الضحايا تجاوزوا الـ290.. ومستشارة أميركية سابقة: واشنطن مسؤولة عن العنف في السودان … الأمم المتحدة تحذر من «خطر بيولوجي» والجيش و«الدعم السريع» يواصلان تبادل الاتهامات
| وكالات
على حين أكدت وزارة الخارجية السودانية أمس استجابة القوات المسلحة لطلب وساطة سعودي أميركي لإقرار هدنة جديدة لمدة 27 ساعة، تبادل الجيش وقوات «الدعم السريع» اتهامات حول خرق الهدنة، في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من «خطر بيولوجي» مرتفع في هذا البلد بعد سيطرة «مقاتلين» على مختبر للصحة العامة، وذلك في أعقاب إعلان نقابة أطباء السودان ارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات بين الطرفين إلى 291 قتيلاً و1699 جريحاً بين المدنيين.
ونقلت وكالة أنباء السودان «سونا» عن الخارجية السودانية توضيحها أن استجابة قيادة القوات المسلحة السودانية لطلب الهدنة اعتباراً من صباح أمس الثلاثاء تأتي تأكيداً لحرصها التام على حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني.
ولفتت الخارجية السودانية إلى الخروقات والانتهاكات المتكررة لـ«المليشيات المتمردة» خلال فترة الهدنة السابقة، وأدانت بأقوى العبارات «السلوك الإرهابي والإجرامي لهذه المليشيات واستمرار نهجها في استهداف السفراء والدبلوماسيين ومقار البعثات الدبلوماسية»، معتبرة بهذا الصدد أن مقتل مساعد الملحق الإداري بالسفارة المصرية دليل إضافي على هذا السلوك الذي يمثل انتهاكاً مريعاً للقانون الدولي الإنساني.
وفي وقت سابق أمس، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان لها عن قبولها الوساطة السعودية الأميركية لوقف القتال الدائر في البلاد لهدنة تستمر لمدة 72 ساعة وذلك تخفيفاً على المواطنين ولدواعٍ إنسانية شريطة التزام «المتمردين» بوقف جميع الأعمال العدائية ومتطلبات استمراريتها.
بدوره، قال الناطق باسم القوات المسلحة السودانية حسب قناة «سكاي نيوز عربية»، إن قوات «الدعم السريع» استولت على عدد من المقار الحكومية، مشيراً إلى أن الأوضاع داخل العاصمة السودانية «هادئة» رغم تحركات «الدعم السريع» الأخيرة.
وحذر الناطق من أن الجيش سيرد على أي انتهاك من قوات «الدعم السريع» للهدنة الأخيرة، مشيراً إلى أن قناصة «الدعم السريع» يواصلون إطلاق النار وأن هذه القوات مسؤولة عن عمليات النهب والسرقة واقتحام السجون.
قوات «الدعم السريع» من جانبها اتهمت القوات المسلحة السودانية بعدم الالتزام بشروط الهدنة.
ووفق بيان لقوات «الدعم السريع» أوردته «سكاي نيوز» فان قوات الجيش تنتهك هدنة الأيام الثلاثة وقد هاجمت بالمدافع ارتكاز قوات «الدعم السريع» بـالقصر الجمهوري بالخرطوم وقالت إن ذلك «تصرف جبان» يتنافى مع شروط الهدنة الإنسانية التي خصصت لفتح ممرات آمنة.
وفي بيان سابق، قالت قوات «الدعم السريع» إنها ملتزمة بالهدنة الإنسانية المعلنة لمدة 72 ساعة «والتي وافقنا عليها والتزمنا بكل شروطها من أجل فتح ممرات إنسانية للمواطنين والمقيمين من رعايا الدول الشقيقة والصديقة».
وجاء في البيان أن الجيش «لم يلتزم بشروط الهدنة حيث ما زالت طائراته تحلق في سماء الخرطوم بمدنها الثلاث وهذا يمثل إخلالاً بائناً للهدنة وشروطها واجبة التنفيذ».
في الغضون، أعلنت نقابة أطباء السودان، وفق وكالة «سبوتنيك» عن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء الاشتباكات الدائرة بين الطرفين منذ 15 الشهر الجاري إلى 291 قتيلاً و1699 مصاباً.
وقالت النقابة في بيان أمس إن 71 بالمئة من المستشفيات المتاخمة القريبة من مناطق الاشتباكات «متوقفة عن الخدمة»، مشيرة إلى أنه تم قصف 13 مستشفى بينما تعرض 19 مشفى أخرى لإخلاء قسري نتيجة الاشتباكات.
وبينما تتسابق الدول إلى إجلاء رعاياها وموظفيها من السودان، حذرت منظمة الصحة العالمية من «خطر بيولوجي مرتفع» في هذا البلد بعد سيطرة «مقاتلين» على مختبر وطني في ظل المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ممثل المنظمة الأممية في السودان نعمة سعيد عابد في اتصال عبر تقنية الفيديو، إن «أحد الطرفين المتقاتلين يحتل مختبراً للصحة العامة، ما يشكّل خطراً بيولوجياً مرتفعاً جداً»، مشيرا إلى أن هذا المرفق يحتوي على عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
على خط مواز، أبدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين خشيتها من أن تدفع المعارك في السودان لفرار ما يصل إلى 270 ألف شخص نحو تشاد وجنوب السودان.
وقالت ممثلة المفوضية في تشاد لاورا لو كاسترو، إن 20 ألف لاجئ وصلوا إلى هذا البلد، ويتوقّع أن يتبعهم 100 ألف آخرون «في أسوأ الحالات». أما في جنوب السودان، ترجّح التقديرات الأممية دخول ما يصل إلى 170 ألف شخص، بينهم 125 ألفاً من جنوب السودانيين الذين سبق لهم اللجوء إلى الجار الشمالي.
بموازاة ذلك، واصل العديد من الدول إجلاء مواطنيها من السودان بينما تبذل أخرى جهوداً حثيثة لإخراج رعاياها من هذا البلد بظروف آمنة، في وقت قال فيه متحدث باسم الخارجية السودانية إن عمليات خروج الرعايا الأجانب تسير بشكل سلس.
في سياق متصل، تحدثت الكاتبة الأميركية جاكلن يبرنز المستشارة السابقة للمبعوث الأميركي إلى السودان في مقال لها بصحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولية واشنطن تجاه ما يحصل من عنف في السودان.
وقالت الكاتبة إنّ واشنطن «ركزت بشدة على الحصول على تنازلات، وتقسيم السلطة بين «الجماعات المسلحة في السودان للتوصل إلى اتفاقية سلام موقعة»، وعليه، فإن العنف في السودان هو ذنبنا».