في الطريق نحو جنيف..
| باسمة حامد
رغم التشكيك بمواقف الحكومة السورية واستعدادها لوقف المعارك في بعض الجبهات كبادرة حسن نية.. إلا أن الإعلان عن موعد جولة المفاوضات المرتقبة في جنيف أواخر الشهر القادم يعكس الاهتمام الدولي بتحريك العملية السياسية في سورية.
وسرّ هذا الاهتمام يكمن في سقوط اللعبة «الديمقراطية» واصطدامها بالصمود السوري أولاً، وصدمة العالم بالصعود المفاجئ لتنظيم «داعش» العام2013 ثانياً.. والحال أن أبرز عناوين تلك اللعبة: «النظام المستبد والمعارضة المعتدلة» انحرف إلى اتجاه آخر تماماً بحيث تحول الحل السياسي إلى حاجة دولية ماسة ستفرض على الجميع في النهاية القبول بالأمر الواقع لمواجهة تداعيات العبث الأميركي الغربي في «خط الزلازل» بالشرق الأوسط.
لكن احتواء تلك التداعيات سيتطلب من محور واشنطن التراجع خطوات إضافية لملاقاة موسكو وبكين في التسوية المنشودة، فهل بدأ هذا المسار فعلاً؟!
السؤال يطرح نفسه بقوة في ضوء المعطيات التالية:
1- وجود تفاهم روسي أميركي حول أمرين أساسيين:تحديد قوائم التنظيمات الإرهابية، واعتبار الرئيس الأسد «شريكاً في الحرب على الإرهاب»، فوفق تأكيد صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تقوم إدارة أوباما حالياً بإيصال الرسائل إلى الرئيس السوري عن طريق المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا بارو: «التي تتحدث مع المندوب السوري بشار الجعفري»!!
2- إشارة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى تطور المواقف الغربية وتأكيده وجود اتفاق روسي غربي في فيينا ونيويورك لضرورة «إحياء جنيف».
3- تقدم الصين إلى الواجهة بمبادرة تشدد على:»دعم جهود الحل السياسي للأزمة ومواجهة تداعياتها الإنسانية بالارتباط مع مكافحة الإرهاب.. وأن إرادة الشعب السوري وعزيمته هي الفيصل لأنه وحده له الحق في تقرير مستقبل بلاده».
4- تقلص مساحة الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» في سورية والعراق بشكل كبير خلال العام الجاري، فحسب تقرير بريطاني أصدره معهد (IHS جين) ومقره في لندن:”انتهى به الأمر إلى أقل من 14% من المساحة التي كان يسيطر عليها في 2014».
5- انفتاح دمشق على المبادرات المبذولة لحل «الأزمة» واستعدادها للتفاوض في جنيف دون شروط مسبقة، وقيام الجيش العربي السوري بقطع الأذرع السعودية التركية القطرية في عمليات نوعية متتالية وسط غياب للإدانات الدولية الوازنة، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى البيان الصادر عن مكتب ديمستورا بعد يوم واحد من مقتل زهران علوش وجاء فيه: «لن يسمح للتطورات المستمرة على الأرض بتغيير عملية المفاوضات عن مسارها».
وفي الطريق نحو جنيف وربطاً بصورة المشهد الميداني والعسكري الراهن في سورية، يبرز المعطى الأهم وهو ضعف الدور السعودي، ففي خطوة عملية تؤكد سحب المهمة الأكثر صعوبة (توحيد المعارضة) من يد المملكة.. تم تكليف المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بتشكيل وفد المعارضة السورية وفقاً لقرار مجلس الأمن لإطلاق حوار سوري – سوري من المخطط أن يبدأ في 25 من الشهر القادم بجنيف.
وعلامات الضعف تلك تبدو أكثر وضوحاً في لبنان، فعلى خلفية هزائمه في سورية والعراق واليمن وبالتزامن مع الانتقادات الغربية لإيديولوجيته الوهابية المتطرفة وتضخيمه للخطر الإيراني، لم يعد للنظام السعودي أي طموح أكبر من الحفاظ على آخر أوراقه:(اتفاق الطائف)..
وعلى هذا الأساس اضُطر لتقديم تنازلات كبرى في هذا الملف فقبل بمرشح للرئاسة يُعد صديقاً شخصياً للرئيس الأسد (سليمان فرنجية)، واقترب من رئيس مجلس النواب اللبناني (نبيه بري) باعتباره:”نقطة التوازن والاعتدال في لبنان» وليس «رجل سورية القوي في لبنان» كما تصنفه وسائل الإعلام السعودية عادةً!!