قضايا وآراء

ارتجاج في الدماغ الأميركي!

| أحمد ضيف الله

بعد عملية اغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني قائد فيلق «القدس» في الحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في الـ3 من كانون الثاني 2020، بعد أن استهدفت طائرات أميركية سيارتهما داخل حرم مطار بغداد الدولي، شنت إيران في الثامن من الشهر نفسه، هجوماً صاروخياً على قاعدتين عسكريتين في العراق، بأكثر من 12 صاروخاً بالستياً، طالت قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار التي كانت تضم حينها نحو 1500 جندي أميركي، وقاعدة «حرير» في أربيل.

المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكابتن بيل أوروبان أعلن في الـ17 من كانون الثاني 2020 أن 11 جندياً أميركياً على الأقل أصيبوا في الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد.

بالمقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كلمة ألقاها على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في الـ22 من كانون الثاني 2020: «لا أعتبر إصابات جنودنا في قاعدة عين الأسد بالعراق خطيرة بالنسبة لإصابات أخرى»، موضحاً أن «الجنود الأميركيين المصابين في قاعدة عين الأسد ربما أصيبوا بصداع ليس أكثر»!

في الـ22 من شباط 2020، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، أن «عدد الجنود الأميركيين الذين أصيبوا بارتجاج في الدماغ بسبب إطلاق الصواريخ على قاعدة عين الأسد الشهر الماضي، قد ارتفع إلى 110».

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن في الـ23 من آذار 2023، أن «طائرة مسيرة استهدفت منشأة في قاعدة للتحالف الدولي شمال شرق سورية، ما نتج عنه مقتل متعاقد أميركي، وإصابة 5 من أفراد الخدمة الأميركية».

وفي الـ25 من الشهر ذاته، أوضح المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر في إيجاز صحفي، أن هجوماً بعشرة صواريخ استهدف قاعدة «القرية الخضراء» في دير الزور شرق سورية، مؤكداً أن «الهجوم لم يسفر عن أي إصابات في صفوف القوات الأميركية».

إلا أن القيادة المركزية الأميركية المسؤولة عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أعلنت في بيان لها في الـ14 من نيسان 2023، أن «23 جندياً أميركياً في سورية أصيبوا بصدمات دماغية خلال هجومين في 23 و24 آذار في شرق سورية»، وأن «فرقنا الطبية تواصل فحص وتقييم جنودنا لرصد أي مؤشرات على الإصابة بهذه الصدمات».

الولايات المتحدة الأميركية، وبعد عودتها مجدداً إلى العراق بحجة مقاتلة تنظيم «داعش» الإرهابي بعد أن كانت قد انسحبت منه بالكامل في الـ18 من كانون الأول 2011، لا تعترف عادة بسقوط قتلى في العمليات العسكرية التي تتعرض لها داخل الأراضي العراقية أو السورية، وفي أسوأ الأحوال تنسب قتلاها إلى أنهم من المتعاقدين مع الجيش الأميركي! مبدلة صياغة خسائرها من قتيل إلى مصاب بارتجاج في الدماغ، وهو ما سبق أن تم تسويقه في العراق، ومؤخراً لدى قيام المقاومين الأبطال باستهداف الوجود الأميركي في شمال شرق سورية، إضافة إلى التقليل من شأن وأهمية المواقع الأميركية المستهدفة.

ضباط أميركيون من بينهم قائد القوات الأميركية في «عين الأسد»، سبق أن أوضحوا بأن «الطائرات الأميركية الموجودة في «عين الأسد» هي للاستطلاع وللإسناد اللوجستي مثل الطعام أو البريد»! بعد أن وصف جنود عراقيون الهجوم على القاعدة بأنه كان مرعباً إلى الدرجة التي تسبب فيها بثني أبواب الملاجئ، ملحقاً أضراراً جسيمة بطائرات مسيرة وطائرات مروحية وبمعدات حربية أميركية مختلفة.

القوات الأميركية في العراق كانت تعمل على إنشاء مطار دولي عملاق وذي مواصفات عالمية لطائرات «بي 52» العملاقة في قاعدة «عين الأسد» الجوية، كمطارها الموجود في بريطانيا، وشيدت سياجاً عالياً على المساحة المختارة، وفرضت إجراءات احترازية لحماية موقع العمل، إلا أنه وبعد عملية القصف، واستمرار المقاومة العراقية باستهداف القاعدة مراراً، أُلغي المشروع، ليجري الحديث مؤخراً على أن من تبقى من الجنود الأميركيين في القاعدة هم لأغراض الصيانة وتقديم المشورة.

عملية قصف قاعدة «القرية الخضراء» في دير الزور شرقي سورية، خطوة أولى وصفعة في وجه من يحتمي بالجرائم الأميركية لإطالة تمرده ومحاولته الانسلاخ عن وطنه، كما أنها بداية مشروعة على طريق إخراج المحتل الأميركي من الأراضي السورية المقدسة، سنتها القيم السماوية والأرضية.

إعلان وزارة الدفاع الدنماركية في الـ23 من نيسان 2023، بسحب جميع العسكريين التابعين لها من العراق وسورية الذين شاركوا في عمليات ضد «داعش» الإرهابي، هي بداية خروج المحتلين من أراضينا في سورية والعراق دون رجعة.

سأل شخص رجلاً يجلس القرفصاء مسنداً ظهره إلى الحائط في ردهة مشفى، عن سبب ذهوله، فأجاب: «لا ماكو شي، أبويه شويه ميت».

ومن غير المستغرب أن تتطور وسائل إعلام المحتل الأميركي، لتصف إصابات جنودها، بأنه «موت دماغي خفيف».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن