المليارات لتدمير هذه الدول خدمة للمصالح الأميركية ولذلك يؤكد (مايك ويتني) في تحليل سياسي نشره في الموقع الإلكتروني (أونزريفيو) أن صمود سورية وانتقال الجيش الروسي بسلاحه الجوي ومعداته الحربية إلى إسناد الجيش السوري ضد المجموعات الإرهابية بدأ يفرض على واشنطن وحلفائها شروطاً لم تكن تقبل فيها قبل هذا الدور العسكري الروسي.
فقد فرضت موسكو ودمشق وطهران على واشنطن مناقشة محاربة الإرهاب في مجلس الأمن وتبني قرارات تحقق المكاسب الإيجابية لسورية في حربها ضد الإرهاب.
كما فرضت هذه العواصم على واشنطن الموافقة على الدعوة لإيقاف النار من المجموعات المسلحة وعلى إعلان جون كيري وزير الخارجية الأميركية أن واشنطن (لم تعد تسعى لتغيير النظام في سورية) ولم يعد لواشنطن سوى المراهنة في عدائها ضد الحكومة السورية على المناورات الرخيصة التي تخالف نصوص قرار (2254).. وهذا يعني أن واشنطن بدأت تخسر حروب تدخل أميركية في المنطقة رغم أنها لا تكلفها دولاراً واحداً أميركيا بل تستنزف أموال نفط حلفائها العرب علماً أن هذه الأموال بدأت تتناقص قيمتها بعد انخفاض أسعار برميل النفط إلى 50% ومن المتوقع أن ينخفض سعر برميل النفط خلال عام 2016 إلى 20 دولاراً فتفقد السعودية وقطر 80% من أموالها النفطية؟!