ثقافة وفن

نعى نفسه قبل وفاته بعشرة أيام … محمد قنوع.. انطلق عبر «مرايا» وعائلته أورثته الفن وأسسته فنياً

| وائل العدس

لم تكتمل الفرحة، وفجعت الأوساط الفنية ثاني أيام عيد الفطر بوفاة النجم الشاب محمد قنوع الذي فارق الحياة متأثراً بنوبة قلبية عن عمر ناهز التسعة والأربعين عاماً.

بعد إعلان وفاته تجمهر زملاؤه وأفراد عائلته في المستشفى وهم مصدمون، وخلال مراسم التشييع أغلقت عدد من شوارع دمشق بالكامل بمشاركة آلاف المشيعين المحبين لفنه وأخلاقه الحسنة وتعامله الراقي، على حين غص جامع المزة الكبير بآلاف المصلين ولم يسنح المكان رغم مساحته الكبيرة للمشاركة في الصلاة لكثرة المحبين.

قبل أيام من وفاته عاد قنوع من السعودية بعد أدائه مناسك العمرة، والمفارقة أنه قبل وفاته بعشرة أيام نعى نفسه، عندما نشر شخصية «شومان» من مسلسل «العربجي» الذي قتل في أحداث المسلسل، فنشر صورة للشخصية وعليها شريطه سوداء ونعاه قائلاً: «وداعاً شومان».

ونعت ابنة الراحل، مايا قنوع والدها فكتبت: «لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإن القلب ليحزن والعين لتدمع.. ولا نقول إلا ما يرضي الرب، يا بابا يا بابا ما بدي اكتب وبحياتي ما توقعت نزل هاد البوست، الحكي ولا شي يا حبيبي ولا شي، ما بدي اتقبل وما بدي استوعب وما بدي صدق يا بابا ما بدي صدق، الحمد لله رب العالمين على كل شي.. بس صعب كتير يا بابا والله كتير صعب».

وأضافت: «عم نحكي كنا أنا وأنت إيمتى بدك تجي على مشروع تخرجي وكيف بدك تفوتني على عرسي وكتير كتير قصص صارت ناقصة يا بابا، يمكن أنا وأنت حطينا غنية «بنت أبويا» ورقصنا عليها متل مو متفقين نعمل هيك بعرسي، اللـه يرحمك يا حبيبي.. اللـه يرحمك يا سندي وضهري.. اللـه يرحمك يا رفيقي، يا بابا والله نكسرت كتير، رح ضل كل يوم استناك بالليل حتى تبعتلي «نايمة؟» وقلك لا وافتحلك الباب ونحط مسلسل أنا وأنت، رح ضل كل ما اطلع برا البيت استناك تجي تاخدني عالبيت ونتخانق عالطريق عالأغاني».

وختمت: «كل سنة بعيد ميلادي رح استناك تقلي يا فرحتي الأولى وقصص كتير كتير، لا حول ولا قوة إلا بالله، كل الدنيا عم تحكي عنك يا حبيبي وأديه أنت منيح، كلشي حكوه بس ما حدا بيعرف يا بابا.. ما حدا بيعرف شي.. كل الحكي والكتابة قليلة كتير.. كتير قليلة.. أنا بحبك أكتر وحدة بالدنيا يا حبيبي ورح استناك.. اللـه يرحمك يا كلشي بحياتي».

أما ابنته الأصغر ماسة قنوع فكشف أحد أسرار العائلة في رمضان وقالت: «كان أبي في رمضان ينافسني في ختم القرآن، كنت أتلوه أثناء غيابه عن البيت وحين يعود من العمل يتجسس على مصحفي فيجدني قد سبقته ويستغل بدوره انشغالي في المطبخ أثناء الإفطار لنتعادل مجدداً في الجزء والصفحة، كان يقول لي دوماً حبيبتي أريد أن نتنافس كي ندخل معاً إلى الجنة، وكنت أجيبه بعناق صامت «لن تحلو لي الجنة دونك، في الحقيقة لا يموت من نحبهم بسبب الوفاة، الوثيقة التي تؤكد ذلك مزورة لأن اللـه أحياهم بقلوبنا وهنا تكمن معجزة الحب الخالدة رحمك اللـه يا أبي يا قرة عيني».

وعادت وشكرت كل من شارك في العزاء وكتبتك: « شكراً جزيلاً.. شكراً دمشق، شكراً للمزة وأهلها، شكراً لكل غريب وقريب، شكراً لصلواتكم ودعائكم، لقد بلسمت مشاعركم جرحنا العميق في يومنا الأليم، وخففت عن قلوبنا المحزونة وقع الفاجعة».

مسيرة فنية طويلة

هو ممثل وابن عائلة قنوع الفنيّة الشهيرة التي اشتغلت لسنوات في المسرح الكوميدي «دبابيس» تحت اسم «الأخوين قنوع»، والتي أورثته الفن وأسسته فنياً، وهو ابن الفنان والمخرج الإذاعي الراحل مروان قنوع، ومن هذه العائلة انطلق.

وهو الابن البار والمثابر والمجتهد الذي بدع وأبدع، وتعدد في أعماله ومشاركاته فنراه قاسياً وشريراً وحنوناً ولطيفاً، وكان يثبت لنا مراراً أن الممثل الحقيقي ليس بحجم الدور المعطى له إنما من خلال إتقان دوره مهما كان هذا الفن الذي يعشقه ويزعم أنه لا يستطيع فعل شيء آخر سواه، فمنه انطلق وإليه كان يتطلع لغد حافل بمشاريع فنية منتظرة أفضل، قبل أن يباغته الموت.

ولد الفنان الراحل في دمشق في 26 أيلول عام 1973، وانضم إلى نقابة الفنانين السوريين في 3 آذار عام 1998، وهو خريج المعهد الفندقي والسياحي، وقد شارك في أكثر من 140 مسلسلاً.

أعماله

بدأ مع سلسلة «مرايا» عام 1995، وكانت هي الباب الذي دخل منه إلى الوسط الفني، حيث قدمته هذه التجربة ممثلاً ضمن أجزائها المتعددة وصولاً إلى العام 2013.

هناك أعمال تحمل نقطة تحول في حياته مثل «أيامنا الحلوة»، للمخرج هشام شربتجي، و«زمن العار» للمخرجة رشا شربتجي، و«سحابة صيف» للمخرج مروان بركات.

كما عمل محمد قنوع في الإذاعة منذ الصف الرابع الابتدائي مع والده المعروف بهذا المجال من خلال إخراجه لأهم البرامج، منها «حكم العدالة» واستمر بالعمل الإذاعي حتى عام 2014.

وله عدة مشاركات سينمائية، منها فيلمان هما «خارج التغطية» و«أيام الضجر» مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد.

اشتغل في الإعلانات ومساعد إنتاج ومساعد مخرج ومخرجاً منفذاً و«سكريبت» وممثلاً.

أدار إحدى شركات الإنتاج المعروفة في سورية لسنوات عدة، وكان صوته حاضراً دوماً في أهم المسلسلات المدبلجة.

من أعمال محمد قنوع نذكر «أيامنا الحلوة» و«أبو المفهومية» عام 2003 و«عصر الجنون» و«ليالي الصالحية» عام 2004 و«أحقاد خفية» و«غزلان في غابة الذئاب» عام 2006 و«وشاء الهوى» عام 2007 و«بيت جدي» و«أولاد القيمرية» و«يوم ممطر آخر» عام 2008 و«زمن العار» و«صدق وعده» و«شتاء ساخن» عام 2009 و«أسعد الوراق» و«الدبور» و«أهل الراية» و«القعقاع بن عمرو التميمي» و«تخت شرقي» عام 2010 والعشق الحرام» و«الولادة من الخاصرة» و«أيام الدراسة» عام 2011 و«الأميمي» و«طاحون الشر» و«بنات العيلة» عام 2012 و«قمر شام» عام 2013 و«الغربال» عام 2014 و«بانتظار الياسمين» و«شهر زمان» و«عناية مشددة» عام 2015 و«الخان» و«نبتدي منين الحكاية» و«مذنبون أبرياء» و«عطر الشام» و«أيام لا تنسى» عام 2016 و«الرابوص» و«شوق» عام 2017 و«فوضى» و«رائحة الروح» و«سايكو» و«المهلب بن أبي صفرة» عام 2018 و«أثر الفراشة» و«ما فيي» و«الحلاج» و«حرملك» عام 2019 و«على صفيح ساخن» و«حارة القبة» و«السنونو» عام 2021 و«مع وقف التنفيذ» و«كسر عضم» و«على قيد الحب» عام 2022، أما آخر أعماله خلال العام الجاري فكانت «مربى العز» و«كانون» و«مال القبان» و«العربجي» و«زقاق الجن» و«قرار وزير» و«صبايا فليكس».

فضل العائلة

وكان قنوع يؤكد أن للعائلة الفضل الأول لأن هناك شيئاً ربما له علاقة بالوراثة، فكل أعمامه كانوا يعملون بمجالات الفنون المتنوعة سواء بالكتابة أو بالإخراج أو التمثيل أو الخط أو كتابة الشعر، لذلك يقول إن العائلة أورثته الفن بالجينات حتى إن أحداً من أفراد العائلة لم يدرس ذلك أكاديمياً بل كانت مجرد موهبة لديهم.

باب الحارة

محمد قنوع صاحب شخصية «أبو سليم» لم يغب عن مسلسل «باب الحارة» أبداً قائلاً: إن العمل عبارة عن فانتازيا شامية، بدأت العمل فيه وسأستمر ما دام العمل موجوداً، وعلى اعتبار أنني ممثل لا أخفي حاجتي للمردود المادي الجيد وأظن حالي من حال جميع الممثلين حتى الذين انتقدوني. ولا يمكننا إنكار حقيقة أن المسلسل متابع عربياً وله جماهيرية كبيرة خصوصاً في السنتين الماضيتين، إذ إنه حاضر بشكل لافت».

كما كشف أن مشاركاته الأخيرة هي من أجل الأجر المادي فقط، وأنه ليس مقتنعاً بالشخصية، لكونها لا تضيف له وأصبحت شخصيته مكشوفة ولا يمكن التوسع بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن